الجديد برس:
أكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، اليوم الخميس، أن مجزرتي الثلاثاء والأربعاء، اللتين نفذهما الاحتلال الإسرائيلي ضد لبنان، هما “تجاوُز لكل الضوابط والأخلاق”، وتُعَدّان بمنزلة “إعلان حرب”، مضيفاً أن ما حدث “سيُواجه بقصاصٍ عادل وحسابٍ عسير، ولن أتحدث عن وقتٍ ولا مكان”.
وفي الكلمة التي ألقاها بشأن التطورات الأخيرة في لبنان، قال نصر الله إن “هذه المعركة الجديدة كانت في أوجه خفية”، مشدداً على أنه “بالنسبة للحساب العسير، فالخبر هو فيما سترونه لا فيما ستسمعونه، لأننا في الجزء الأكثر دقة وحساسية وعمقاً في المواجهة، ونحتفظ به في أضيق دائرة”.
وأضاف نصر الله أن “المقاومة في عام 1978، وبعدها حركات المقاومة، عبر كل فصائلها، في عام 1982، كان تركيزها على تحرير “الشريط الحدودي”، مؤكداً أن “محاولة إقامة حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية لن تشغل المقاومة هناك، بل سيتحول هذا الحزام إلى فخ وجهنم لجيش الاحتلال الإسرائيلي”.
وبشأن إعادة المستوطنين النازحين إلى شمالي فلسطين المحتلة، سأل نصر الله نتنياهو: “هل يمكنك إعادة النازحين إلى الشمال؟”، ليعقب بالقول لقادة الاحتلال: “هذا تحدٍّ بيننا، ولن تستطيعوا إعادتهم، وافعلوا ما شئتم”.
وقال الأمين العام لحزب الله إن “السبيل الوحيد إلى إعادة المستوطنين” إلى شمالي فلسطين المحتلة هو “وقف العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية”، واصفاً اقتراح قائد المنطقة الشمالية إقامة حزام أمني بـ”الأحمق”، وأمل أن ينفذه، لأنه “يجعل المقاومة أكثر قدرة على استهداف جنود الاحتلال وآلياته”.
وأضاف أن “المقاومة تبحث عن دبابات العدو الإسرائيلي “بالسراج والفتيلة”، وإن أقدم على اجتياح لبنان، فـ”سنَعُدّ هذا التهديد فرصة تاريخية نتمناها”.
وأكد أن نائب سابقاً لرئيس أركان إسرائيلي وصف ما يجري في الشمال بأنه هزيمة تاريخية لـ “إسرائيل”، وأن الجبهة اللبنانية هي جبهة ضاغطة بقوة، ومن أهم أوراق التفاوض التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية اليوم، لتحقيق الأهداف ووقف العدوان.
وأكد نصر الله أن قيادة نتنياهو وغالانت “الحمقاء والنرجسية والهوجاء ستودي بكيان الاحتلال إلى وادٍ سحيق، وخراب الهيكل الثالث”.
وقال نصر الله إن ما حدث، يوم الثلاثاء الماضي، هو استهداف آلاف أجهزة “البايجر” وتفجيرها، في وقتٍ واحد، من دون أن يكترث العدو الإسرائيلي لوجود حامليها في أماكن مدنية، مضيفاً أن العدو يعلم بأن عدد أجهزة “البايجر” هو 4 آلاف، وأنها موزعة على عناصر حزب الله، الأمر الذي يعني تعمده قتل 4 آلاف في دقيقةٍ واحدة.
ولفت إلى أن نية العدو، في اليوم التالي، الأربعاء، هو قتل آلالاف من حاملي أجهزة اللاسلكي، مؤكداً أنه، على مدى يومين، وفي دقيقة واحدة في كل يوم، “أراد العدو أن يقتل 5 آلاف إنسان في دقيقتين من دون الاكتراث لشيء”.
وشدد نصر الله على أن هذا العمل الإجرامي هو “عملية إرهابية كبرى، وعملية إبادة ومجرزة، ويصل إلى إعلان حرب”، مضيفاً أن إصابات كثيرة كانت “طفيفة، وأن عدداً من البايجرات كان خارج الخدمة، أو بعيداً، أو غير موزع من الأساس”.
وأشار إلى أن الجهود البشرية، واللهفة التي تم رصدها من الناس، “ساهمت في تقليل الإصابات الخطرة”، مؤكداً أن “هذه اللهفة والجهود البشرية والهمة العالية ضيعت جزءاً كبيراً من هدف العدو”، متمثلاً بقتل 5 آلاف شخص.
وفي سياق التحقيقات، كشف الأمين العام لحزب الله أنه جرى تشكيل لجان تحقيق داخلية متعددة، وندرس كل السيناريوهات والفرضيات والاحتمالات، مؤكداً أن “هذا الملف، من المنتِج إلى المستهلك إلى لحظة التفجير، هو محل تحقيق، ليُبنى على الشيء مقتضاه”.
وأشار نصر الله إلى أن الضربة التي تعرض لها لبنان “كبيرة، أمنياً وإنسانياً، وغير مسبوقة في تاريخ المقاومة، وربما في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي”، مضيفاً: “تلقينا ضربة قاسية، لكن هذه هي حال الحرب، وندرك أن لدى العدو تفوقاً تكنولوجياً، ولاسيما أنه مدعوم أمريكياً وغربياً”.
وقال: “عندما ندخل في هذا الصراع، نراهن على الجهد والجهاد والاستنزاف، وانتصرنا مراراً حتى الآن”، وأضاف: “يوم لنا من عدونا، ويوم لعدونا منا، واليومان الماضيان كانا ثقيلين، وشكلا امتحاناً كبيراً سنتمكن من تجاوزه بشموخ”.
وأكد أن هذه الضربة الكبيرة “لن تُسقطنا”، مؤكداً أن “تصريحات الجرحى أنفسهم تعكس معنوياتهم وصبرهم العظيم وعزيمتهم على العودة إلى الميدان، وهذا ردٌ آخر على العدو”.
كما أضاف: “نحن نخجل من عوائل الشهداء والجرحى ومن عزمهم وصبرهم واحتسابهم، وهذا هو رد بيئتنا وبلدنا ككل من خلال التضامن. لذلك، لم يحدث أي ضعفٍ في بنية المقاومة، ولو لحظة واحدة، وكنا جاهزين في الجبهة لأي سيناريو، وهي لم تتزلزل ولم تهتز”.
وكشف نصر الله “تبلغ المقاومة اللبنانية، عبر قنواتٍ رسمية وغير رسمية، تهديداتٍ بمزيد من الضربات، إذا لم نوقف إطلاق النيران من الجنوب”، ودعت أيضاً إلى إيقاف مساندة المقاومة في غزة.
وشدد نصر الله على أن جبهة المساندة في لبنان “هي من أهم أوراق التفاوض التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية، من أجل وقف العدوان على غزة”.
وأوضح أن “العدو اعترف بخسارة الشمال”، الأمر الذي اضطُر نتنياهو وغالانت إلى البحث “حل لهذه الجبهة، التي تُعَدّ إحدى أهم جبهات الاستنزاف”.
وتوجه نصر الله إلى “عوائل الشهداء في الداخل وجبهة الجنوب بأكبر التبريكات بالحصول على وسام الشهادة”، وللجرحى بـ”الشفاء العاجل”.
ووجه الشكر إلى الحكومة اللبنانية، والجسم الطبي في لبنان، على التعاطي الجدي، وإلى كل من تبرع بالدم في مختلف المناطق اللبنانية، كما شكر كل من بادر إلى نقل جريح وأعلن استعداده للتبرع باعضاء من جسده للجرحى.
ووجه نصر الله الشكر أيضاً إلى الشعب اللبناني، في كل المناطق، وإلى القيادات السياسية والنقابية، التي تضامنت بعد الجريمة الإسرائيلية، مضيفاً أن “من بركات ما حدث هو ما شهدناه من ملحمة كبرى غير مسبوقة، إنسانياً وأخلاقياً، على المستويين الوطني والإنساني”.
وشكر العراق وإيران وسوريا وكل الدول التي اتصلت بالحكومة اللبنانية، وأعربت عن استعدادها للدعم، ولكل دولة نددت بما حدث.