الجديد برس:
أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من التوصل إلى اتفاق نهائي على معاهدة دفاع ثنائية، وذلك بعدما أحرز مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، تقدماً كبيراً في المحادثات مع المسؤولين السعوديين، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان، مطلع هذا الأسبوع.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن الجانبين اقتربا “أكثر من أي وقت مضى” من اتفاق ثنائي، موضحاً أن هذا الاتفاق صار الآن “شبه نهائي”.
وقال مسؤول أمريكي ثانٍ إن واشنطن والرياض “قريبتان جداً من التفاهم على العناصر الرئيسة بينهما”، مضيفاً أنه سيتعين بعد ذلك “العمل على أجزاء متعلقة بالإسرائيليين والفلسطينيين، وهي عنصر حاسم في أي اتفاق تطبيع محتمل”، على حد قوله.
تأتي هذه التصريحات بعدما أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي أن إدارة بلاده “لن توقع اتفاقية دفاع مع السعودية، في حال عدم موافقة الأخيرة وإسرائيل على تطبيع العلاقات”، موضحاً أن الأمرين مرتبطان ببعضهما بعضاً، بحيث “لا يمكن فصل قطعة عن الأخرى”، كما قال.
وبحسب ما نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في وقت سابق، نفى سوليفان صحة الاقتراحات التي تحدثت عن “النظر في اتفاق ثنائي بين واشنطن والرياض إذا رفضت تل أبيب تقديم تنازلات للفلسطينيين”.
يُذكر أن الأمريكيين والسعوديين يسعون للتوصل إلى اتفاق ثنائي يشمل مساعدة أمريكية للسعودية في مجال الطاقة النووية المدنية، وضمانات أمريكية رسمية للدفاع عن المملكة.
يُضاف إلى ذلك حصول السعودية على أسلحة أمريكية أكثر تقدماً في مقابل أن توقف الرياض مشتريات الأسلحة من بكين وتحد من الاستثمارات الصينية.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أمريكي إن المفاوضين يناقشون أن تبيع الولايات المتحدة السعودية طائرات مقاتلة من طراز “F-35” وأسلحة أخرى ضمن الاتفاق.
ويتعيّن على أي صفقة أن تلتزم اتفاقاً أمريكياً – إسرائيلياً قديماً يضمن ألا تُضعف الأسلحة التي تبيعها واشنطن في المنطقة التفوق العسكري النوعي لدى الاحتلال الإسرائيلي، بحيث تكون الأسلحة الأمريكية المقدمة إليه “متفوقةً في القدرة” على تلك التي تباع إلى دول المنطقة.
ويحق للجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي والشؤون الخارجية في مجلس النواب إعادة النظر في مبيعات الأسلحة ومنعها.
ولن ترقى الاتفاقية الدفاعية الأمريكية – السعودية إلى مستوى معاهدة حلف شمال الأطلسي، بحسب ما أكده مسؤول أمريكي، فيما يُتوقع أن تتضمن أيضاً تبادل تقنيات ناشئة مع الرياض، ومنها الذكاء الاصطناعي.
وهذا الاتفاق يشكل جزءاً من صفقة أكبر لإقناع المملكة بالتطبيع مع “إسرائيل”، الأمر الذي يواجه عقبات تحث عنها السفير الأمريكي لدى كيان الاحتلال، يوم الثلاثاء 21/5، عندما أوضح أن إقامة علاقات رسمية إسرائيلية – سعودية في إطار اتفاق ثلاثي، قيد التحضير تشارك فيه واشنطن، يتطلب تهدئة الحرب في غزة ومناقشة آفاق نظام حكم فلسطيني، مؤكداً على الفائدة الاستراتيجية من هذا التوجه.
وفي هذا السياق، تتوقع الولايات المتحدة الحصول على فوائد استراتيجية كبيرة من الاتفاقيات المرتقب إنجازها مع السعودية قريباً ضمن مسار تطبيع العلاقات بين المملكة و”إسرائيل”، الأمر الذي يثير تساؤلات حول المستفيد الأكبر من هذه الاتفاقيات.
والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأحد الماضي، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، لبحث ما وصفته وكالة الأنباء السعودية بـ“صيغة شبه نهائية” للاتفاقيات بين المملكة والولايات المتحدة، وهي اتفاقيات ستشمل جوانب أمنية ودفاعية وأيضاً استثمارية، مقابل موافقة السعودية على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
ونشرت وكالة “رويترز” تقريراً ذكرت فيه أن الولايات المتحدة ستحصل على فوائد استراتيجية من هذه الاتفاقيات ومنها “دعم أمن إسرائيل وبناء تحالف أوسع ضد إيران وتعزيز العلاقات الأمريكية مع واحدة من أغنى الدول العربية في وقت تسعى فيه الصين إلى توسيع نفوذها في الخليج”.
وبحسب التقرير أيضاً فإن الولايات المتحدة ستحصل على فوائد تجارية منها وضع قطاع الصناعة الأمريكي في موقع رئيسي للفوز بعقود بناء محطات الطاقة التي من المتوقع أن يتضمنها الاتفاق، حيث يرى التقرير أن الشركات الأمريكية ستعزز بذلك مصالحها أمام منافسيها من الشركات الروسية والصينية.
وتُشير هذه المعطيات إلى أن المصالح الأمريكية هي الأكثر بروزاً في المشهد، إذ يبدو بوضوح أن محددات حماية “إسرائيل” والصراع مع إيران والتنافس التجاري مع روسيا والصين هي المحددات التي تحكم طبيعة الاتفاقيات بين السعودية والولايات المتحدة، الأمر الذي يعني أن السعودية لن تحقق مكاسب فعلية من تلك الاتفاقيات بل ستحصل على بعض المميزات المحدودة في إطار المصالح الأمريكية الأكبر.