الجديد برس:
أكد الخبير وباحث الآثار اليمني عبدالله محسن عدم تجاوب الحكومة اليمنية الموالية للتحالف السعودي الإماراتي بشأن استعادة آثار اليمن المنهوبة والمهربة إلى الخارج وعجزها عن استقدام بعض القطع الأثرية من المتبرعين الأجانب وورثتهم، جراء عدم قدرتها على تمويل النقل والتأمين، كاشفاً في الوقت نفسه عن تفاصيل ملفين وصفهما بالهامين لقطع يمنية ثمينة في “سويسرا” و”إسرائيل”.
وقال محسن في منشور على حسابه بموقع “فيسبوك”، تحت عنوان (إنكار عبري وتأكيد سويسري.. آثار اليمن): “كانت الأبواب مقفلة. لم تعد وزارة الثقافة تتجاوب مع أي بلاغ عن أي مزاد تباع فيها آثارنا، الأمر ذاته ينطبق على الكثير من سفاراتنا في الخارج. وبلغ الأمر إلى عجز الحكومة عن استقبال الآثار المقدمة لها من المتبرعين الأجانب وورثتهم، بسبب عدم قدرتها على تمويل النقل والتأمين”.
وأضاف محسن “أصبح وضع الآثار مأساوياً وقاتماً لدرجة أن إحدى سفاراتنا المتعاونة وقفت عاجزة عن توفير نسخة مترجمة لقانون الآثار وتعديلاته بشكل رسمي من وزارة الشؤون القانونية، تلبية لطلب جهة حكومية أجنبية في البلد المضيف”.
وتابع بالقول: “وسط كل هذا، كان هناك ملفان مهمان في الاتحاد السويسري وإسرائيل، ملف العروش الأثرية في الأولى ومزاد آثار من مقتنيات شلومو موساييف في الثانية”.
وعن تفاصيل عروش اليمن في سويسرا قال باحث الآثار عبدالله محسن إنه كان قد “نشر في أكتوبر 2021 عن عروش اليمن المهربة من الجوف، وذكر أن أحد النافذين قام بتهريبها في عام 2010م إلى سويسرا بتواطؤ من بعض الشخصيات الحكومية آنذاك، خصوصاً أن وزن كل عرش طن وارتفاعه 1.24 متراً، وعرضه 63 سم، وعمقه نصف متر، الأمر الذي يصعب إخفاؤه”.
وتابع محسن “وفي ديسمبر 2023م تلقيت اتصالاً من صديق يقدم خدمات بحثية بشكل رسمي لجهات شرطية وقضائية مختصة بجرائم الآثار في أوروبا، وأبلغني بمصادرة القضاء السويسري (جنيف) للعرشين الأثريين الذين نشرت عنهما، وأن التحقيقات مستمرة في مكتب المدعي العام، والعرشان من مقتنيات هشام وعلي أبو طعام المالكين لشركة (فينيكس للفن القديم) الشهيرة والتي تلاحقها الاتهامات بالاتجار بالآثار العراقية والمصرية وغيرها”.
وأشار الباحث محسن إلى “تواصل مندوب اليمن لدى اليونسكو مع السيدة كريستا بيكات مديرة هيئة الثقافة والطوارئ في مركز التراث العالمي التابع لليونسكو، لمخاطبة الجهات السويسرية المختصة للنظر في أفضل السبل للحفاظ على هذه الآثار اليمنية القيمة في الوقت الحاضر لحين دراسة إمكانية إعادتها إلى اليمن”.
وبيّن محسن أن “الرد جاء من رئيسة الخدمة المتخصصة لنقل الممتلكات الثقافية في سويسرا ليؤكد أن (الإجراءات مع المدعي العام في كانتون جنيف مفتوحة، والقضية الآن في أيدي العدالة)”، لافتاً إلى أنه “في نهاية الإجراء، سيتم مصادرة الممتلكات وإسنادها إلى الإدارة المتخصصة للنقل الدولي للممتلكات الثقافية داخل المكتب الفيدرالي للثقافة من أجل إعادتها إلى بلدها الأصلي، وستقوم الخدمة المتخصصة بالاتصال بالممثلية الدبلوماسية لليمن في سويسرا من أجل الاتفاق على الوقت المناسب لهذا النقل”.
وأوضح محسن أنه “من خلال التتبع المستمر، وجد أن غالبية آثار اليمن المعروضة في مزادات أوروبا تكون فرنسا هي نقطة التجميع لها قبل توزيعها”، مؤكداً أنه “في السنوات الماضية اكتشف المكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالآثار في وزارة الداخلية الفرنسية 15 قطعة أثرية يمنية أثناء البحث في مستودع في منطقة باريس، وبدأ تحقيقاً أمنياً حولها واستعان بعدد من الخبراء الذين أفادوا بأنها من اليمن”.
وفيما يخص مزادات “إسرائيل” قال محسن: “منذ سنوات طوال بدون توقف، ومزاد المركز الأثري الذي ينظمه عالم الآثار الإسرائيلي الشهير والمثير للجدل الدكتور روبرت دويتش، على منصة المزادات العالمية بيدسبريت، يعرض العديد من آثار اليمن، تكاد تكون كلها من مجموعة شلومو موساييف”.
وحسب ما ذكره المختص في الآثار فإن “مندوب اليمن قد بعث خطاباً إلى أمانة اتفاقية 1970 في اليونيسكو بشأن مزاد يوم 25 أبريل 2024م، ودعت اليونسكو في 11 أبريل 2024م روبرت دويتش لتزويد السلطات اليمنية بأي وثائق داعمة فيما يتعلق بالبيع والتوصية بتعليقها المؤقت في انتظار هذه الوثائق”، مشيراً إلى أن المنظمة “تلقت رداً غريباً للغاية مكوناً من ثلاث نقاط، الأولى تتعلق بقانونية جمع القطع الأثرية تحت إشراف سلطة الآثار الإسرائيلية والأخرى عن اكتشاف العديد من الآثار اليمنية في عملية تنقيب خارج اليمن، والثالثة تطالب اليمن بأدلة ووثائق داعمة لإثبات أن هذه العناصر قد تم إزالتها بشكل غير قانوني من اليمن في السنوات الأخيرة”.
واختتم الباحث محسن منشوره بقوله “لقد تم الرد بشكل قانوني على ادعاءات دويتش، إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى تفعيل دور قطاع قضايا الدولة في وزارة الشؤون القانونية وإلى تحرك حكومي فاعل”.
وسبق أن اتهم الخبير وباحث الآثار اليمني عبدالله محسن، قيادات المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية التابعة للتحالف السعودي الإماراتي بالتورط في بيع آثار اليمن وتهريبها إلى الخارج.
وقال محسن في منشور على حسابه بمنصة “فيسبوك”، بتاريخ 12 مايو الجاري، تحت عنوان (بدون رتوش): “تباع الآثار وتهرب وتضيع بتوجيهات عليا شفهية من أعلى قمة في السلطة، بالتغاضي عن الحفر العشوائي والتهريب تحت مبرر أن اليمن في حرب، وأن الدولة لا تريد الدخول في صراع مع النافذين في المجتمعات المحلية. ولا تملك الموارد المالية الكافية للمتابعات القانونية في الخارج”.
وكان الخبير وباحث الآثار عبدالله محسن، كشف خلال الفترة الماضية، عن تعرض الآثار والمخطوطات اليمنية لعملية تجريف ونهب وتخريب وتهريب إلى خارج البلاد، ارتفعت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة، كما نشر تفاصيل كثيرة عن آثار يمنية قديمة يتم عرضها وبيعها في العديد من بلدان العالم، أغلبها في دول عربية وغربية، ويدعو الحكومة اليمنية بشكل متكرر إلى استعادة هذه القِطع، التي يتم عرضها في المزادات بمبالغ زهيدة، والعمل على منع تهريب آثار اليمن أو خروجها من البلاد.