وُلدنا و نحن نتغزل بها و نتغنى، لطالما بحثنا عنها في بطون الكتب و كتبنا لها الروايات و القصص، و لَكَم سافرنا إليها و تنقلنا من خيالٍ إلى خيال لعلنا نجدها، و كلما إقتربنا منها حتى لم يعد بيننا و بين معانقتها إلا بضعة أمتارٍ عادت لتنأى و تختفي من جديد… و ذات يومٍ من أيام آيار و نحن نرتقب و نتطلع إلى الأفق
إذ بفاتنتنا الجميلة فجأةً تطل علينا باسمةً من وراء الشمس يملأُ نورها الأرجاء، فأسرع القوم إليها مهللين و مكبرين فرحاً بمقدم العيد في غير موعده و رددوا جميعاً بصوتٍ واحدٍ : رددي أيتها الدنيا نشيدي ردديه و أعيدي و أعيدي ..
يا إلهي .. لقد صار حلمنا حقيقةً و واقعا، فكأنما عادت لنا الحياة من جديد و عاد مجد ماضينا التليد، و مرت الأيام و الأيام و نحن نرعى ضياءها و ألقها و ندفع عنها الرياح و العواصف الزاحفة إليها من كل حدبٍ و صوب
لم نكن نعلم أن الذئاب و الكلاب يعيشون بيننا و يتربصون من بعيد و كانهم بذلك يريدون في لحظة غفلةٍ منا الإنقضاض على مليحتنا الجميلة، فتارةً يُقسّمون و تارةً أُخرى يؤقلمون ..لا غرو إن خُدِعنا لبرهةٍ من الزمن، فكل يومٍ لهم قناعٌ مختلفٌ و لونٌ يخفون وراءهما ألف قصةٍ و قصة من قصص الحقد و التآمر .. يا أيها الذئاب و الكلاب ..
ماذا تريدون من فتاتنا و فاتنتنا الصغيرة و الجميلة ؟!! لماذا تريدون تفشي الطاعون في جسدها النحيل الذي لم يتجاوز بعد ربيعه السادس و العشرين ؟!! لماذا كل هذا الإمعان في وأد أحلامنا و قتلها ؟! أو ليس من حقنا كباقي الطيبين أن نحلم في هذا العصر المتبلد و المتلبد بالأوهام ؟!!
أبَلغَ بكم تعاطي كحول الإرتزاق حد الثمالة الأبدية حتى تهون عليكم كل القيم المفعمة بالحياة في أوطانكم فتتجردون منها و تخلعونها كما تخلع المرأة زوجها ؟!! أيها المتأبطون شراً بأحلامنا ..
خذوا جميع أحلامنا و أمانينا إن أردتم و اقتلوها أو اصلبوها، و لكن لا تأخذوا و تقتلوا فاتنتنا و مليحتنا و ملهمتنا الجميلة .. لا تقتلوا اليمن و وحدة اليمن…