الجديد برس:
قالت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية إن الفشل في ردع قوات صنعاء واستعادة السيطرة على البحر الأحمر يمثل أكبر انتكاسة وجودية للبحرية الأمريكية منذ خمسين عاماً، وإنها تهدد التجارة البحرية الأمريكية التي تقدر بالتريليونات، معتبراً أنه يجب على السياسيين الأمريكيين أن يتحملوا مسؤولية إرسال القوات الأمريكية بدون معدات مناسبة إلى مهمة غير واضحة المعالم.
ونشرت الصحيفة تقريراً جاء فيه أنه “على مدى الأشهر القليلة الماضية، عانت البحرية الأمريكية من أكبر انتكاسة لها منذ خمسين عاماً، وهي كارثة أكثر تدميراً من غرق السفينة (بون هوم ريتشارد) على الرصيف أو فقدان 17 بحاراً في تصادم مدمرتين”.
وأضاف: “إنها نكسة وجودية، وتثير تساؤلات حول سبب أساسي لوجود البحرية نفسها، إذ يبدو أن البحرية تتخلى عن مهمة أساسية وهي: إبقاء الممرات البحرية الحيوية مفتوحة للتجارة، فبعد انتشار دام تسعة أشهر لاستعادة السيطرة على البحر الأحمر من الحوثيين في اليمن، عادت مجموعة حاملة الطائرات (دوايت د. أيزنهاور) إلى الولايات المتحدة، بدون إزاحة الحوثيين”.
وأشار التقرير إلى أن “النقل البحري يمثل 5.4 تريليون دولار من التجارة الأمريكية السنوية، ويدعم 31 مليون وظيفة أمريكية”.
وقال إنه “تم تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما أضاف أكثر من 11000 ميل، وأسبوع إلى أسبوعين لكل رحلة، ومليون دولار إضافية من الوقود لكل رحلة، كما ارتفعت أقساط التأمين بنسبة 1000%، والحاوية التي كانت تكلف 1500 دولار للشحن أصبحت تكلف الآن 6000 دولار”.
وتابع “إن الحفاظ على الممرات البحرية مفتوحة كان جزءاً أساسياً من مبرر وجود البحرية منذ تأسيس الجمهورية، وقد تم إنشاء البحرية إلى حد كبير لحماية الشحن التجاري، وقد استمر هذا الدور حتى الوقت الحاضر، وكما قال جون كينيدي ذات يوم: (يتعين على الولايات المتحدة السيطرة على البحر إذا كانت راغبة في حماية أمننا)”.
ولكن بحسب التقرير “عندما عادت مجموعة (أيزنهاور) القتالية إلى نورفولك الشهر الماضي، لم ترفع لافتة تعلن أن المهمة أنجزت، بل على العكس من ذلك، أصدرت البحرية رسالة كانت، في أحسن الأحوال، أقل من ملهمة، حيث تفاخرت بأن هذا الانتشار كان غير مسبوق، فلم يكن طويلاً بشكل غير عادي فحسب، بل كان أيضاً أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تتعرض فيها حاملة طائرات أمريكية لتهديد مباشر مستمر من عدو”.
وأضاف أن السفن الأمريكية “أطلقت 155 صاروخاً من طراز ستاندرد-2 ضد طائرات الحوثيين بدون طيار، و135 صاروخاً من طراز توماهوك على أهداف برية، وأطلقت الطائرات البحرية ما يقرب من 60 صاروخاً جو-جو و420 سلاحاً جو-أرض”.
ولكن “المهمة فشلت” بحسب التقرير الذي أكد أن “الحوثيين ما زالوا يسيطرون على البحر الأحمر، ورغم كل الجهود والتفاني والمهارة التي أظهرها البحارة وأطقم الطائرات، فإن كل هذا كان أقل من أن يؤدي إلى إنجاز المهمة”.
واعتبر التقرير أن هناك “سببين محتملين: الأول أن البحرية الأمريكية تفتقر إما إلى الوسائل والخبرة اللازمة للقيام بأي شيء حيال ذلك، والثاني أن إدارة بايدن خلصت إلى أن التكلفة أو المخاطر أو القيمة الاستراتيجية المترتبة على تحقيق مثل هذه المهمة لا تستحق الجهد السياسي المبذول، ولكن أياً كان السبب، فإن الفشل قوض أحد الأسباب الرئيسية للحفاظ على بحرية باهظة التكاليف”.
وقال: “إن هناك ثلاث طرق لمعالجة مشكلة سيطرة الحوثيين المستمرة، الأولى هي الاعتراف بأن الأدوات التي تستخدمها البحرية كانت غير مناسبة إلى حد كبير للمشكلة، حيث بلغت تكلفة كل صاروخ (توماهوك) و(ستاندرد 2) مليوني دولار على الأقل، من أجل استهداف طائرة بدون طيار بقيمة 2000 دولار، وحتى في مواجهة كل ما نتعلمه من الحرب بين روسيا وأوكرانيا حول استخدام الطائرات بدون طيار، فإننا لا نتكيف بالسرعة الكافية لتجهيز سفننا لهذا الواقع الجديد غير المتماثل”.
والطريقة الثانية بحسب التقرير هي “عدم الميل إلى قياس المدخلات- الذخائر التي يتم إطلاقها- بدلاً من النتائج، وهذا هو التفكير الذي كان سائداً في حقبة حرب فيتنام، وبدلاً من ذلك، يتعين على البحرية أن تقيس نجاحها بالنتائج التي تحققها”.
وثالثاً، اعتبر التقرير أنه “يتعين على الزعماء السياسيين أن يكونوا صريحين بشأن إرسال قوة بحرية غير مجهزة بشكل جيد في مهمة غير محددة المعالم، وأن يتحملوا المسؤولية عن ذلك”.
واختتم بالقول: “نحن الآن في خضم منافسة انتخابية متقاربة، ومن غير المرجح أن يعترف أي مرشح بأننا لا نملك الموارد (أو الإرادة السياسية) اللازمة لاستعادة السيطرة على هذا الممر البحري الحيوي، ولكن حتى ذلك الحين، لا ينبغي لنا أن نرسل شبابنا وشاباتنا إلى الخطر بدون تزويدهم بالمعدات المناسبة للقيام بهذه المهمة وإنجاز مهمة محددة المعالم”.