الجديد برس : رأي
جميل أنعم – كاتب يمني
والإمام يحيى يرفض مقاتلة الأتراك لمصلحة الإستعمار البريطاني، وكتب الفقيد عبدالله البردوني في كتابه قضايا يمنية صفحة 50 ((ان الثورة اليمنية قيادة واتباعاً رفضت العروض الإنجليزية التي امتدَّت إلى الشريف حسين في الحجاز والشريف الإدريسي، وقال الإمام يحيى: ان التُرك أقرب إلينا من الإنجليز، ولن نقاتلهم من أجل بريطانيا وإنما من أجل بلدنا)) .
موقف وطني تحول لاحقاً لحقد بريطاني على صنعاء يحيى حميد الدين، حيث أوردَ الرحالة والمستكشف الألماني هانز هولفريتز في كتابه “اليمن من الباب الخلفي” صفحة 137 ((أرادت بريطانيا معاقبة الإمام على احترامه المعاهدة مع تركيا فاستولت على منطقة الحُديدة ومينائها وانتزعتها من اليمن التي كانت قد حصلت على استقلالها الكامل، وهكذا أضاعت اليمن آخر ما تبقى لها من منافذ بحرية بعد أن كانت قد أضاعت عدن في الماضي، وبدا أن الدولة الفتية ستتعرض لخطر الاختناق وقام الإنكليز بتسليم الحُديدة إلى إمارة عسير المجاورة التي كان أميرها ضالعاً معهم، ولكن الإمام تمكن من استعادة منطقة الحُديدة الساحلية 1925م)) .
وعلى نفس المنوال في عام 1934م وعندما كانت إيطاليا محتلة جيبوتي، عرضت الإمبراطورية الإيطالية على الإمام يحيى حميد الدين مساعدة عسكرية ضد الإحتلال السعودي، وتم رفض العرض الإيطالي من الإمام يحيى وقال للطليان: ((إن آل سعود عرباً ومسلمين ولن نتحالف مع الاجانب ضد العرب والمسلمين)) .. وأكثر من ذلك، أضطر الإمام يحيى حميد الدين لتوقيع معاهدة الطائف في حزيران 1934م، مع عبدالعزيز بن سعود لأنه كان يفتقر للإمكانيات اللازمة لاستمرار الحرب.
وما أشبه الليلة بالبارحة، حِلف بريطانيا وبني سعود، وشرعية الخائن الإدريسي -والذي ذهب لمزبلة التاريخ- أرادوا معاقبة ومحاصرة الثورة اليمنية المستقلة عن الأتراك وفشلوا فشلاً ذريعاً .. واليوم يتكرر نفس المشهد حِلف أمريكا وبني سعود وشرعية الخائن هادي، والذي سيذهب مع عاصفة الحزنْ ادراج الرياح .
والأعداء يريدون محاصرة ثورة 21 سبتمبر 2014م، ثورة السيادة الوطنية والقرار المستقل، وبمشاركة من بعض أبناء جلدتنا مرتزقة وحاقدون وخونة ومخدوعين، وبعروض إستعمارية وهمية سرابية لحزب الإخوان الإصلاحي بإقامة خلافة إسلامية إخوانية على الساحل الغربي للبحر الأحمر “تهامة اليمن” او مملكة السعيدة أو إمارة حضرمية، أو سلطنة هنا ومشيخة هناك، او مقابل ثمن بخس لا يدوم لأقزام متهافتة على الإقامة في فنادق خمسة نجوم في الرياض ودبي ولندن وواشنطن واسطنبول، مع حفنة من المال السحت الحرام، أو منصب سفير في لندن عاصمة الضباب، أو وزير خارجية يتنقل من فندق إلى فندق، وغايتهم بيع الوطن اليمني في سوق النخاسة بني صهيون والإستعمار عبر سماسرة الأوطان بني سعود قديماً وحديثاً بني خليفة وبني نهيّان وبني عثمان، فاستحقوا جميعاً لعنة التاريخ الأبدية الخالدة، كما استحقها من قبلهم إبن السعود عبدالعزيز الذي باع فلسطين لليهود المساكين و إنه يرى كما تراه بريطانيا التي لا يخرج عن شورها حتى تصيح الساعة !.
واليوم وبعد ثورة 21 سبتمبر 2014م كان قرار الإستقلال شعباً وقيادة من أي تدخل ووصاية، فكانت وحوش التدمير وديدان الأرض تنهش في الجسد اليمني طمعاً وانتهازية نالت من سقطرى وحضرموت والمهرة وعدن واجزاء من الجوف ومأرب وبمعية من أبناء جلدتنا الخائنين، والفئة القليلة بمعية الله تقاوم وستنتصر طال الزمن أم قصر.
وفي نوفمبر 2016م عندما أراد رئيس أركان الجيش الإيراني بالإيحاء إلى رغبة إيرانية في إنشاء قاعدة عسكرية مستقبلية في اليمن، كانت إمتداد الوطنية اليمنية الكاملة الأصيلة حاضرة بقوة على شكل سياج شوكي منيع نَصَبَهُ رئيس مجلس إرادة الشعب صالح الصماد والذي قال جملته وللتاريخ ((على من تسول له نفسه باقتراف أي خطيئة بالإقدام على التأسي بدول العدوان في التواجد في أي شبر يمثل انتهاكا لسيادة اليمن، حتى ولو باسم الدفاع عن اليمن، أن يعلم انه لا فرق بينه وبين من سبقوه في نظر الشعب اليمني وسيواجه بكل عنفوان)).
فأين الثرى من الثريا من أكاديمية ومدرسة الوطنية اليمنية الكاملة، وتلك بحق تحتاج إلى بحث ودراسة أكاديمية نتركها للمختصين .
وفي الوقت الذي رحب فيه أبناء جلدتنا بكل جيوش العالم لقمع الجيش والشعب اليمني، وباركوا اتفاقيات تأجير سقطرى وحضرموت والمهرة والجوف ومأرب، ومنحوا شيك على بياض يُشرعن تواجد المارينز والمتردية والنطيحة وما أكل السبع على أراضينا لقتل أطفالنا ونسائنا، رفعنا أصواتنا عالياً لا لأي تدخل حتى ولو بإسم الدفاع عن اليمن.
فهل عرف القوم المخدوعين بإفك وبهتان التدخل الإيراني أم ختمَ الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، والله لا يهدي القوم الظالمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل