الجديد برس: خاص
لطالما حاولت المملكة السعودية الظهور وكأنها بعيدة تماماً عن الصراع في اليمن حتى في تلك الأوقات التي كانت فيها آلتها العسكرية تفتك باليمنيين وكانت آلتها الإعلامية تمارس الكذب والتضليل وكان نفوذها السياسي يلقي بظلاله على أروقة وكواليس الهيئة الأممية .
فمنذ الوهلة الأولى حاولت المملكة وهي تعيش نشوة المجرم الذي شرع في تنفيذ جريمته ليلة 26مارس العام الماضي التأكيد على انها قادرة على تحقيق أهدافها في اليمن بعد سنوات من تمويل الحروب والصراعات الداخلية وإدارة المتناقضات بما يحول دون ظهور أي قوة وطنية خارج العباءة السعودية .
وجاهرت المملكة بالعداء لمكون انصار الله حين أجبرها الواقع اليمني ومتغيرات المشهد الثوري على شن العدوان بعد ان فشلت أدواتها سياسياً وأمنياً في تحقيق اهدافها بالنيل من هذا المكون الذي قاد معركة المواجهة مع دول العدوان مجتمعة بإمكانيات متواضعة جداً فيستمر الصمود وتخضع المملكة أخيراً لنصائح الكثيرين ممن حاولوا إيقاف سوء تصرفها مع اليمن واليمنيين .
فقد أثمرت وساطات قادت إلى لقاءات مباشرة بين أنصار الله والمملكة السعودية إلى تهدئة ستقود إلى وقف العدوان بشكل كامل وهو الهدف الذي تنشده الجماهير بعد عام من الصمود الأسطوري .
متابعون للشأن اليمني أكدوا أن إعتراف المملكة بمكون انصار الله عبر الجلوس معهم وعلى طاولة تفاوض ندية وإن كانت غير معلنه إلا أنها تمثل تراجعاً سعودياً عما كانت المملكة قد حاولت بعثه عبر رسائلها السياسية والإعلامية إضافة إلى أن مفاوضات التهدئة في الحدود اكدت بما لا يدع مجالاً للشك إستحالة الحل العسكري وبقوة الجيش واللجان الشعبية في التصدي الأسطوري لقوات العدوان والمرتزقة .
وما الخضوع السعودي للمفاوضات المباشرة بعد أن كانت ترفض ذلك إلا دليل على إستسلام سعودي لمتغيرات المشهد في اليمن بعد أن ضاقت خياراتها فحاولت عبثاً إستعادة حضورها من بوابة المرتزقة والتدخل العسكري المباشر لتسجل فشلاً آخر دفعها أخيراً لطرق الأبواب والتسليم بأمر الحل السلمي والحفاظ على ما تبقى لها من اوراق تمكنها من استخدامها قادم الأيام إن لم تعد ترتيبها بالشكل الذي يضع لها حسابات جديدة تتماهى إلى حد كبير مع الوضع الجديد الذي يصعب تعديله كما يحلو للمملكة بل إن عليها مسايرته والبحث عن وسائل اكثر خداعية في تشكيله مجدداً وهي المهمة التي قد تبدو صعبه اليوم بل ومستحيله غداً .
إن عدم تسليط الضوء بما فيه الكفاية على نتائج وتداعيات وأسباب المفاوضات اليمنية السعودية يعود بدرجة أولى إلى الحساسية السعودية (المفرطة) الحريصة على الظهور كمنتصر وهو ما يتناقض مع وقائع ومسارات الأحداث التي يعلمها الجميع .
فحتى لو توقف الحديث عن انتصار الشعب اليمني من أجل ترك الأمر لأبواق المملكة في أصطناع الوهم وإختراع النصر المزعوم فذلك لن يتعدى إستديوهات العربية ولن يتجاوز صفحات يوميات الجرائد السعودية فالتاريخ هو التاريخ وما يمكن إثباته جدلاً اليوم سيصبح من الصعوبة بمكان إثباته غداً حين يكون التاريخ قد مضى في توثيق اللحظة وحفظ معالم الإنتصار الواضحة للشعب والجيش واللجان الشعبية .