المقالات

الرئيس والزعيم والسيد في الإعلام .. وكلام لابد ان يقال !!

الجديد برس : رأي

عابد المهذري – صحفي وكاتب يمني
………………………………………
قبل أيام تحدث الرئيس صالح الصماد طويلا في حوار متلفز تطرق فيه لكل الملفات والقضايا .. لكن الإهتمام الاعلامي بما طرحه رئيس المجلس السياسي الأعلى كان دون المستوى بما في ذلك وسائل الاعلام الرسمية التي تعاملت مع حوار الصماد برتابة وتهميش متناسين انه رئيس الدولة ويفترض ان تنال حواراته ونشاطاته القدر اللائق اعلاميا .
قبل ان يصبح الصماد رئيسا للمجلس السياسي الأعلى كان حضوره في الإعلام أقوى تأثيرا واكثرا اهتماما مما عليه الآن وقد صار رئيسا للجمهورية مسنودا بآلة إعلامية ضخمة تمثلها المؤسسات الإعلامية الحكومية بإمكاناتها الكبيرة وطواقمها المتكاملة .. غير ان الملاحظ ان الرئيس الصماد ومجلسه الأعلى هو آخر اهتماماتها والأولوية الخبرية والصحفية لدى قيادات ومؤسسات اعلام الدولة هو لرؤساء لرؤساء روسيا وسوريا وايران وتغطية الاحداث في العراق ولبنان وحلب هي الأهم لدى أصحابنا قادة الإعلام الحكومي الذي آخر ما يهتمون به هو الشأن اليمني وما يجري في جبهات صرواح والحدود وميدي .
عندما كان الرئيس الصماد محسوب كقيادي في حركة انصار الله فقط .. كانت منشوراته الفيسبوكية تحظى برواج اعلامي واسع وتسلط عليها الأضواء وتحتدم النقاشات وتبقى لعدة اسابيع محط انشغال الرأي العام في الداخل والخارج .
أما الآن .. فبالكاد يستمر الاهتمام بأخبار وتصريحات وخطابات الصماد لعدة ساعات .. اذ سرعان ما تتبخر رغم اهمية ما يطرح فيها واعتماده كرؤية وموقف يمثل الجمهورية ومن الرجل الأول في السلطة !!

******
أكثر من يعرف أهمية الإعلام ويوظفه بشكل صحيح هو الرئيس الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح الذي لا يزال حاضرا في الساحة المحلية والخارجية كرقم سياسي صعب وكيان جماهيري وشعبي فاعل في محليا واقليميا ؛ والفضل أولا وأخيرا للإعلام في بقاء الزعيم صالح حاضرا في الأذهان وعصي على التجاهل والنسيان في زمن انزاح فيه رؤساء وملوك دول وزعماء جمهوريات الى الهامش وبقي الزعيم الصالح وحده متسيدا للملعب .. لأنه عرف منذ صعوده للحكم وحتى بعد خروجه من القصر مدى أهمية الإعلام وفهم كيف يستخدمه لصالحه وأجاد بنجاح منقطع النظير التحكم به وتسخيره لدعم اجندته والاستفاده منه كأداة قوة تمنحه مخاطبة العالم وصناعة قضايا الرأي العام والابقاء على تواصله الدائم مع مختلف الشرائح وفي كل الاحداث والمتغيرات .
يجيد الزعيم تقديم نفسه بذكاء وإيصال الرسائل التي تريد في التوقيت المناسب .. يجري حوارات تثير صخب ويقوم بتحركات وأنشطة تلقى متابعة مستدامة .. يكتب ويصرح ويتحدث ويخطب في كل مناسبة مخترقا وسائل الاعلام العربية والدولية من خلال اجبارها لتغطية ما يتعلق بشخصه وتناول ما يقول .. ويجبر حتى إعلام خصومه وأعداءه لنشر وتداول أحاديثه وحواراته وتصريحاته . ليس بالتناولات المهنية العابرة للوكالات والفضائيات لما يأتي من الزعيم .. ولكن بتصدرها عناوين نشرات الأخبار الرئيسية ومانتات اغلفة اليوميات الورقية وأهم ملفات البرامج التحليلية المهمة وموضوع أفكار كبار الكتاب الصحفيين العرب والأجانب .
هذه حقيقة لا غبار عليها .. فالزعيم صانع أخبار محترف يوفر بطريقته الخاصة وحذاقته الفطرية للإعلام وجبة دسمة ومادة خصبة تظل محور نقاش وجدل لوقت طويل .

******
لقد نسي الجميع بسرعة حوار الصماد الأخير في المسيرة ولم يعد أحدا يتذكر حواره قبل شهر مع قناة العالم .. فيما أثارت مقابلة الزعيم أمس مع البي بي سي عاصفة من ردود الأفعال نظرا لحيوية المعلومات المثيرة لشهية الفضول الصحفي وتوافر عنصر الإثارة في مقابلة لم تكتمل البث مما جعل عدم الاكتمال ذاك سببا مباشرا لاستمرارية زخم الجدل وهنا المحك الذي لا يفهمه الا خبير .
غدا سيطل السيد عبدالملك الحوثي ليلقي أهم كلمة سنوية له في ذكرى المولد النبوي . الفعالية الدينية والسياسية والشعبية الأهم لدى جماعة انصار الله التي يقودها السيد الشاب عبدالملك الحوثي وفيها كان أول ظهور له في 2007 بمحافظة صعدة وعلى مدى سنوات كانت خطاباته في هذه المناسبة بمثابة برنامج العمل السنوي الشامل للحركة والمسيرة القرآنية .
كلمات وخطابات السيد عبدالملك الحوثي في الفترات الأخيرة لم يعد الاهتمام الإعلامي يواكبها بذات القدر الذي كان في السنوات الماضية .. مع انه يثير في كل كلمة وخطاب عشرات النقاط ويكشف الأوراق ويتطرق ﻷخطر الملفات المسكوت عنها ؛ بشفافية وصراحة ووضوح ؛ إلا ان الإعلام المحلي الرسمي والحزبي والشعبي يقابلها بروتين وظيفي كنوع من اسقاط الواجب عبر النقل التلفزيوني والتغطيات الإخبارية التقليدية وفي اليوم التالي ينشغل بترهات وتسليط الأضواء بشكل مكثف على مستجدات متعلقة بصراعات بعيدة عن أولوياتنا اليمنية .. الأمر الذي يحيل خطابات السيد اﻹرشيف في زمن وجيز ويحكم على المضامين الواردة في كلمة القائد الشاب بالموت السريع وهي في ذروة العصف الذهني المفترض ان يقابله حراك اعلامي قادر على بلورة كل خطاب للسيد الى واقع عملي على الأرض يثمر في الانتصار للقضية الوطنية خاصة في هذا الظرف بمواجهة العدوان الغاشم .
جدير بإعلامنا الرسمي – على الأقل – الإهتمام بخطاب ابوجبريل عصر الأحد ولو بنصف اهتمام قيادات هذا الإعلام بخطابات السيد حسن نصرالله والرئيس بشار الأسد .. على الأقل !!
نعم ؛ على الأقل .. اذا ما كان الإهتمام الاعلامي بالرئيس الصماد لا يرقى لقابلية وتقبل قيادات اعلامنا .. فالإهتمام أولى بالسيد القائد على الأقل !!