الجديد برس : البديل المصرية
صنعاء – علي جاحز
بات من الواضح أن حزب الاصلاح (الاخوان) في اليمن يعيش مأزقا تاريخيا جراء تورطه في تأييد العدوان السعودي من جهة وفي مغادرة البلد وتفكك قواعده الشعبية بين مقاتلين في جبهات متعددة وقيادة في المنافي من جهة اخرى ، كما ان وجوده في صفوف التنظيمات المؤيده للعدوان بات على المحك خاصة وان الجنوبيين ومن ورائهم الامارات يرفضونه وفي الشمال لم يعد له مكان سوى جبهة مأرب التي تستنزف كوادره ومقاتليه بشكل غير مسبوق ، ولعل تواجد معظم قياداته في الرياض فاقم من ازمته مؤخرا واضطره الى اعلان التخلي عن قطر التي تعد الداعم الاهم له ضمن منضومة الاخوان المسلمين التي يجري معاقبة قطر جراء دعمها لها.
خارطة وجود الاصلاح (الاخوان) في صفوف التحالف حاليا :
يحتفظ التحالف حاليا بحزب الاصلاح الى جانب بعض التنظيمات الارهابية كالقاعدة وداعش وبعض الجماعات السلفية ، كورقة عسكرية في الحرب على اليمن التي لاتزال مستمرة منذ ما يربو على 800 يوم ، وبحسب معطيات الواقع فان حزب الاصلاح الذي تصدر مواجهة ثورة 21 سبتمبر 2014م عسكريا من خلال فتح جبهات عدة امتدت من دماج وكتاب والجوف ومأرب وعمران وصولا الى العاصمة صنعاء حيث سقطت اخر معاقله وفر بعدها قادته الى الخارج ، لم يعد له وجود سياسي او تنظيمي في الداخل اليمني ، عدا الوجود العسكري المتوزع بين تعز ومأرب اضافة الى ذوبانه ضمن مجاميع وفصائل متعددة في جبهات المخا وميدي ، اضافة الى وجود خفي ومرفوض داخل الجنوب .
وفي هذا الصدد يرى القيادي في انصارالله علي العماد ان حزب الاصلاح في الداخل لم يعد مؤثرا ولا نفوذ له حى على قواعده النائمة في الداخل ولا على هياكله التنظيمية ، ويضيف عضو المكتب السياسي لانصارالله بالقول ” اصبح الاصلاح على خصومة وقطيعة مع كل الاطراف المحلية سواء في الشمال او في الجنوب ، علاوة على كونه بات غير مقبول في الساحة الاقليمية الا كورقة تستخدمها السعودية وترفضها الامارات .”
ويرى مراقبون ان حزب الاصلاح خسر منذ اندلاع العدوان على اليمن الكثير من الوجود والنفوذ داخل اليمن سواء في المناطق التي تقع تحت سيطرة التحالف او المناطق التي لاتزال تحت سيطرة السلطات في صنعاء ، مصدر امني يؤكد للبديل ان الاجهزة الامنية تمكنت من تفكيك ما يزيد على عشرات الخلايا المسلحة النائمة داخل صنعاء والتي تتبع حزب الاصلاح وتخطط لعمليات ارهابية ، اضافة الى ضبط العشرات ايضا من التنظيمات السرية في عدة محافظات كانت جاهزة لاشعال حروب ، وبحسب المصدر فان الفترة الماضية من عمر العدوان على اليمن شهدت انتهاء قوة الحزب العسكرية والتكتيكية في محافظات الشمال التي لاتزال بعيدة عن سيطرة الاحتلال ، ويستدرك المصدر بالقول ” لانستطيع الجزم بان حزب الاصلاح لم يعد موجودا ضمن افراد الشعب يعيشون ويمارسون اعمالهم ومصالحهم بشكل طبيعي ، لكن نستطيع الجزم ان الحزب فقد القدرة على تحريكهم واستخدامهم في سياق الحرب ”
الاصلاح .. فصائل مرهونة للسعودية :
مأزق حزب الاصلاح لايتوقف في فقدانه بوصلة التحكم بهيكله التنظيمي الذي بناه على مدى عقود سابقة منذ الثمانينات ، بل في كونه بات مرهونا للقوى الاقليمية التي تتحكم في ما تبقى من مكوناته سيما المجاميع القبلية والنخب الدينية والعسكرية ، وبحسب مراقبين فان السعودية تمكنت في وقت مبكر من امتلاك قرار الحزب وشراء ولاءات قياداته ومكوناته الامر الذي جعل الحزب رهين التوجيه الصادر من الرياض وعدم القدرة على اتخاذ المواقف التي يريدها او بالاصح التي ينبغي ان يتخذها ، سيما فيما يخص الموقف من التحرك السعودي الاماراتي ضد داعمته قطر ، حيث لاتأثير لهذا المتغير على اداء الحزب في الميدان تحت راية التحالف .
وبعيدا عن موقف الامارات الواضح تجاه حزب الاصلاح ، الا ان السعودية كما يبدو متمسكة به كورقة رابحة في الحرب على اليمن ، وفي هذا السياق يعتقد عضو المجلس السياسي لانصارالله علي العماد في حديثه للبديل ان السعودية استطاعت اختراق حزب الاصلاح فمنذ نشأته كانت معاهده ممولة من السعودية في الثمانينات والتسعينات ومن خلال هذه المعاهد ان تجعل المرجعية تابعة لها ممثلة في الوهابية ، وبخصوص وجود مجاميع الحزب في جبهات مارب وتعز يفسر العماد ذلك بان السعودية عمدت باكرا على شراء ولاءات التيار القبلي في الحزب عبر اللجنة الخاصة وتمكنت من شراء ولاءات القادة العسكرييين التابعين للحزب عبر اتصال مباشر ، معتبرا ذلك انه الامر الذي جعل الحزب مرهونا للسعودية بحكم الارتباط العيمق لها داخل مكوناته وبالتالي استطاعت ان تجند حاليا قواعد الحزب وقياداته في معارك العدوان في تعز ومأرب وتديرهم بشكل مباشر
ويتفق معه في هذه الجزئية القيادي في الحراك الجنوبي سامي محفوظ ، الذي يعتقد ان حزب الإصلاح الايدلوجي والمرتبط بجماعة الإخوان المسلمين كان متحالفا مع قطر، بينما الوجه الثاني للحزب سيما صاحب الارتباط القبلي والعسكري السلطوي في اليمن استطاع أن يتحالف مع السعودية في حربها على اليمن، واصبح كشريك تستخدمه السعودية.، ويرجح مسؤول العلاقات العامة للحركة الشبابية والطلاببة في الحراك الجنوبي سامي محفوظ في حديثه للبديل ان السعودية سوف ترجح الحفاظ على الاصلاح كما تحافظ على باقي التيارات الاسلامية في اليمن التي تدين لها بالولاء للاستمرار في الابقاء على مشروعيتها في الحرب على اليمن ،
وفي الوقت الذي ظهرت بعض التحليلات التي تقول ان حزب الاصلاح قد يتحرك لمواجهة المتغيرات الحالية في المنطقة ضمن تحركات الاخوان المسليمن التي ظهرت من خلال الموقف التركي وارتفاع بعض الاصوات الاصلاحية المقيمة في تركيا ، يؤكد عضو المجلس السياسي لانصارالله علي العماد ان السعودية لم تتحرك في مواجهة الاخوان الا وهي تعلم ان قيادة الاصلاح لاتمتلك التأثيرعلى الموالين لها سواء من المشائخ او النخب العسكرية او حتى القواعد المقاتلة التابعة للحزب ، متوقعا ان يستمر الاصلاح في القتال تحت راية العدوان لعدة اسباب اهمها ان قياداته في الرياض وانه لا يمتلك القرار في تحريك قواعده ونخبه الدينية و العسكرية والقبلية خارج رضا السعودية
لماذا تخلى الاصلاح عن قطر وتنظيم الاخوان :
وفي حين يبدو ان المتغيرات على الساحلة الاقليمية فاقمت واقع الحزب بحكم ارتباطه بالاخوان المسلمين في ظل الحملة التي يشنها كل من السعودية والامارات على التنظيم ، يبدو المأزق الذي يعيشه الاصلاح واضحا من خلال موقف الحزب من العزلة المفروضة على قطر التي تعد الممول الاهم له في اليمن، في الوقت الذي ينخرط الحزب بشكل رئيسي في الحرب التي يقودها التحالف بقيادة السعودية والإمارات على اليمن، بينما يعيش أبرز قياداته في السعودية،
وعلاوة على ان دعم قطر للجماعة التي ينتمي اليها الاصلاح ( الإخوان المسلمين) هو اهم أسباب تعرضها للهجوم السعودي الاماراتي ، فإن دولة الإمارات لاتزال تتخذ موقفا عدائيا للحزب بل وتصنفه في قائمة الجماعات الإرهابية ، وبالرغم من ذلك كله الا ان حزب الإصلاح لم يستطع أن يتضامن مع حليفته قطر كما هو متوقع ، بل وصل الامر الى تخليه عنها عبر بيان صدر عن قيادته في تعز غازل عبره الإمارات .
وبهذا الخصوص، يرى القيادي في انصارالله على العماد في حديثه للبديل ان وضع حزب الاصلاح ( الاخوان ) في اليمن لم يختلف كثيرا الان عن السابق ، وعلل عضو المجلس السياسي لانصارالله علي العماد ذلك بان الحزب لايمثل فصيلا سياسيا تابعا للاخوان بل هو عبارة عن تجمع نخب متعددة المصالح وهي الشق القبلي الذي كان يقوده الاحمر والشق السلفي الذي يقوده مشائخ دين يدينون بالولاء للسعودية ومتواجدون في الرياض حاليا ، اضافة الى الشق الذي يدعي انه اخواني ، معتبرا ان هذا الشق هو الكوفية التي اختارها الاصلاح ليظهر بانه ضمن تنظيم الاخوان المسلمين ، بينما في الواقع هو مرتهن للسعودية وهو ما يفسر التناقض الذي يظهر بين موقف السعودية والامارات ضد الاخوان في قطر واحتضانهما للاصلاح في اليمن .
ومن هذا المنطلق يرى العماد انه لم يكن متوقعا ان يتغير موقف الاصلاح من السعودية بعد موقفها من الاخوان ومن قطر ، ويضيف بالقول ” نحن نعلم وتعلم قواعده ان قيادات هذا الحزب تعتمد على البراجماتية الغوغائية بمعنى انهم لا يحملون سياسة ثابتة وقيم يسيرون عليها “، منوها انه ليس غريبا ان يتخلى الاصلاح عن قطر بهذه البساطة برغم انها كانت داعمة له ، مذكرا بمواقفه البراجماتية في التعامل مع قضايا ومتغيرات عدة ابرزها في العام 2011م حين بدا باخراج مسيرات ضد السعودية التي كانت تدعم نظام صالح حينها ثم ما لبث ان رحب بالمبادرة والشراكة مع نظام صالح تلبية لرغبة سعودية ، حسب قوله .
القيادي في الحراك الجنوبي سامي محفوظ في حديثه للبديل يقرأ هذه الجزئية بشكل مختلف ، حيث يرى ان الاصلاح تقارب مع الاخوان لكنه ليس فرعا منه ويقول : ” اذا أردنا أن نفهم ايدلوجيه حزب الإصلاح، فهو حزب تأسس على قوة تبحث عن السلطة والنفوذ، ولكن بصيغة إسلامية، فلهذا نراه قد تقارب مع فكر الإخوان المسلمين، ولكنه ليس فرعا منه، وتحافظ على شخوصها ذات النفوذ القبلي داخل اليمن.” ، محفوظ يعتقد ان حقيقة ما يدور من صراع بين السعودية وقطر تتمحور حول من سيكون صاحب اليد الطولا على هذا الحزب في اليمن،، مرجحا ان ذلك هو جزء من الصراع بين البلدين على كافة المنظمات والحركات ذات الطابع الديني، عربيا ودولياً.
الاصلاح والتنظيمات الارهابية .. في صفوف التحالف في اليمن :
في الوقت الذي تبرر السعودية والامرات هجومهما على قطر بانه في سياق محاربة الارهاب الذي يريان ان الاخوان المسلمين هم مصدره وقطر ممولة له ، تقول المعطيات الميدانية في اليمن ان الاصلاح والتنظيمات الارهابية تشكل ورقة رابحة بيد التحالف ، وهو ما يؤكده بيانات تصدر عن القاعدة وداعش تتبنى فيه الكثير من الهجمات العسكرية في تعز ومارب والبيضاء.
وفي هذه الاثناء اثيرت تساؤلات حول مصير الجماعات الارهابية وحزب الاصلاح في اليمن ومدى تأثير هذا التحرك الخليجي على جبهات القتال التي تعتمد على الاصلاح والتنظيمات الارهابية في معظم الجبهات ، وقالت اوساط سياسية واعلامية ان السعودية والامارات قد تتخلى عن هذه التنظيمات وهو ما يمكن ان يشكل انحسارا لجبهات التحالف في اليمن .
وكانت مصادر اعلامية قد تحدثت امس ان الإصلاح يوجه مسلحيه بالانسحاب التدريجي من مواجهة الجيش واللجان في تعز، وقيادات اصلاحيه تنقل أماكن سكنها إلى مناطق مجهوله بعد إبلاغها ان طرف آخر سلم للإمارات كشف يحتوي على إحداثيات منازل هذه القيادات .
بدوره القيادي الجنوبي سامي محفوظ يستبعد ان تستغني السعودية عن الاصلاح في اليمن الى جانب تنظيمات مصنفة بانها ارهابية مثل القاعدة وداعش التي يديرها علي محسن الاحمر الذي يتواجد حاليا في احضان السعودية .
ويتابع المسؤول عن القطاع الطلابي والشبابي في الحراك سامي محفوظ بالقول :” ولأن القضية ليست قضية إرهاب أو دعم للإرهاب كما اسلفنا سابقاً، فالسعودية سوف تستمر في الحفاظ على دعمها للقوى داخل اليمن والتي تعتبر من أهم المنظمات والتيارات الإرهابية في العالم،كالقاعدة وداعش، والذي يقودها أشخاص تستضيفهم السعودية لديها تحت ذريعة الحرب على الانقلاب وحماية الشرعية في اليمن. ”
مستقبل الاصلاح .. بين تركيا والسعودية وقطر :
في هذه الاثناء تثار تساؤلات حول مصير حزب الاصلاح والجماعات التكفيرية المتحالفة معه على مستوى اليمن والمنطقة عموما في ظل تداعيات الازمة القطرية ، وبين راي يتوقع ان السعودية والامارات ستحتفظ بالاصلاح كورقة في حربها على اليمن وربما الى مابعد الحرب ، وبين اخر يتوقع ان يجري تفكيك التنظيم ضمن توجه امريكي تلوح معطياته في ما يجري بخصوص قطر حاليا .
على وقع ذلك، يتوقع القيادي في انصارالله علي العماد في حديثه للبديل ان الاصلاح سيتوزع اليوم بين تركيا وقطر والسعودية ، وفيما يخص قياداته المقيمة في الرياض مثل رئيس الحزب محمد اليدومي وعبدالوهاب الانسي الامين العام فهي باتت مغلوب على امرها ، مرجحا ان الرياض تستخدمهم لشرعنة العدوان على اليمن ولن تسمح لهم بان يتخذوا اي موقف لا ترغب فيه .
وعلى ذات الاتجاه يرى محفوظ ان فصائل الاصلاح ذات النزعة القبلية السلطوية سوف تكون منبطحة وتدين بولاءها للسعودية ولن تتعرض لأي عقوبات تصنفها بقائمة الإرهاب. وهذا يدل على ازدواجية واضحة فهي تدعي مقاطعتها لقطر بحجة دعم الإرهاب، بينما هي تقوم بدعم الإرهاب عبر أشخاص وتنظيمات وخاصة داخل اليمن، وحالياً هناك دعم كبير لإنشاء قوات تتبع تلك القوى المتشددة داخل الجنوب اليمني، وسوف تكون اليد التي تضرب بها أي قوى معارضة لهيمنة وسيطرة ال سعود على المناطق المحررة، وأهمها المجلس الأعلى للحراك الجنوبي، والذي يعارض وبشدة اي تواجد لأي قوة غير جنوبية مؤمنة بالتحرير والاستقلال.