المقالات

وعي التجربة .. سلاح الأذكياء

الجديد برس : رأي

علي جاحز – كاتب وصحفي يمني

في كل المراحل المفصلية تظهر منغصات وعوائق بل وتبنى حواجز قاهرة وعصية ، غير ان ارادة الانسان وتصميمه على ان يتجاوزها تظل اقوى واكبر وانجع واجدى .

ولو عدنا لنفتش في الذاكرة ، سنجد تجارب مشابهة لتجربتنا الثورية التي لانزال نخوض غمارها منذ العام 2004م مرورا بالعام 2014م ولانزال نخوض الحروب ونواجه الظلم والجور وتحالف الطغاة والمجرمين ، وتواطؤ العالم ومنظماته السياسية والحقوقية والانسانية ، ومراوغة اصحاب المواقف ممن يدعون الدفاع عن الحقيقة ومن يدعون حمل القضايا المحقة .

لو تذكرنا كم واجه مشروعنا الثوري من عقبات وعوائق وتحديات كبيرة فوق طاقة ثلة كانوا يحملون المشروع ثم تيار ثم حركة ثم امة ، كانت الارادة في كل مرحلة اقوى مما كانوا يجمعون ويحشدون عسكريا واقتصاديا واعلاميا وتوعويا ، بل تهاوت القوة والحشد المتغطرس في كل مرحلة امام قوة ارادة حملة المشروع .

لماذا يأتي اليوم من يقول اننا لن نصمد ولن ننتصر امام كل هذه المؤامرات وان علينا ان ننحني ونستسلم لكي نحافظ على ما تبقى ؟ ألم نكن قلة قليلة ذات يوم وكانت السلطة بجيشها واجهزتها وقوتها وجغرافيتها الواسعة تقف في مواجهتنا وبدعم وتأييد الخارج نفسه من السعودية الى الخليج الى الجامعة العربية الى مجلس الامن والامم المتحدة ؟ لماذا صمدنا يومها وانتصرحملة المشروع الثوري واسقط السلطة العملية للخارج واليوم لانزال صامدين لعامين ونيف ؟

كان التهويل والارجاف هذا الذي عادة ما يتسلح به الطابور الخامس ، من الممكن وان بنسبة بسيطة ان ينفع ويثمر لو استخدم بداية العدوان ، اما الان فلا اعتقد ان ذلك بات ينطلي على مجتمع وشعب صنع للوعي جبهة ضمن جبهات مواجهة العدوان، وبات يفهم ويعي كل ما يدور حوله ويحلله ويقرأه بعمق وروية ويصل الى نتائج وتوقعات كانت حكرا على نخبة يبيعون له الوهم .

هل تصدقون ان شخصا ممن هم بحكم الانتماء محسوبون على مؤيدي العدوان ، تجادلت معه وقلت له في الاخير هل تريد ان نستسلم ؟ ففاجأني بالاجابة ، حيث قال بكل جدية : تشتي الصدق .. الان في داخلي انا شخصيا اقسم بالله اني لا يمكن اتمنى تستسلموا وان هذا ان حصل اعتبره مصيبة كبيرة ستحل على رؤسنا كلنا كيمنيين .

مستوى الوعي الذي وصلنا اليه بات يلقي بظلاله حتى على تفكير وقناعات الكثيرين ممن كانوا يؤيدون العدوان ويصفقون له من موقع المغرر به والواقع تحت تأثير التعبئة الحزبية او الطائفية او المناطقية ، باستثناء الطابور الخامس الذين هم في الواقع جنود للعدوان داخل مجتمع الصمود والمواجهة ، هؤلاء يلعبون لعبة الوعي ويستهدفون الناس في وعيهم وقناعاتهم لكي يحولون دون توسيع دائرة الوعي بالواقع وبحجم المسؤلية تجاه ما نواجهه من اخطار ومؤامرات لاخيار امامنا سوى الوقوف بوجهها بحزم وتماسك وقوة .

مسيرتنا ومشوارنا الذي قطعناه ليس سهلا وما انجزناه وحققناه من نجاحات وتقدم ليس هينا ، غير ان كل ذلك من الممكن ان يضيع ويصير هباء منثورا ، اذا تخلينا عن روحية التحرك ذاتها التي اوصلتنا الى حيث نقف الان ، وتلافينا الاخطاء التي أخرتنا واعاقتنا عن تحقيق ما هو اهم واكبر ، سنخسر وطننا وكرامتنا اذا لم نتنبه للطابور الخامس وتحركاته ونرصده ونضبطه متلبسا ونعريه ونعزله ، اذا لم نؤمن بان الحق قوة لا تهزم ، اذا اصغينا للارجاف والتهويل وتوقفنا وتراخينا وتراجعنا .

التجارب بكل مراراتها وصعوبتها يجب ان تكون حاضرة معنا نستلهم منها الوعي وتنير لنا طريقنا فالتجربة سلاح لايستفيد منه الا الأكياء والحكماء .. ونحن شعب الحكمة .. وسننتصر باذن الله .
#جبهة_الوعي

يوميات – صحيفة الثورة – عدد الاربعاء الموافق 12 ابريل 2017م