الجديد برس:
يشهد اليمن تصعيداً جديداً على جبهة التحويلات المالية، حيث يسعى البنك المركزي في عدن، المدعوم من الولايات المتحدة، إلى فرض قيوداً صارمة على التحويلات الخارجية إلى مناطق سيطرة حكومة صنعاء. وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي واشنطن لمكافحة تمويل الحوثيين، بينما تؤكد صنعاء أنها محاولة لخنق الاقتصاد اليمني وإخضاعها على إيقاف عملياتها المساندة لغزة.
وأكد محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب المعبقي، في تصريحات نقلها موقع “أخبار الآن”، أن القرارات الأخيرة التي اتخذها البنك بشأن البنوك والمصارف تهدف إلى “فرض نظام رقابة على التحويلات الخارجية”.
وأوضح المعبقي، أن القرارات تهدف إلى “توحيد الاقتصاد اليمني وحماية البنوك التجارية ومدخرات المواطنين، ومراقبة حركة الأموال والحد من تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وتعزيز دور البنك المركزي كمؤسسة سيادية وحيدة مخولة قانونياً ودستورياً، ومسؤولة أمام المجتمع الدولي”.
وأشار المعبقي إلى التحديات التي تواجهها اليمن في مجال التحويلات المالية، ومنها انتشار قنوات التحويل غير القانونية، حيث تتم معظم التحويلات عبر شركات الصرافة بدلاً من البنوك، واعتماد اليمنيين، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، بشكل كبير على التحويلات الخارجية من مؤسسات رسمية مثل موني جرام وويسترن يونيون، أو عبر تطبيقات مثل (إس تي سي) والراجحي وآبل باي في المملكة العربية السعودية.
وشدد المعبقي على سعي البنك المركزي في عدن إلى “محاصرة الشركات غير المرخصة ومنعها من استخدام أي شبكات للتحويل، وضمان حصول الوكالات والشركات على تراخيص لازمة كجزء من عملية الامتثال”.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الولايات المتحدة لعبت دوراً رئيسياً في دفع البنك المركزي في عدن لاتخاذ هذه القرارات. حيث أفادت تقارير إعلامية بأن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أشرفت على وضع أنظمة جديدة للبنك المركزي في عدن، بما في ذلك “الشبكة الوطنية الموحدة” للتحويلات المالية.
وتتيح هذه الشبكة للولايات المتحدة الاطلاع على البيانات المالية والمصرفية والتحويلات المالية في اليمن، مما يمنحها أداة قوية لمراقبة حركة الأموال والشركات، بهدف فرض العقوبات باسم تنفيذ قرار تصنيف أنصار الله الحوثيين كجماعة إرهابية.
وتعترض حكومة صنعاء بشدة على هذه الخطوات، معتبرةً إياها “حصاراً اقتصادياً” يهدف إلى إخضاعها. فيما تصف حركة أنصار الله القرارات الأمريكية التي ينفذها مركزي عدن بضوء أخضر سعودي بأنها “عدوان اقتصادي” على الشعب اليمني.
وقد تُلقي هذه القرارات الأخيرة بظلالها على مختلف جوانب الحياة في اليمن، حيث ستواجه آلاف الأسر اليمنية صعوبة في تلقي التحويلات المالية من أقاربها في الخارج، خاصةً في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، حيث تعتمد على التحويلات المالية الخارجية بشكل كبير.
وفي مؤتمر صحفي عقده نهاية مايو الماضي، أوضح محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب المعبقي، أن قرار الولايات المتحدة بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية كان أحد الدوافع وراء القرارات الأخيرة للبنك، والتي شملت نقل مراكز البنوك والمصارف من صنعاء وفرض قيود على التحويلات الخارجية.
وأضاف المعبقي أن البنك المركزي في عدن “تحمل الكثير من التجاوزات والانتهاكات” من قبل الحوثيين، وتجاوزوا “كل الخطوط الحمراء التي لا يمكن السكوت عليها”، خصوصاً بعد تصنيفهم كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الأسترالية.
ونشرت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية الأسبوع الماضي تقريراً نقلاً عن أربعة مصادر مطلعة بينهم مسؤول رفيع يعمل في وزارة الخارجية الأمريكية، يُفيد بأن قرارات البنك المركزي في عدن الأخيرة تحظى بدعم الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين، وأنها حصلت على موافقة ضمنية من قبل السعوديين، الذين يمولون حكومة عدن والبنك المركزي هناك.
ووفقاً للتقرير، فقد أبلغت واشنطن جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السعودية، بأن العناصر الرئيسية للخطة التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تم الاتفاق عليها في ديسمبر الماضي، لا يمكن تنفيذها ما لم يوقف الحوثيون هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل”.
وتُشير مختلف المعلومات المترابطة إلى أن القرارات الأخيرة للبنك المركزي في عدن، والتي تستهدف البنوك والمصارف العاملة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، تأتي في إطار الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على صنعاء بهدف وقف عملياتها البحرية المساندة لغزة.