الجديد برس: الوقت التحليلي
دخلت الأزمة اليمنية أمس الأحد مرحلة جديدة إنطلقت مع وقف إطلاق النار الذي بدأ قبل فترة على الحدود ليستكمل في تعز وحجّة ومأرب وبقية محافظات “الجمهورية” تمهيداً لمفاوضات الكويت التي وصلها المبعوث الأممي “إسماعيل ولد الشيخ” للإستعداد لبدء المحادثات في قصر بيان المقر الرئيسي للمؤتمرات الدولية التي تشهدها الكويت.
لا شكّ في أن وقف إطلاق النار الذي لا يعدّ الأول من نوعه، وقد لا يكون الأخير، يشكّل فرصة ثمينة للبدء بحوار يمني- يمني يرسم مستقبلاً جديداً قد تفسده نغمات القذائف ودوي المدافع وأزيز الرصاص وهديرالطائرات التي لم تسكت حتى كتابة هذه السطور، ما يقطع الطريق على ” التحلي بالمرونة وحسن النية للتوصل إلى الحل السياسي المنشود” وفق ما طالب المبعوث الأممي “إسماعيل ولد الشيخ”.
الحل السياسي يتعزّز مع الأخذ بعين الإعتبار التطورات الميدانية والسياسية، سواءً لناحية إنسحاب الإمارات من اليمن، وربّما إنسحابها من “التحالف الخشبي” وفق ما أعلن المغرّد الشهير مجتهد، وطلبها من واشنطن الدعم في مواجهة القاعدة. واشنطن التي تعطي أولوية لمواجهة القاعدة في اليمن، رغم أنها احد أسباب ظهورها، ستفرض على الرياض، في حال بروز أي مستجدات تُفشل المفازضات، وقف العدوان على اليمن خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي “باراك أوباما” الأسبوع الجاري. تؤكد مصادر خاصّة لـ”الوقت” أن تلويح أمريكا للرياض بضرور وقف العدوان قبل زيارة الرئيس “أوباما”، بعد أن بات خطر القاعدة داهماً، زاد طينة العلاقة بلّة، خاصّة أن الرياض حذرت من أنها قد تبيع أصول تقدر بأكثر من 700 مليار دولارات في أمريكا، إذا تم تمرير مشروع قانون في الكونغرس، يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر وهجمات إرهابية أخرى، بمقاضاة حكومات أجنبية، ما يعني تجميدها.
عند الدخول في أبعاد مفاوضات الكويت التي يتطّلع إليها العالم حالياً كمحطّة سلام لأبناء الشعب اليمني، ترتسم جملة من التساؤلات لناحيتي الشكل والمضمون حول مستقبل اليمن يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أولاً: رغم أن لجنة التهدئة في الكويت قد بدأت أعمالها قبل أكثر من أسبوع عبر إعداد ورقة تفاوضية، وكذلك أهمية هذه المفاوضات التي تحظى بدعم أممي وأوروبي غير مسبوق، إلا أن العديد من الخبراء وجدوا فيها محطّة للإعلان عن إتفاق قد رسمت خطوطه العريضة في المفاوضات المباشرة بين اليمنيين (أنصار الله وحلفائها) والسعودية. إن وقف إطلاق النار الذي يختلف عن التجارب السابقة من ناحية الشكل، لا المضمون بسبب الخروقات المستمرّة من قبل الرياض والقوى الداعمة لها، سيتم تنفيذه عبر مسار ثنائي، الأول هو المسار اليمني السعودي في المفاوضات التي قطعت أشواطاً مهمّة وفق ما أعلنت أطرافها، والثاني هو المسار اليمني اليمني في الكويت برعاية أممية.
ثانياً: الرياض التي وجدت في المفاوضات المباشرة مع حركة أنصار الله وحلفائها سبيلاً للخروج من المستنقع الذي كلّفها “خسائر بشرية في القوات السعودية تجاوز 4000 قتيل و6000 جريح”، فضلاً عن الخسار الماديّة المقدّرة بمئات المليارات، لن تتوان عن أي إتفاق يحفظ ماء وجهها المهدور أمام الشعب اليمني، “إتفاق وصل إلى خواتيمه” وفق مصادر يمنية خاصّة. بعبارة آخرى، إن الرياض التي رضخت للتفاوض المباشر مع “أنصار الله” وحلفائها بعد أن كان الأمر محرّماً على وفد هادي سابقاً، ستتنازل عن الأهداف التي رسمتها في عدوان “عاصفة الحزم” مقابل العودة إلى المرحلة السابقة عبر “تخريجة” إعلامية تعيد إلى الأذهان التجربة الإسرائيلية مع “حزب الله”، المستهدف سعودياً، في عدوان تمّوز عام 2006. الكيان الإسرائيلي رفع سقف تهديداته في اليوم الأول لإزالة حزب الله من الوجود، إلا أنه رضخ بعد تجربته المريرة لسقف متواضع ستستخدمه الرياض بعد أكثر من سنة على فشل عدوانها الذي حصد الألاف من أبناء الشعب اليمني.
ثالثاً: بصرف النظر عن التفاصيل التنفيذية لمفاوضات الكويت، تحتكم المرحلة المقبلة، ما بعد المفاوضات، لمخرجات الحوار الوطني التي أفضت إلى إتفاق السلم والشراكة بين جميع المكونات اليمنية في 21 سبتمبر/أيلول 2014. إن المرحلة المقبلة ستحكمها التوازنات السياسية التي لا تسمح لأي طرف بإلغاء الآخر. االجنة الثورية التي وجدت نفسها مجبرةً على إدارة البلاد بعد فرار الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” وتأييده للعدوان، ستسلّم زمام الأمور للرئيس الجديد بإعتبار أن “هادي” بات من الماضي. “هادي” سيكون كبش المحرقة الذي يُقدّم على طاولة الكويت التفاوضية.
فيما يخص ميزان الربح والخسارة، وعلى الصعيد السياسي، تعد الرياض بعد الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” أبرز الخاسرين، مقابل نجاح واضح لحركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وبقيّة الحلفاء، بإعتبار أن الإنتصار السياسي يأتي نتيجةً لإنتصارات الميدان والتضحيات التي قدّمها هؤلاء. الرابح الأكبر على الصعيد السياسي هو الشعب اليمني الذي رسم من خلال مقاومته قواعد إشتباك جديدة، لاسيّما في محافظ صعدة، المعقل الرئيس لحركة أنصار الله.
إقتصادياً، يعد الشعب اليمني الخاسر الأكبر من هذا العدوان بعد ضرب البنى التحتية وكافّة المقدّرات الإقتصادية، رغم أن الرياض خسرت مئات المليارات من عدوانها. الرياض، وبمؤازرة بعض الدول الخليجية، ستقدّم مساعدات لإعادة إعمار غيض من فيض ما دمّرته بغية تلميع صورتها، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود. بعد أن كانت مشكلتها مع اليمنيين سابقاً في الأرض (عسير وجازان ونجران) غدت اليوم في الدم.
السعودية، باتت مجبرة على إلتحاف الصمت وتحاشي الصدام مع قدرة إستراتيجية على حدودها الجنوبية تدعى “حركة أنصار الله”.
لا شكّ في أن وقف إطلاق النار الذي لا يعدّ الأول من نوعه، وقد لا يكون الأخير، يشكّل فرصة ثمينة للبدء بحوار يمني- يمني يرسم مستقبلاً جديداً قد تفسده نغمات القذائف ودوي المدافع وأزيز الرصاص وهديرالطائرات التي لم تسكت حتى كتابة هذه السطور، ما يقطع الطريق على ” التحلي بالمرونة وحسن النية للتوصل إلى الحل السياسي المنشود” وفق ما طالب المبعوث الأممي “إسماعيل ولد الشيخ”.
الحل السياسي يتعزّز مع الأخذ بعين الإعتبار التطورات الميدانية والسياسية، سواءً لناحية إنسحاب الإمارات من اليمن، وربّما إنسحابها من “التحالف الخشبي” وفق ما أعلن المغرّد الشهير مجتهد، وطلبها من واشنطن الدعم في مواجهة القاعدة. واشنطن التي تعطي أولوية لمواجهة القاعدة في اليمن، رغم أنها احد أسباب ظهورها، ستفرض على الرياض، في حال بروز أي مستجدات تُفشل المفازضات، وقف العدوان على اليمن خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي “باراك أوباما” الأسبوع الجاري. تؤكد مصادر خاصّة لـ”الوقت” أن تلويح أمريكا للرياض بضرور وقف العدوان قبل زيارة الرئيس “أوباما”، بعد أن بات خطر القاعدة داهماً، زاد طينة العلاقة بلّة، خاصّة أن الرياض حذرت من أنها قد تبيع أصول تقدر بأكثر من 700 مليار دولارات في أمريكا، إذا تم تمرير مشروع قانون في الكونغرس، يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر وهجمات إرهابية أخرى، بمقاضاة حكومات أجنبية، ما يعني تجميدها.
عند الدخول في أبعاد مفاوضات الكويت التي يتطّلع إليها العالم حالياً كمحطّة سلام لأبناء الشعب اليمني، ترتسم جملة من التساؤلات لناحيتي الشكل والمضمون حول مستقبل اليمن يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أولاً: رغم أن لجنة التهدئة في الكويت قد بدأت أعمالها قبل أكثر من أسبوع عبر إعداد ورقة تفاوضية، وكذلك أهمية هذه المفاوضات التي تحظى بدعم أممي وأوروبي غير مسبوق، إلا أن العديد من الخبراء وجدوا فيها محطّة للإعلان عن إتفاق قد رسمت خطوطه العريضة في المفاوضات المباشرة بين اليمنيين (أنصار الله وحلفائها) والسعودية. إن وقف إطلاق النار الذي يختلف عن التجارب السابقة من ناحية الشكل، لا المضمون بسبب الخروقات المستمرّة من قبل الرياض والقوى الداعمة لها، سيتم تنفيذه عبر مسار ثنائي، الأول هو المسار اليمني السعودي في المفاوضات التي قطعت أشواطاً مهمّة وفق ما أعلنت أطرافها، والثاني هو المسار اليمني اليمني في الكويت برعاية أممية.
ثانياً: الرياض التي وجدت في المفاوضات المباشرة مع حركة أنصار الله وحلفائها سبيلاً للخروج من المستنقع الذي كلّفها “خسائر بشرية في القوات السعودية تجاوز 4000 قتيل و6000 جريح”، فضلاً عن الخسار الماديّة المقدّرة بمئات المليارات، لن تتوان عن أي إتفاق يحفظ ماء وجهها المهدور أمام الشعب اليمني، “إتفاق وصل إلى خواتيمه” وفق مصادر يمنية خاصّة. بعبارة آخرى، إن الرياض التي رضخت للتفاوض المباشر مع “أنصار الله” وحلفائها بعد أن كان الأمر محرّماً على وفد هادي سابقاً، ستتنازل عن الأهداف التي رسمتها في عدوان “عاصفة الحزم” مقابل العودة إلى المرحلة السابقة عبر “تخريجة” إعلامية تعيد إلى الأذهان التجربة الإسرائيلية مع “حزب الله”، المستهدف سعودياً، في عدوان تمّوز عام 2006. الكيان الإسرائيلي رفع سقف تهديداته في اليوم الأول لإزالة حزب الله من الوجود، إلا أنه رضخ بعد تجربته المريرة لسقف متواضع ستستخدمه الرياض بعد أكثر من سنة على فشل عدوانها الذي حصد الألاف من أبناء الشعب اليمني.
ثالثاً: بصرف النظر عن التفاصيل التنفيذية لمفاوضات الكويت، تحتكم المرحلة المقبلة، ما بعد المفاوضات، لمخرجات الحوار الوطني التي أفضت إلى إتفاق السلم والشراكة بين جميع المكونات اليمنية في 21 سبتمبر/أيلول 2014. إن المرحلة المقبلة ستحكمها التوازنات السياسية التي لا تسمح لأي طرف بإلغاء الآخر. االجنة الثورية التي وجدت نفسها مجبرةً على إدارة البلاد بعد فرار الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” وتأييده للعدوان، ستسلّم زمام الأمور للرئيس الجديد بإعتبار أن “هادي” بات من الماضي. “هادي” سيكون كبش المحرقة الذي يُقدّم على طاولة الكويت التفاوضية.
فيما يخص ميزان الربح والخسارة، وعلى الصعيد السياسي، تعد الرياض بعد الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” أبرز الخاسرين، مقابل نجاح واضح لحركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وبقيّة الحلفاء، بإعتبار أن الإنتصار السياسي يأتي نتيجةً لإنتصارات الميدان والتضحيات التي قدّمها هؤلاء. الرابح الأكبر على الصعيد السياسي هو الشعب اليمني الذي رسم من خلال مقاومته قواعد إشتباك جديدة، لاسيّما في محافظ صعدة، المعقل الرئيس لحركة أنصار الله.
إقتصادياً، يعد الشعب اليمني الخاسر الأكبر من هذا العدوان بعد ضرب البنى التحتية وكافّة المقدّرات الإقتصادية، رغم أن الرياض خسرت مئات المليارات من عدوانها. الرياض، وبمؤازرة بعض الدول الخليجية، ستقدّم مساعدات لإعادة إعمار غيض من فيض ما دمّرته بغية تلميع صورتها، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود. بعد أن كانت مشكلتها مع اليمنيين سابقاً في الأرض (عسير وجازان ونجران) غدت اليوم في الدم.
السعودية، باتت مجبرة على إلتحاف الصمت وتحاشي الصدام مع قدرة إستراتيجية على حدودها الجنوبية تدعى “حركة أنصار الله”.