الجديد برس:
كشف تقرير صحافي عن فساد مهول في منفذ الوديعة البري بمحافظة حضرموت الرابط مع السعودية، من خلال تحصيل جبايات غير قانونية (بدون سندات رسمية) تفرضها إدارة المنفذ على ملايين المسافرين والباصات والشاحنات “الواصلة والمغادرة” عبر المنفذ سنوياً.
وأوضح التقرير والوثائق التي نشرها موقع “يمن مونيتور”، أن “المنفذ خلال سنوات الحرب، أصبح مصدراً إيرادياً خاصاً لجيوب نافذين من قيادات الجمارك، بطرق غير قانونية، يشرف عليها مكتب مدير المنفذ “مطلق الصيعري”.
وكشف التقرير أن حجم الفساد والاختلاس في المنفذ يزيد عن 18 ملياراً و500 مليون ريال يمني سنوياً، تذهب لجيوب مسؤولين ونافذين يديرون المنفذ.
وأفاد مصدر خاص في ميناء الوديعة البري، (فضل عدم ذكر اسمه) بأن إدارة الميناء لا تزال حتى اليوم مستمرة بفرض مبلغ 10 ريالات سعودية على كل مسافر– أو ما يعادلها بالعملة اليمنية– بشكل غير قانوني مقابل ختم جواز السفر، أثناء الوصول أو المغادرة، وهو ما أكده مسافرون عبر المنفذ وسائقو باصات نقل جماعي.
ومن خلال التقرير السنوي لحركة المسافرين بميناء الوديعة البري عام 2023م، فإن أكثر من 2.1 مليون مسافر، عبروا منفذ الوديعة خلال عام 2023م، بينهم أكثر من 50 ألف مسافر من جنسيات عربية، وأكثر من 17 ألف مسافر من دول أجنبية، ما يعني أن إجمالي المبالغ التي تم تحصيلها منهم بطريقة غير قانونية والمقدرة بـ 10 ريالات سعودية على كل مسافر، تجاوز 21 مليون ريال سعودي.
وأشار المصدر إلى أن الكثير من المسافرين في المنفذ- بسبب الازدحام الشديد والطوابير الطويلة لا سيما في مواسم الحج والعمرة- يلجأون لدفع مبالغ أكثر لسماسرة يعملون في المنفذ من أجل ختم جوازاتهم بدون الانخراط في الطوابير أو الانتظار طويلاً، وهو السبب الرئيسي لاختلاق الاختناقات المتكررة، بحسب إفادة عدد من المسافرين.
وقال المصدر إن إيرادات باصات النقل الجماعي التي يستلمها مكتب مدير المنفذ، مطلق الصعيري، تصل سنوياً إلى 5.4 مليون ريال سعودي، حيث يدفع كل باص مبلغ 500 ريال سعودي، بدون سندات رسمية، بمتوسط 30 باصاً يومياً.
وأضاف المصدر أن هناك غرامات تفرض على باصات النقل الجماعي في المنفذ، بدون سندات رسمية، تصل إلى 300 ألف ريال يمني يومياً، وتصل سنوياً إلى 108 ملايين ريال يمني.
وأفاد بأن مبلغ 4.1 مليون ريال يمني يتم دفعها شهرياً لمكتب مدير المنفذ، من مخلِّصي الباصات، بدون سندات رسمية، بإجمالي سنوي يصل إلى49.2 مليون ريال يمني، موضحاً أن مكاتب التخليص هي مكاتب خاصة، مهمتها تسهيل دخول وخروج بضائع التجار ويبلغ عدد مكاتبها القديمة والحديثة نحو 150 مكتباً.
وتابع: هناك إيرادات سنوية تصل إلى أكثر من مليار ريال يمني سنوياً، موزعة بين إيجارات مكاتب تخليص، ومطاعم ومحال صرافة، وتجديد تراخيص مزاولة أنشطتها، ورسوم نظافة وتحسين، ورسوم دخول صهاريج المياه للمنفذ، لتلبية احتياجات المكاتب والمنشآت الخدمية.
ورغم الإيرادات الضخمة إلا أن المنفذ البري يملك أسوأ الخدمات التي تقدم للمسافرين اليمنيين الذين يبيتون في العراء لأيام قبالة المنفذ الحكومي.
وبحسب مذكرة لمكتب وزارة الأشغال العامة والطرق بمحافظة حضرموت، فإن مدير ميناء منفذ الوديعة، مطلق الصيعري، يقوم بصرف تراخيص مزاولة الأنشطة والخدمات، برسوم باهظة تصل إلى 100 ألف ريال يمني، علماً أن منح تراخيص فتح مكاتب الخدمات من اختصاص مكاتب وزارة الأشغال العامة والطرق، وتمنح وفقاً للإجراءات المتبعة بالمكتب وبالرسوم المحددة قانوناً.
وهذا ما أكده المصدر الذي قال إن مدير المنفذ أجبر مكاتب التخليص الجمركي باستصدار تراخيص مزاولة المهنة من مكتبه برسوم باهظة، رغم أن هذه المكاتب لديها تراخيص مزاولة المهنة من وزارة الأشغال، وهي الجهة المختصة بذلك.
ونوه المصدر بأن قرابة 150 شاحنة نقل محملة، سواء وصول أو مغادرة، تدفع مبلغ 15 ألف ريال يمني، يومياً، بدون سند رسمي، بإجمالي سنوي يصل إلى 81 مليون ريال يمني.
وأشار إلى أنه يتم دفع مبلغ 10 آلاف ريال على كل شاحنة محملة رسمياً (52 طناً) بمقدار 150 شاحنة وصول ومغادرة يومياً، فضلاً عن أن غالبية الشاحنات حمولتها زائدة عن الحمولة الرسمية وتقوم بدفع غرامات لميزان الشاحنات على كل طن زيادة، مبلغ 10 آلاف ريال، حيث أن أقل شاحنة تدفع غرامة مبلغ 60 ألف ريال يمني وأعلى شاحنة تدفع غرامة 400 ألف ريال.
وأضاف بأن ميزان وزن الشاحنات الموجود في المنفذ، ليس ملكاً للدولة، بل لشخص من أقرباء مدير المنفذ “مطلق الصيعري”، الذي قام بتركيبه بعد إعادة تشغيل المنفذ، وتصل إيراداته إلى 360 مليون ريال يمني شهرياً، أي بنحو 4 مليارات ريال سنوياً، موضحاً أن القانون يمنع إنشاء ميازين أو تركيب محطات خاصة.
سائقو شاحنات نقل عبر منفذ الوديعة، أكدوا أنهم يدفعون رسوماً غير قانونية نتيجة الاستغلال الذي يتعرضون له في المنفذ، والتي قد تصل إلى 50 ريالاً سعودياً.
ولم يكتفِ مدير منفذ الوديعة البري، مطلق الصيعري، بالأموال التي تحصلها بطرق غير قانونية طوال السنوات الماضية، والتي تقدر بمليارات الريالات، بل يصرف لنفسه مبالغ مالية كبيرة تحت بند مصروفات ونفقات تشغيلية.
وبحسب موازنة منفذ الوديعة البري، لعام 2022م فإن نفقات المدير العام للمنفذ خلال العام تضمنت:
– شراء سيارة لاندكروزر للمدير العام للمنفذ بمبلغ تجاوز 102 مليون ريال يمني.
– مصروفات ضيافة واستقبال ونثريات للمدير العام بمبلغ 6 ملايين ريال يمني.
– هاتف المدير العام بمبلغ 1.2 مليون ريال يمني.
– بدل سفر للمدير العام مبلغ 25 مليون ريال يمني.
– بترول المدير العام بمبلغ 6 ملايين ريال يمني.
– مياه وكهرباء للمدير العام بمبلغ2.4 مليون ريال.
– حافز المدير العام بمبلغ 11.7 مليون ريال.
– بدل انتقال للمدير العام مبلغ 6 ملايين ريال.
– بدل اتصالات للمدير العام بمبلغ 9.6 مليون ريال.
– التغذية للمدير العام بمبلغ 6 ملايين ريال.
– تعويض السكن للمدير العام بمبلغ 6.6 مليون ريال.
– تعويض الإضافي للمدير العام مبلغ 11.4 مليون ريال.
– بدل مسؤولية للمدير العام بمبلغ 12 مليون ريال.
– مستلزمات خدمية أخرى للمدير العام بمبلغ 43.1 مليون ريال.
يشار إلى أن السلطات المحلية بحضرموت أعلنت، في سبتمبر الماضي، استلام منفذ الوديعة البري بشكل رسمي إدارياً وأمنياً، من السعودية وقوات درع الوطن المدعومة من الرياض.
ويُعدّ ميناء الوديعة البري المنفذ الوحيد المفتوح بين السعودية واليمن، بعد ما أغلقت دول التحالف بقيادة الرياض منافذ: – الطوال (حرض) الذي كان يعبر منه قرابة 80% من المسافرين بين البلدين. – منفذي علب والبقع.
لتنتقل حركة وإيرادات المنافذ الثلاثة إلى الوديعة، الذي ارتفعت عائداته السنوية إلى مئات المليارات من الريالات، والتي ظلت محور صراع بين الفصائل الموالية للتحالف منذ بداية الحرب في مارس 2015م.