الجديد برس:
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقابلة تلفزيونية سابقة لمحافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب المعبقي، تعود إلى عام 2023.
وأكد المعبقي في تلك المقابلة على ضرورة بقاء البنوك التجارية في صنعاء، مشيراً إلى استحالة تحمّل الحكومة اليمنية الوفاء بالالتزامات المالية التي ستترتب على نقل المقار الرئيسة للبنوك من صنعاء إلى عدن.
وقال إن البنك غير قادر على تحمل تبعات إجبار البنوك على نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن، مؤكداً أن إجبار البنوك على النقل سيتطلب من البنك المركزي في عدن الالتزام بسداد مديونية على هذه البنوك تبلغ 1.7 تريليون ريال، حقوقاً للمودعين.
وبعد قرابة عام من تلك المقابلة، أصدر المعبقي قراراً يقضي بنقل المقار الرئيسة للبنوك إلى عدن. وتساءل الناشطون عن السبب وراء هذا التغيير الجذري في موقف المعبقي.
واعتبروا أن الحجج التي ساقها المعبقي خلال مؤتمره الصحفي يوم الجمعة لتبرير قرار إيقاف التعامل مع ستة بنوك تجارية وإسلامية في صنعاء، لرفضها قرار النقل، غير مقنعة وتضمنت تناقضات واضحة.
وأشار الناشطون إلى أن التناقضات في تصريحات المعبقي والحجج غير المقنعة التي قدمها لتبرير قراره، تُشير إلى وجود دور خارجي بصفة عامة والأمريكي بصفة خاصة في هذا القرار.
ورجّح البعض أن المعبقي تعرض لضغوط خارجية دفعته إلى اتخاذ هذا القرار، متعارضاً مع تصريحاته السابقة ومصالح اليمن.
ويطرح مراقبون تساؤلات حول قدرة بنك عدن المالية على الوفاء بالتزاماته تجاه عملاء تلك البنوك التجارية والإسلامية وعملائها في مناطق حكومة صنعاء، خاصةً بعد قرار إيقاف التعامل معها. ووفق المراقبين يُعدّ هذا التناقض صارخاً، فكيف يُمكن لبنك عدن الوفاء بالتزامات أكبر بكثير بعد قرار النقل، بينما كان غير قادر على ذلك قبل القرار؟
ويشير المراقبون إلى أن قرار المعبقي لا يحمل أي صفة سيادية، مُشككين في الدوافع الحقيقية وراءه. ويرى البعض أن السياسات والقرارات الأمريكية تجاه الحوثيين، وتصنيفهم ضمن قوائم الإرهاب، تلعب دوراً رئيسياً في هذه التطورات.
والجمعة، أوضح محافظ البنك المركزي بعدن أحمد غالب المعبقي، خلال مؤتمر صحفي عقده في عدن، أن قرار البنك بنقل المقرات الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء إلى عدن- قراراً سيادياً- وفي الوقت نفسه أكد أن القرار جاء بسبب تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الأسترالية لمن أسماهم “الحوثيين” كمنظمة إرهابية.
وقال المعبقي: إن “إن البنك المركزي في عدن صبر على كثير من التجاوزات والانتهاكات”، مشيراً إلى أن “الحوثيين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء التي لا يمكن السكوت عليها، خصوصاً بعد تصنيفهم كجماعة إرهابية من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الأسترالية.
وأشار المعقبي خلال إحاطته للصحفيين، إلى أن البنك كان قد اعتزم إصدار مثل هذا القرار لكن مؤسسات المجتمع الدولي (صندوق النقد والبنك الدوليين) حالت دون ذلك وطلبت منا تأجيل القرار حتى تتحدث تلك المؤسسات مع الطرف الآخر (حكومة صنعاء) لافتاً إلى أن القرار تم اتخاذه الآن بعد التشاور مع تلك المؤسسات.
وكان البنك المركزي في عدن أصدر قراراً في الثاني من أبريل الماضي بنقل المقرات الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء إلى عدن، ويوم الخميس وعلى خلفية ذلك القرار أصدر البنك قراراً جديداً بوقف التعاملات مع ستة بنوك بسبب عدم امتثالها لقرار نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، وجاء فيه أن “على كافة البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة العاملة في الجمهورية اليمنية وقف التعامل مع البنوك والمصارف المدرجة أدناه، وهي: 1- بنك التضامن، 2- بنك اليمن والكويت، 3- مصرف اليمن والبحرين الشامل، 4- بنك الأمل للتمويل الأصغر، 5- بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، 6- بنك اليمن الدولي”.
وفي المقابل، أصدر البنك المركزي بصنعاء قراراً بحظر التعامل مع 13 بنكاً قال إنها مارست أعمالاً مصرفية بدون تراخيص، وخالفت أحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما اتهمها بالتعامل مع جهات أُدينت دولياً بالفساد وغسل الأموال وتمويل جماعات إرهابية، بالإضافة إلى قيامها بتسليم بيانات مالية إلى دول وكيانات معادية.
وشمل القرار: (بنك القطيبي الإسلامي للتمويل الأصغر – بنك البسيري للتمويل الأصغر- بنك عدن الإسلامي للتمويل الأصغر – بنك عدن الأول الإسلامي – البنك الأهلي اليمني، عدن- بنك التسليف التعاوني الزراعي، عدن – بنك الشمول للتمويل الأصغر الإسلامي – بنك السلام كابيتال للتمويل الأصغر الإسلامي- بنك تمكين للتمويل الأصغر – بنك الإنماء للتمويل الأصغر -بنك الشرق اليمني للتمويل الأصغر الإسلامي – بنك حضرموت التجاري- بنك بن دول للتمويل الأصغر الإسلامي).
وتُشير اتهامات متزايدة إلى سيطرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على شؤون وقرارات البنك المركزي اليمني في عدن، حيث تعود جذور هذه السيطرة إلى عام 2017، بعد نقل عمليات البنك المركزي ووظائفه من صنعاء إلى عدن.
وتحت مسمى “الشراكة وتقديم الدعم الفني” للبنك المركزي في عدن، سلكت الوكالة مساراً استحواذياً، حيث وقعت في أبريل الماضي اتفاقية مساعدة مع الحكومة اليمنية الموالية للتحالف مدتها خمس سنوات، شملت مجالات السياسات المالية والنقدية والتجارة الدولية والتعليم.
وتُعد هذه الخطوة دليلاً واضحاً على استمرار مسار الاستحواذ الأمريكي على قرارات وخطط البنك المركزي اليمني في عدن.
كما أدانت السفارة الأمريكية في اليمن، في بيان صدر في أوائل أبريل الجاري، إصدار بنك مركزي صنعاء للعملة المعدنية البديلة فئة 100 ريال.
ويشير ذلك إلى أن قرار البنك المركزي في عدن الرافض لإصدار العملة المعدنية البديلة للتالفة كان مرتبطاً بالموقف الأمريكي.
ويُعد هذا، بحسب خبراء اقتصاديين، دليلاً واضحاً على مستوى التدخل الأمريكي في قرارات وتوجهات البنك المركزي في عدن.