الجديد برس : رأي
بديع الزمان اليماني – كاتب وناشط يمني
الشخصيات الخفية – Hidden Figures
شاهدت مؤخرا الفيلم الرائع hidden figures وهو الفيلم الذي يحكي فصلا من فصول العنصريه والتمييز العرقي الذي طال المواطن الاسود في امريكا.
من اسم الفيلم يظن المتفرج إنه يعني الأرقام الخفيه كون بطلات الفيلم الثلاث كن متخصصات بالرياضيات ولكن من سياق الفيلم يتضح أنه يناقش الادوار التي لعبتها تلك الشخصيات الخفيه.
يروي الفيلم عن القصه الحقيقة لثلاث نساء امريكيات سود صنعن التاريخ من خلال الصبر والمعاناه والاجتهاد.
تتصاعد الدراما في هذا الفيلم المميز جدا من خلال تجسيد معاناة كل واحده من تلك النسوه في مقر عملها ولم يشفع لهن نبوغهن العلمي خصوصا في مجال الرياضيات لكي يحصلن على المعامله التي استحققنها عن جدارة واستحقاق.
استطاعت تلك النسوه الثلاث من حل اصعب المعادلات الرياضيه والتي كانت تحتاجها وكاله ناسا لكي تتفوق على الروس في سباق الفضاء ايام الحرب البارده.
كانت الصواريخ الامريكيه اما ان تتحطم او تظل طريقها واكتشفت الناسا ان السبب كان هو المعادلات الرياضيه التي كشفتها تلك النسوه. حتى ان اول قائد فضاء امريكي (جلين) رفض ان يصعد إلى الكبسولة الفضائيه حتى تؤكد له تلك الفتاه السوداء احداثيات انطلاق وهبوط الكبسوله
رغم هذا عانت تلك الفتاه من تعامل زملائها معها في القسم ورفضهم حتى ان تشرب القهوه من نفس الماكينه التي كتبوا عليها (للبيض فقط).
وتزداد الاثاره ومشاعر الألم في الفيلم عندما يصرخ رئيس القسم عليها عندما وجدها تخرج كل يوم لمدة اربعين دقيق دون أن يعرف اين تذهب. وعندما صرخ اين تذهبين كل يوم وتتركين مقر عملك؟ليتفاجئ بعد ذلك من اجابتها
سيدي انا اذهب إلى الحمام.
وعندما حاول ان يستوضح منها أكثر لماذا يستغرق منها الذهاب إلى الحمام 40 دقيقه كل يوم؟
إجابته بأن الحمام الوحيد المتوفر للملونين يبعد قرابه الكيلو عن مكان عملها.
استطاعت الفتاه الأخرى ان تكون اول مهندسه داخل الناسا وذلك بعد ان اقنعت القاضي بأن يصدر لها حكما لكي تلتحق بمدرسه ليليه كي تستطيع ان تتمكن من مطابقة الشروط المطلوبه لتلك الوظيفه
الفتاه الثالثه ادركت انه مع قيام ناسا باستقدام اجهزه كمبيوتر IBM والتي ظهرت في ذلك الحين فان ناسا ستقوم بطرد جميع الفتيات الملونات التي يعملن في قسم التوثيق. ولهذا اضطرت للدخول إلى المكتبه العامه المخصصه للبيض كي تسرق كتابا يوضح لغه الكمبيوتر. وبعد ذلك تمكنت لوحدها من تشغيل الجهاز واثبات وجودها بل واستقدمت كل الفتيات الملونات للعمل معها.
الفيلم فعلا يستحق المشاهده وهو يوضح بجلاء غطرسة الرجل الامريكي الابيض ويوضح بأن جرح العنصريه لا زال غائرا في الجسد الامريكي حتى اللحظه.
بعد حين ن الزمن قامت ناسا وتكريما لتلك الفتاه التي كانت تعاني للدخول إلى الحمام وتم تسمية المركز كاملا باسمها. كما ان جميع تلك الفتيات حصلن على اعلى الاوسمه واضطر المجتمع الامريكي المتغطرس للاعتراف بفضلهن ومساهمتهن.
خلال مشاهدتي لذلك الفيلم الرائع خطر ببالي تلك (الشخصيات الخفيه) والتي تسهم اليوم في وضع اسم اليمن عاليا في السماء العليا
تلك الشخصيات التي للاسف لا احد يعرفها ولكنها هي من تصنع الفارق حاليا . وهي من تزلزل العدوان وهي من تمكنت بفضل الله سبحانه وتعالى من ان ترجح كفة اليمن عاليا بل انها جعلت العدو خائفا مذعورا في مكمنه
تلك الشخصيات الفذه التي لا يعرفها أحد سياتي اليوم الذي تكرم فيه وستنقش اسمائهم بحروف من ذهب.
وهذا اليوم سياتي قريبا جدا
ان شاء الله تعالى
لكن و للاسف هذا الفيلم الذي ترشح لثلاث جوائز أوسكار لم يفز باي جائزه. وبدلا عن ذلك فاز فيلم تافه اسمه moonlight اي ضوء القمر وهو فيلم يحكي قصه فتى اسود مصاب بالشذوذ الجنسي ويحكي مراحل حياته (الشاذه) وصراعه مع المجتمع.
لم يفز الفيلم الذي يحكي عن (نبوغ) الانسان الاسود وفاز الفيلم الذي يحكي عن (شذوذ)الانسان الاسود
ويقولون ان العنصريه انتهت في امريكا
عليهم اللعنة