الجديد برس : رأي
عبدالحميد الغرباني – اعلامي يمني
حين اجتاحت دبابات الكيان الصهيوني العاصمة اللبنانية في 1982م أطل أستاذ الأدب العربي الشاعر اللبناني خليل حاوي من شرفة منزله بسلاحه الشخصي ليتأكد من الخبر الذي سمعه عبر أثير بعض الإذاعات وحين شاهد بعينيه وجود دبابات العدو الصهيوني في شوارع بيروت ، أخرج سلاحه في تلك اللحظة ووجه الفوهة إلى رأسه وضغط على الزناد !
هذه الحادثة مثيرة وجرها في مقدمة هذه السطور ليس للحديث حول مدى صوابية ردة الفعل هذه من عدمها أو إلى أين ستنتهي بصحابها، بل يكفي أن نلتقط منها أن خليل حاوي لم يصفق للمحتل أو جلس ينظم شعرا عن الحاجة الماسة للغزو أو أنه سارع مثلا إلى كتابة قصيدة يتحدث فيها عن حاجته للنوم أو أنه بات يخاف أن لايستطيع فعل ذلك ! كما يفعل بعض مثقفي اليمن الخونة ! الذين يعتبرون تدمير بلادهم ومقدراته وذبح ساكنيه وإركاعه من جديد للتبعية السعودية دفعا نحو مستقبل أفضل لليمنيين ! مامن شك أن عربدة الضابط الإماراتي أو السعودي في عدن أو الضابط الأمريكي في لحج كماهو حاصل راهنا ، مشهد مهين لعروبة وقومية ووطنية كل يمني … ويفترض في مقدمة من يغضب لهذا الواقع الذي تعيشه عدن والمكلا وغيرهما الاشتراكيون والناصريون وحتى الحراكيون ! لكنهم ذابوا جميعهم أمام الغزاة الجدد يبحثون عن مايرمونه إليهم من فتات مآدبهم ومن بقايا موائدهم !
ثم يدعون بعد ذلك أنهم مناضلون وأحرار ويجعلون القبول بالغزاة مجرد وجهة نظر !
ثم لايقفون عند هذا فوقاحتهم منقطعة النظير وسبب ذلك أنه حين انحرفت مسارات واهتمامات هؤلاء وغادرت الهم اليمني والثوابت الوطنية وخضعت لأمور أخرى انتهت بهم إلى خيانة الوطن وتوفير غطاء بحث عنه الغزاة الجدد لتنفيذ مخطط عدوانهم على اليمن لقسره على العودة إلى الوراء كدولة يحكمها السفراء وأذنابهم ..
لذلك ليس غريبا على المراقب للشأن اليمني أن يرى فيها رجالا يصارعون الطيارات والقنابل العنقودية والسلاح الأفتك في العالم بثبات واستبسال لم يسجل له التاريخ مثيلا ..
وآخرين من اليمن يصطادون المتع في دبي ولندن وبعض العواصم الغربية الأخرى أما غضبهم فسهام موجهة نحو من يحمي الديار ويستبسل في تطهير البلاد من أوساخ العدوان ..
في اليمن ثائرون أحرار يقتنصون قتلة العدوان في ميدي وعسير ونهم ونجران وجيزان كيما يفرضوا على العدو وقف استهداف اليمنيين ..
ومن اليمن أشباه رجال يشاهدون حرب الإبادة التي تطحن أبناء وطنهم في الأسواق والأعراس والعزاء … ثم يخرجون من الكباريهات والفنادق ليكتبوا تبريرات للقاتل الطائر ما ارتكب من فظاعات …
في اليمن أحرار كثر يستنفرون للكتابة حول مخاطر استمرار العدوان وأهمية رفد الجبهات ومواجهة الاستقطاب الذي يشتغل عليه العدوان ويسعون لتفنيد الشائعات وبث جرائم العدوان المتواصلة وووالخ ….
وفي اليمن حمقى ينشغلون بقضايا هامشية فيحيلونها أخطر من غارات الإبادة ..
وفي اليمن حمقى آخرون سريعا ماينخرطون في الحديث الهامشي وبدلا من تهميشه وشغل الناس بمايجب ان ينشغلوا به يعطونه الأولوية وترى الجميع يصر إلاان يكتب وبشكل لا تراه حين وقوع جريمة مايرتكبها العدو ..
في اليمن رجال لايعرفون إلا البندقية والمتارس والمرابطة دفاعا عن الوطن
وفي اليمن أناس لايعرفون إلا الماء والغذاء والقات والفيسبوك وليتهم يحسنون استخدام الأخير أو يضبطون إيقاع نشاطهم فيه بما ينعكس إيجابا ويشكل مصدر وعي للمجتمع اليمني لا العكس وهو الحاصل للأسف. .
فلوثة الفيسبوك وفوضاه كبيرة ونشاط الكثير فيه مختل وغير واع وخاضع لما يثيره أعداء الوطن ومن يعملون لحساب العدوان أو لحساباتهم الخاصة أو لحساباتهم السياسية أو الحزبية …
وإزاء ذلك يجب أن يعي الجميع أهمية أن لايكون نشاطه مجرد ردة فعل ! وفي هذا السياق لدى الكثير مايعينهم على توجيه بوصلة نشاطهم وفي مقدمة ذلك الأحداث اليومية .. بداية باعتداءات وجرائم طيران العدوان ومرتزقته على الأرض وعمليات الرد والردع وإنجازات أبطال الجيش واللجان الشعبية ، مرورا بالفعاليات السياسية و الشعبية المناهضة للعدوان وصولا إلى الآثار السلبية التي يراكمها استمرار العدوان على اليمن واستهداف المقدرات الوطنية المختلفة وانتهاء بمواجهة الشائعات والتظليل الذي يعتمده العدو ومرتزقته عبر وسائلهم المختلفة …في الأخير لنكن على قناعة ووعي بأن العدو لم يأت بجنوده وعتاده هكذا فجأة ليحتلنا !! وانما أتى هو وقد أعد عدته وعتاده بمايشغلنا عن توحيد جهودنا عليه وبمايصرفنا عن توجيه اهتمامنا إليه .. ومن هنا يجب أن لا تنحرف أقلامنا ونشاطنا إلى مايريده العدو …