الجديد برس : رأي
محمد الصفي الشامي – كاتب يمني
طــه .. رجل الظل الخفي..
طه ، رجل الظل الخفي ، وصانع الانتصارات المتخفي ، ضمير البطولة المستتر وهمزة وصل الفداء الظاهرة.. العظيم الذي لم يعرفه الناس إلا في قمة تجلياته وذروة عطائه..
طه المداني ، ‘ أبو حسن ‘ من لم يدرك وزن هذا العملاق إلا القلة الخلص .
أبصر النور في بلدة ميدي بمحافظة حجة غربي اليمن ، وشبَ فيها ، والتحق لدراسة المرحلة الابتدائية في مدرسة الثورة ، ثم انتقل إلى مدينة صعدة ، ليكمل دراسة الصف الثالث للمرحلة الابتدائية في مدرسة كهلان ، والرابع حتى السادس في مدرسة السلام، ثم انتقل إلى مدرسة الزبيري وأكمل فيها دراسة المرحلة الإعدادية ، ومن ثم الأول والثاني ثانوي في مدرسة الواسعي بصعدة ، والثالث الثانوي في مدرسة عبد الناصر بالعاصمة صنعاء .
تخرج الشاب طه المداني من المرحلة الثانوية والتحق بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء ، وكان حينها يهوى الكتابة، ويعمل على النشر، وأثناء دراسته وفي اختبارات الترم الثاني من المستوى الرابع والأخير بالتحديد ، تم اعتقاله ووضع في السجن ‘ للمرة الثانية ‘ ، حيث سبق وأن اعتقل أول مرة ، إثر مهاجمة الأجهزة الأمنية له وهو برفقة عدد من أصدقائه ، وتعرض لطعنة في رقبته ، وتم الإعلان عن ذلك في جريدة الشورى .
بعد أن قضى فترة وجيزة خلف القُضبان ، أُعلن العفو على غالبية سجناء أنصار الله قبيل اشتعال فتيل نيران الحرب الرابعة ، وبدأت خيوط الشمس تضيء رويدا رويدا ، وكان المداني ضمن من تم الإفراج عنهم حينها ، خرج من عتمة السجن مرفوع الرأس ، ومنكسا لرؤوس السجانين وسخطهم ، بإرادته الصلبة وقوته وإيمانه وكبرياءه ، متمسكا بـ ‘ بوصلة الجهاد ‘ ، التي لم تغب عنه ثانية .
نما حب القائد الميداني أبو حسن المداني منذ فتوته في القيادة العسكرية ، وتوج هذا العشق بالجهاد ، فقد كان يعمل على المرابطة والحراسة لمزرعتهم ببندقيته ليلا ، ويرتب مع شباب المنطقة التي يقطن فيها على حراستها وتأمينها ، عارفوه يشهدون بشخصيته الكاريزمية المذُهلة التي كان يمتلكها ، وحضوره القوي في أوساط من كانوا حوله .
ومع شجاعته وبسالته وشدته ورصانته ، عُرف بإيمانه وإخلاصه وزهده وتواضعه وارتباطه بالله ، هكذا كان الفارس الشاب طه المداني ‘ أبو الحسن ‘ ، قائدا عبقريًّا حقيقيًّا في مجال الفنون الحربية ، مؤمنا مستشعرا عظمة المشروع والقضية التي يسير عليها ، لا يتردد في مواقفه وتصرفاته كونها مسبوقة بوعي ، وبتكتيك خاص يعتمد على قراءته للمعطيات وما يستطيع كسبه في النهاية ، وذلك مما ساعده على الصمود والمواجهة والنجاح ، لطالما كان للقيادة العسكرية الحكيمة الدور الرئيسي في تحقيق انتصارات على الأرض ، وقد يصعب إقناع احدٍ ما بأن أمور لا يمكن سردها وكتابتها عن تفاصيل سيرة حياته الجهادية في شهادات زملاءه ، رفقاء الدرب والسلاح .