الجديد برس – متابعات
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن قوات التحالف بقيادة السعودية أطلقت صواريخ برازيلية المنشأ تحتوي ذخائر عنقودية محظورة على مواقع قريبة من مدرستين في مدينة صعدة اليمنية الشمالية في 6 ديسمبر/كانون الأول 2016. أدت الغارة على حي الضباط في المدينة القديمة في صعدة حوالي 8 مساء إلى مقتل مدنيَّين اثنين وإصابة 6 آخرين على الأقل، بينهم طفل.
جاء الهجوم بعد يوم من امتناع اليمن والسعودية والبرازيل والولايات المتحدة عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار حظي بدعم أغلبية ساحقة لفرض حظر دولي على استخدام الذخائر العنقودية. الحظر كان يحظى أصلا بقبول دولي واسع. قالت هيومن رايتس ووتش إن على البرازيل الانضمام إلى “اتفاقية الذخائر العنقودية”، وإيقاف إنتاجها ونقلها. كما على السعودية وأعضاء التحالف التوقف عن استخدام تلك الذخائر.
قال ستيف غوس، مدير برنامج الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ورئيس “مرصد الذخائر العنقودية”، تحالف دولي لمنظمات تعمل على القضاء على الذخائر العنقودية: “على البرازيل إدراك أن صواريخها تُستخدم في هجمات غير قانونية في الحرب اليمنية. يُحظَر استخدام الذخائر العنقودية تحت أي ظرف لضررها على المدنيين. على البرازيل تقديم التزام فوري بوقف إنتاج وتصدير الذخائر العنقودية”.
وحسب بلاغ صحافي تلقى المؤتمرنت نسخة منه ، فقد وثّقت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” استخدام التحالف 7 أنواع مختلفة على الأقل من الذخائر العنقودية المحظورة دوليا من الجو أو من الأرض مصنوعة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والبرازيل. أقر التحالف باستخدام ذخائر عنقودية أمريكية وبريطانية الصنع في هجمات في اليمن.
في 19 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية عزمها على التوقف عن استخدام الذخائر العنقودية “بي إل-755” (BL-755)، المصنوعة في المملكة المتحدة، لكنها تركت الباب مفتوحا أمام إمكانية مواصلة استخدام أنواع أخرى من الذخائر العنقودية في اليمن.
هاتفت هيومن رايتس ووتش 4 شهود على الهجوم ومصادر محلية أخرى. زار أحد الشهود موقع الهجوم بعد فترة وجيزة وصوّر الضرر، بينما صور آخر ذخائر غير منفجرة موجودة في المكان.
وصف الشهود سماع دوي انفجار تلاه عدة انفجارات أصغر، وهو ما يتسق مع هجوم بالذخائر العنقودية. قال أيمن لطف، طالب جامعي – 20 عاما، لهيومن رايتس ووتش إن 5 ذخائر صغيرة سقطت على الشارع الذي يسكن فيه، وألحقت أضرارا بسيارة واقفة وخزان مياه.
قال بسام علي، من سكان الحي – 20 عاما، “كنا نظن أنها مثل الصواريخ العادية التي تضرب دائما صعدة… وتولد فقط انفجارا واحد. كان هذا مختلفا وسبب سلسلة انفجارات… سقطت كل القنابل على منطقتنا والمنازل والشوارع”.
قال خالد راشد، عضو المجلس المحلي – 38 عاما، “سمعنا… صوتي انفجار… واحد أعلى من الآخر… بعدها، سمعنا أصوات انفجارات أخرى أصغر وأشياء تتساقط من السماء مثل الجمر… سقطت في كل مكان، على خزانات المياه والمنازل…. إحداها انفجرت ودمرت سيارة أجرة”.
قال راشد إن هجوما صاروخيا وقع قرب مدرسة بنات ومدرسة بنين، كلاهما بين المدينة القديمة وحي الضباط. نُقل من جُرحوا في الهجوم إلى مشفى قريب. قال مسؤول في مدرسة البنين إنهم طلبوا من الطلاب عدم القدوم إلى المدرسة في اليوم التالي لرغبة المدارس في التحقق من وجود أي بقايا لمتفجرات، بما في ذلك ذخائر صغيرة غير منفجرة.
قال الدكتور محمد حجار، المدير العام لأكبر مستشفى في صعدة، إن المستشفى عالج 7 مصابين، أحدهما توفي لاحقا، وآخر توفي قبل وصوله. قال فتحي البطل، ناشط محلي، إن من المصابين معلم، وطالب عمره 20 عاما، وصبي عمره 14 عاما.
حددت هيومن رايتس ووتش بقايا صواريخ أرض-أرض “أستروس 2” (ASTROS II)، يحوي كل منها ما يقارب 65 من الذخائر الصغيرة، تُطلق عادة من قاذفة صواريخ متعددة الفوهات خلوية على شاحنة. اشترت البحرين والسعودية صواريخ أستروس العنقودية من البرازيل، والتي تُنصعها “أفيبراس إندوستريا أيروسبايسال إس إيه”. في السابق، عثر باحثو منظمة العفو الدولية على بقايا ذخيرة صواريخ أستروس بعد هجوم على منطقة أحما في صعدة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2015، مما أدى إلى إصابة 4 أشخاص على الأقل.
وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام السعودية سابقا قذائف “أستروس” العنقودية في الخفجي في السعودية عام 1991 خلال حرب الخليج الأولى. خلفت هذه الذخائر أعدادا كبيرة من الذخائر الصغيرة غير المنفجرة.
حظي استخدام الذخائر العنقودية في اليمن منذ أبريل/نيسان 2015 بتغطية إعلامية عالمية، وأدى إلى موجة استنكار عارمة، وأدانته عشرات الدول وكذلك أدانه قرار صادر عن البرلمان الأوروبي. في سبتمبر/أيلول 2015 أعربت أكثر من 60 دولة – في مؤتمر الاستعراض الأول لاتفاقية الذخائر العنقودية – عن قلقها العميق إزاء استخدام الذخائر العنقودية في اليمن، وأصدرت إعلانا يدين “أي استخدام للذخائر العنقودية من قبل أي طرف”.
أقرت قوات التحالف استخدامها قنابل عنقودية أمريكية وبريطانية الصنع في اليمن، لكنها ادعت أن استخدامها يتوافق مع قوانين الحرب. في 11 يناير/كانون الثاني 2016، وفي مقابلة مع “سي إن إن”، قال المتحدث باسم قوات التحالف إن التحالف استخدم قذائف “سي بي يو-105” (CBU-105)ذات مجسات الاستشعار في حجة في أبريل/نيسان 2015 “ضد معسكر اعتقال في المنطقة، وليس بشكل عشوائي”. قال إنه تم استخدام قنابل سي بي يو – 105 الأمريكية “ضد مركبات”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن في مايو/أيار، علقت الولايات المتحدة إرسال الذخائر العنقودية إلى السعودية، لكن على الرئيس باراك أوباما أن يوقف كل مبيعات الذخائر العنقودية للسعودية قبل انتهاء ولايته، وجعل منع الذخائر العنقودية دائما ويشمل كل الدول الأخرى.
الذخائر العنقودية تُطلق برا بالمدفعية والقذائف، أو جوا بإسقاطها من طائرات، وتحتوي القنبلة العنقودية على عدد من الذخائر الصغيرة التي تنتشر على مساحة كبيرة. كثير منها لا ينفجر ويخلف ذخائر صغيرة غير منفجرة تشكل تهديدا لفترة طويلة بعد انتهاء النزاع.
الذخائر العنقودية محظورة بموجب معاهدة 2008 التي وقعتها 119 دولة. لم توقع البرازيل والولايات المتحدة واليمن والسعودية، وشركائها في التحالف: البحرين ومصر والأردن والكويت والمغرب وقطر والسودان والإمارات على المعاهدة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على هذه الدول الانضمام فورا إلى معاهدة الذخائر العنقودية والالتزام بأحكامها.
هيومن رايتس ووتش هي مؤسس مشارك لتحالف الذخائر العنقودية. سيترأس السفير الألماني مايكل بيونتينو الاجتماع السنوي المقبل لاتفاقية الذخائر العنقودية في جنيف بين 4 و6 سبتمبر/أيلول 2017.
جرى هجوم الذخائر العنقودية يوم 6 ديسمبر/كانون الأول في صعدة بعد يوم من تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بشأن الذخائر العنقودية. صوتت 141 دولة لصالح قرار غير ملزم في الاتفاقية في حين صوتت روسيا وزيمبابوي ضده، وامتنعت 39 دولة. ضمت قائمة الدول الممتنعة عن التصويت اليمن والسعودية والولايات المتحدة والبرازيل.
في 19 ديسمبر/كانون الأول، ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن حكومة المملكة قررت “وقف استخدام الذخائر العنقودية ’بي إل- 755‘ البريطانية الصنع”، وإبلاغها المملكة المتحدة بقرارها. اعترف البيان باتفاقية الذخائر العنقودية، لكنه زعم أن “القانون الدولي لا يحظر استخدام الذخائر العنقودية”. كما زعم أن استخدام السعودية للقنابل العنقودية البريطانية الصنع في اليمن هو “ضد أهداف عسكرية مشروعة وللدفاع عن المدن والقرى السعودية من هجمات ميليشيات الحوثي المتواصلة والتي أدت إلى سقوط ضحايا بين المدنيين السعودية. عبر نشر هذه الذخائر، لاحظ التحالف بشكل كامل مبادئ القانون الإنساني الدولي الخاصة بالتمييز والتناسب. وعلاوة على ذلك، لم تنشر الذخائر في المراكز السكانية المدنية”.
في نفس اليوم، اعترفت الحكومة البريطانية بامتلاكها أدلة تشير إلى استخدام التحالف ذخائر عنقودية مصنوعة في المملكة المتحدة في هجمات في اليمن.
قال غوس: “أخيرا، بدأت السعودية تستشعر الضغط العالمي لاستخدامها المستمر للذخائر العنقودية. على كل من السعودية والبرازيل الانضمام إلى الحظر الدولي على هذه الأسلحة فورا”