الجديد برس : رأي
صادق القاضي – كاتب صحفي
ماذا لو كانوا في زمن الرسول، وخاطبهم: يا معشر (الإخوان) المسلمين! ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟!
المؤكد أنهم كانوا سيختارون، وبلا تردد، الشاة والبعير. بل ربما نسقوا حينها مع مراكز قوى إقليمية ودولية في انقلاب ثوري مشبوه ينتهي بهم لاجئين في روما والحيرة وفارس.
مشكلة «الإخوان»، ربما في كل مكان، ليست فقط في اللؤم والشره، بل أيضاً في العجلة وقصر النظر، بحيث يمكن أن يضحوا من أجل المصلحة الآنية القريبة العابرة بالمصالح الاستراتيجية العميقة، ويخسروا في النهاية حتى الشاة والبعير.
في السنوات الثورية الأخيرة، ضحى «الإخوان» بالمكتسبات الاستراتيجية المفترضة للربيع العربي، من أجل الثمار السلطوية الأولى للحراكات الشعبية، فاندفعوا إلى عناق العروش بشبق تسعين عاماً من الحرمان والخيالات السلطانية.
في عاصمة تنظيمهم الدولي، كان العرش قد بات في أيديهم، لكن المرشد العام اختار أن يخسر مصر ليربح السعودية، وبشكل عملي ضحى بالسلطة في مصر، من أجل المعارضة في سوريا. وفي لحظة حاسمة كان فيها الشعب المصري ينتظر بلهفة من رئيسه «الإخواني» حلاً للأزمة الاقتصادية المستفحلة، ظهر الرئيس مرسي على قناة «الجزيرة»، هاتفاً بسقوط الرئيس السوري.
ضحى «إخوان» اليمن باليمن من أجل السعودية
أصبحت تلك خطبة الوداع، فسرعان ما سقط الرئيس مرسي قبل الرئيس بشار الذي ما زال يحكم حتى اليوم، ومن تحصيل الحاصل الحديث عن دور السعودية في إسقاطه، وصراخ وغضب «إخوان» اليمن من تقويض الرياض لدولتهم في القاهرة.
ومع ذلك، ومجدداً، ضحى «إخوان» اليمن باليمن، من أجل السعودية، ومن بين مصالحهم الكائنة اللامحدودة في اليمن، ومصالحهم الممكنة العابرة مع التحالف الخليجي، اختاروا هذه الأخيرة، مخاطرين بالشاة والبعير في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
قبل ذلك، كان هؤلاء قد ضحوا بعشرة عصافير كانت في يد الرئيس صالح، لصالح عصفور وهمي على شجرة الأمير القطري، وانقلبوا ضد شريكهم الذي مكنهم مسبقاً من السلطة طوال عقود، من أجل وعد بالتمكين من موظفة عابرة في الإدارة الأمريكية.
كنهاية تراجيدية ملائمة، «إخوان» اليمن، اليوم، إما يعملون مرتزقة مع عدوهم، أو يعيشون في شتات المنافي، على قلق الولاء المرتبك بين أولياء النعم: قطر التي باتت تتعامل مع علاقتها بهم بين الشفقة والعار، كـ«علاقة أم بولد زنا»، والسعودية التي تتعامل معهم في اليمن كمرتزقة، وخارج اليمن كإرهابيين.
هذه للأسف مشكلة «الإخوان»، وبالذات خلال الربيع العربي، لقد أرادوا الاستحواذ على كل شيء، فخسروا كل شيء، من زيتون تونس إلى تمر العراق، ومن بلح الشام، إلى عنب اليمن.