المقالات

ما يتم في عدن هو ما تريده الرياض

الجديد برس : رأي 

عبدالعزيز البكير

ما يتم في عدن هو ما تريده الرياض وتعلم حقيقته حكومة المنفى وأحزاب قيادة ما أسمي بثورة 11 فبراير 2011م (التي لا يعلم حقيقتها الشباب المغرر بهم من أدعياء الثورة)

لقد عملت تلك القوى ومنذُ عام 2011م على تنفيذ مخططها “الخليجي – الأمريكي” الذي هدفه ضرب الوحدة اليمنية وتشطير اليمن وإعادتها إلى ما قبل الـ 22 من مايو 1990م ومن أجل أن لا يكون الجنوب “جنوباً” ولا الشمال “شمالاً” في وضعه الأمني والاقتصادي والجغرافي الذي كانت عليه حكومة الشطرين في الشمال والجنوب قبل 22 مايو 90م عقاباً للشعب اليمني على خلفية إعادة الوحدة اليمنية التي تم إعلانها في الـ22 من مايو 90م على أسس ديمقراطية وتعددية سياسية وحرية الإعلام والصَّحافة، مما يوارق دول الجوار كثيراً وذلك ملم يكن جديداً ، فدول العدوان على بلادنا اليوم هي دول العدوان على شعبنا وثورته الخالدة 26سبتمبر و14 أكتوبر؛ بقيادة النظام السعودي منذُ عام 1962م تعمل تلك الدول بقيادة السعودية جاهدة وتسخِّر كل إمكانياتها السياسية والمالية لمحاربة اليمنيين ومنعهم عن إمكانية إقامة دولة يمنية قوية موحَّدة مستقلة وذات سيادة، لأنها ترى في ذلك “أي نظام آل سعود وحلفائهم الاستراتيجيين من الدولة الاستعمارية القديمة بريطانيا العُظمى” إلى المستعمر الجديد المستعمر الأمريكي الذي ينفرد بقيادة النظام العالمي الجديد الذي يعتبر قيام دولة يمنية مستقلة خطراً على النظام الوراثي لآل سعود.

فما أُعلن في جزيرة سقطرى “المحتلة” وحضرموت وعدن بالأمس لم يكن جديداً ، بل هو مخطط ومسرحية هزلية مُتَّفقٌ عليها بين عدن ونظام آل سعود وحكومة المنفى لتنفيذ مخططهم الذي بدأ تنفيذه عام 2011م عملياً ، فالمخطط هو احتلال الجنوب وفصله عن الشمال وتقسيمه إلى عدة أقاليم هي : إقليم سقطرى – إقليم المهرة – إقليم حضرموت – إقليم عدن – وترك قيادة كل إقليم من الأقاليم خاضعاً لدولة من دول الاحتلال ، وترك أبين وشبوه والضالع متنفساً للقاعدة وقوة لمواجهة خصوم المحتل وعدم استقرار المحافظات الثلاث التي قد تكونان هي الأقطاب الرئيسية التي يتوجَّس المحتلون منهم خيفة في مقاومتهم لاحتلال الجنوب والدفاع عن وحدته وسيادته ، كما أن مخططهم يهدف إلى جعل المحافظات الشمالية مسرحاً للعمليات العسكرية وعدم الاستقرار ودعم وإمداد وتغذية الفتن الطائفية و النعرات القبلية والمذهبية على أساس (قحطاني وعدناني – وزيدي وشافعي – وسني وشيعي – وبكيلي ومذحجي وحاشدي) وغيرها من المسميات المناطقية التي سيدعمها العدوان ويستخدم كل أوراقه ومراهناته التي فشل في استخدام أغلبها لتحقيق ما كان من أهدافه الرئيسية وهي : الحسم العسكري على غرار الغزو الأمريكي للعراق واجتثاث المؤتمر الشعبي العام وقياداته ومحاكمتها وتعيين ناضرة لدول العدوان في صنعاء تمثلها في إدارة الحكم في صنعاء وكانت تلك المدة الزمنية لعملية الحسم العسكري لا تزيد حسب تقديرات دول العدوان عن ثلاثة أشهر؛ تنتهي بها من تحقيق الاحتلال والسيطرة على اليمن وإدارته واحتلاله ، وعندما فشلت بعد عامين بالحسم العسكري ودخول صنعاء عملت على ضرب الاقتصاد ونقل البنك المركزي وتشديد الحصار وتجويع الشعب بغرض إيجاد مواجهة وصراع بين المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله وإشعال حرب تضعف الجبهة الداخلية وتفشل جبهات القتال المواجهة لدول العدوان لتتمكَّن من الحسم العسكري، لأن دول العدوان الذي تقوده السعودية لا تريد حلاً سلمياً يبقي على المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله مع بقية القوى السياسية التي كانت طرفاً في مؤتمر الحوار الشامل وفي الحوارات اليمنية في جنيف والكويت ، لأن الحل السلمي سيعيد كل القوى السياسية إلى الشراكة والحفاظ على الوحدة اليمنية والتصالح وإعادة بناء ما تم ضربه وتدميره من البنية التحتية والمنظومة العسكرية والأمنية ، وهو ما لم تريده دول العدوان لأنه لم يتَّفق مع أهدافها في تحقيق نصرٍ عسكري يحسم المعركة التي تتخلَّص بها من كل الخصوم المناوئين لها أو الخارجين بالأصح عن بيت الطاعة التي دأبت على سياستها السعودية التي تعتبر اليمن حديقة خلفية تتبع توجهاتها السياسية في إدارة الحكم داخل اليمن أو في علاقات اليمن الخارجية، ولم تفتقد تلك السلطة والسياسة التي تمارسها إلا عند إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي جاءت نتيجة للظروف والمتغيرات

الوطنية والإقليمية والدولية ، فمنها :

– الخلافات المعروفة في الجنوب قبل إعادة تحقيق الوحدة

– حرب يناير وفتنتها الدامية

– أُفول المنظومة الإشتراكية بما كان يُعرف بالاتحاد السوفيتي

– وجود الحرب الخليجية الثانية مع إيران وانشغال السعودية وأمريكا بتلك الحرب وخشيتها إذا ما تدخَّلت لعرقلة الوحدة اليمنية من ردَّة فعل صدام حسين وقيادات عربية كانت موجودة في القيادات العربية “حين ذاك” التي اغتنمها الرئيس السابق المشير علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام وحزبه و ألأستاذ.علي سالم البيض نائب رئيس الجمهورية الأولى لدولة الوحدة الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الشريك الرئيسي مع المؤتمر في إعادة تحقيق ذلك الهدف الوطني والسياسي والنضالي لأبناء شعبنا اليمني الذي جاء نتيجة نضال وكفاح وتضحيات يمنية “شمالية وجنوبية” قدَّمها الشعب اليمني لتتحقق الوحدة في الـ 22 من مايو 1990م كواحد من أهم أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وهو إعادة الوحدة اليمنية في إطار الوحدة العربية الشاملة وهو ما أزعج دول الجوار والدِّول الاستعمارية الكُبرى كبريطانيا وأمريكا.

نعم كانت المعطيات الوطنية والسياسية الاقليمية والدولية فرصةً لإعادة الوحدة المباركة ، وهنا نعود إلى استمرار العدوان وتكتيكاته السياسية والعسكرية التي لم ولن تتوقف منذُ بدء الحرب والعدوان التي بدأته بوضع اليمن تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي يُعد عملاً غير قانوني ولا إنساني يتنافى مع الأعراف والمواثيق والعهود الدولية ، اليمن التي تعيش حالة صراع سياسية وأوضاع اقتصادية صعبة يعيش فيها المواطن اليمني تحت خط الفقر ويعيش مئات وآلاف من أطفاله حالة سوء التغذية وكما يعيش أوضاع صحية متردية يعجز المواطن عن علاج أمراض السرطان والفشل الكلوي والسكر وغيرها من الأمراض ، كما يعيش حالة من البطالة والفقر والعوز والحاجة التي هو أسيرها وليس هناك من حاجة تستدعي إلى وضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إلا تبييت سوء النية لتنفيذ ذلك المخطط الذي أعلن في عدن يوم أمس الأول وتناولته حكومة المنفى ببيانها الهزيل الذي يؤكد تأييدها ويكشف اتفاقها التي أكدته في بيانها الصادر الذي قالت فيه : أن ما يتم في عدن مخالف للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار وقرار مجلس الأمن الدولي ، ولم تتطرَّق تلك الحكومة التي تدعي الشرعية إلى الشرعية الدستورية وأهداف ومبادئ الثورة وإلى حق شعبنا اليمني صاحب السلطة ومصدرها ، بل استندت من تدعي الشرعية إلى لا شرعية بما أسمي بمخرجات الحوار والمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي التي كان الغرض منها هوا منع عملية الحرب والصراع وسفك الدم اليمني والتجويع والإذلال وتدمير كل مقومات الحياة التي شرَّعت له ومكَّنت أعداء اليمن من قتل الشعب اليمني وضرب مقدراته والاعتداء على سيادته وضرب نظامه واحتلال أرضه ، كما أعود هنا إلى ما أشرت إليه من عوامل التكتيك السياسي والعسكري وتغيير تلك الخطط، فبعد نقل البنك المركزي وفشله في الحرب والمواجهة الداخلية بين المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله ذهب إلى استقدام قيادات من جنوب الوطن ومرتزقة الدول المشاركة في الحرب والعدوان لاحتلال ذوباب والمخاء ضمن خطة عسكرية حشدت لها دول عربية واسلامية ودولية لاحتلال الساحل الغربي لليمن ولم تزل دول العدوان بقيادة السعودية تحشد بحقدها كل الأجندة السياسية والعسكرية والمالية لتسخِّرها للإضرار باليمن واليمنيين.

ما أقوله هنا كما بدأت في سطور منشوري هذا أن ما أُعلن في عدن وما يُمارس من عوامل الانفصال هو ما تريده الرياض وحكومة المنفى، فلم يكون ذلك مفاجئ أو جديد لدى كل من يقرأ ويتابع قضيتنا اليمنية من اليمنيين والكُتَّاب والمتابعين للشأن اليمني من المهتمين بحقوق الإنسان وحقوق الشعوب ومن الأحرار في كل دول العالم وفي الدول العربية والإسلامية.