الجديد برس:
يتزايد استحواذ وسيطرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على البنك المركزي اليمني في عدن، بدءاً من هيكلة القطاعات وإعادة تشكيل البنية الفنية ووصولاً إلى التأثير المباشر في السياسات المالية، وتطلق الوكالة الأمريكية على هذا الاستحواذ والسيطرة، مسمى “الشراكة وتقديم الدعم الفني” للبنك المركزي بعدن، والممتدة منذ عام 2017، وفي أكثر من مناسبة تحدثت الوكالة عن استراتيجيات وآليات وإصلاحات من قبيل إعادة هيكلة القطاعات الرئيسية، وتحديث اللوائح والأنظمة، وتعزيز الإشراف الميداني والخارجي على البنوك وشركات الصرافة، وبناء قدرات الموظفين.
الوكالة الأمريكية للتنمية وقعت، الأحد، مع الحكومة اليمنية اتفاقية مساعدة مدتها خمس سنوات، شملت مجالات السياسات المالية والنقدية والتجارة الدولية والتعليم، في خطوة تثبت استمرار الاستحواذ الأمريكي على قرارات وخطط البنك المركزي اليمني في عدن.
وحسب وكالة “سبأ” التابعة للحكومة اليمنية، تركز الاتفاقية على تعزيز الاقتصاد اليمني من خلال تحسين السياسات النقدية والمالية ودعم التجارة الدولية. كما تشمل الاتفاقية برامج لتحسين الرعاية الصحية، والتعليم، والوصول إلى المياه النظيفة، وتعزيز الحكم الرشيد والمصالحة الوطنية.
ونقلت الوكالة عن وزير التخطيط والتعاون الدولي بالحكومة اليمنية، الذي وقع الاتفاقية مع الوكالة الأمريكية، قوله: إن الاتفاقية تجسد التزام الحكومة اليمنية المشترك مع الولايات المتحدة نحو تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في اليمن، وتقديرها للشراكة الطويلة الأمد مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”.
تأتي هذه الاتفاقية في وقت تواجه الحكومة اليمنية، انتقادات من الخبراء والناشطين نتيجة لسيطرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على مفاصل قرار البنك المركزي بعدن، وهو ما عززته الاتفاقية الجديدة بإشارته الصريحة إلى تمكين الوكالة في تدخلات تعزيز الاقتصاد اليمني وإجراءات تحسين السياسات النقدية، وفق المراقبين.
وكانت السفارة الأمريكية في اليمن أصدرت بياناً في أوائل أبريل الجاري، أدانت في إصدار بنك مركزي صنعاء للعملة المعدنية البديلة فئة 100 ريال، الأمر الذي أشار إلى أن قرار بنك مركزي عدن الرافض لإصدار العملة المعدنية البديلة للتالفة كان بإملاءات أمريكية، وهو ما اعتبره خبراء اقتصاديون دليلاً واضحاً على مستوى التدخل الأمريكي في كل قرارات وتوجهات بنك مركزي عدن، وفي ضوء الدور المتنامي للوكالة الأمريكية.
وفي أواخر مارس الماضي أصدر البنك المركزي في عدن قراراً بنقل مراكز البنوك التجارية من صنعاء إلى عدن وأمهل البنوك 60 يوماً لتنفيذ القرار، حيث أكدت مصادر مصرفية أن الوكالة الأمريكية تقف وراء القرار وفي ظل توجه أمريكي لتصعيد الحرب الاقتصادية والمصرفية مع حكومة صنعاء في إطار سلسلة من الخطوات الأمريكية منها وقف المساعدات الدولية في مناطق حكومة صنعاء للضغط على الأخيرة لوقف هجماتها على السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وهو الضغط الذي امتد إلى خارطة الحل السياسي التي تبنتها الأمم المتحدة كنتيجة للمفاوضات بين صنعاء والرياض برعاية سلطنة عُمان وتأجل الإعلان عنها بسبب اشتراط أمريكي بوضع وقف الهجمات على السفن الإسرائيلية ضمن تلك الخارطة.
قبل ذلك كانت مصادر مصرفية، كشفت لموقع “يمن إيكو”- في 22 مارس الماضي- عن الأسباب التي دفعت بالبنك المركزي اليمني في عدن وفرعه في محافظة مأرب إلى إيقاف وإغلاق 18 بنكاً تجارياً وشركات صرافة، وعلاقة ذلك بالمساعي الأمريكية لتنفيذ العقوبات المصاحبة لتصنيف أنصار الله الحوثيين في اليمن كجماعة إرهابية.
وأوضحت المصادر أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أشرفت مؤخراً على وضع أنظمة جديدة للبنك المركزي في عدن، منها “الشبكة الوطنية الموحدة” وهي نظام تحويلات مالية، وقام البنك المركزي في عدن بمطالبة البنوك وشركات الصرافة والتحويلات بالانضمام حصراً إلى ذلك النظام، وهو ما رفضه معظم البنوك التجارية وشركات الصرافة والتحويلات.
وأضافت المصادر أن الانضمام للشبكة الموحدة يمثل بالنسبة للحكومة اليمنية مصدراً لجني مليارات الريالات كرسوم استخدام لنظام الشبكة الموحدة والعمولات على التحويلات المالية، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإن الشبكة الموحدة التي صممتها الوكالة الأمريكية الحكومية “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” يمكنها من الاطلاع على البيانات المالية والمصرفية والتحويلات المالية لاستخدامها في مراقبة حركة الأموال والشركات في اليمن، بهدف فرض العقوبات باسم تنفيذ قرار تصنيف أنصار الله الحوثيين.
وكان محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد المعبقي، أقر ضمنياً في مقابلة لقناة الحدث العربية، في الـ 5 من أبريل الجاري، أنه يتخذ خطواته وإجراءاته ضد من أسماهم الحوثيين وفق تعليمات من المجتمع الدولي، حيث قال: “نحن نملك من الوسائل ما يمكن أن نوقف الحوثي من ناحية قانونية ودستورية وأيضاً من ناحية عملية وإجرائية، لكن أيضاً الدعم الخارجي مطلوب وهذا شغل الحكومة والرئاسة”. في إشارة إلى مساعي الرئاسي وحكومته للحصول على الموافقة الدولية ليتخذ إجراءاته.
وقال المعبقي- في معرض رده على سؤال مذيع القناة حول ما إذا كان هناك خطوات قادمة للبنك: “أكيد هناك خطوات مؤثرة وفاعلة أكثر من الخطوة هذه. هذه هي خطوة تنظيمية لكن الخطوات الإجرائية الأخرى والعقابية أو الاحترازية نقول والتي تحمي أصول المالية للمؤسسات والأفراد هي موجودة وجاهزة وإنما أجلنا إصدارها فقط بطلب من المجتمع الدولي”.
المصدر: يمن إيكو