الجديد برس – متابعات اخبارية
كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني، أنَّ عائلات المئات ممن لقوا حتفهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تبحث إضافة دولة الإمارات العربية المتحدة كطرفٍ متهم في دعوى ضد السعودية، وذلك بسبب دورها في تلك الفاجعة.
وقد قُتِل ما يقرب من 3 آلاف شخص عندما اصطدمت طائرة مختطفة بمركز التجارة العالمي في نيويورك، ومبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وسقطت طائرة أخرى في حقلٍ بولاية بنسلفانيا.
وحتى الآن، كان اهتمام عائلات الضحايا والممثليين القضائيين ينصب على السعودية، التي يُدَّعى أنَّها ساعدت في دعم الهجوم عبر تمويلٍ مزعوم لمعسكرات تدريب تنظيم القاعدة، وكذلك دعمها للتنظيم، بما في ذلك بتوفير الأسلحة والتمويل والدعم اللوجستي.
لكنَّ دعم الإمارات المزعوم للقاعدة قد أُثير في الدوائر القانونية في نيويورك، وفق موقع ميدل إيست آي، الأمر الذي دفع عائلات الضحايا لمناقشة اتخاذ إجراءٍ قضائي قبل تجاوز المهلة القانونية المتعلقة بالطعون القضائية بخصوص الهجمات المدمِّرة، وستنتهي المهلة في يناير2019.
وقالت كريستين بريتويزر، التي فقدت زوجها رونالد في الهجمات، لموقع “ميدل إيست آي”، إنَّ الإمارات “على رادار” عائلات الضحايا وفرقهم القانونية.
وأضافت كريستين، وهي ناشطة بارزة وعضوة في “فتيات جيرسي/Jersey Girls”، وهو الاسم الذي يُطلَق على مجموعة مكونة من أربع سيدات من ولاية نيوجيرسي فقدن أزواجهن في هجمات سبتمبر، وأطلقن حملة لتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في الهجوم: “تحتاج الإمارات لبعض الاهتمام، وعلى محامينا أن يبدأوا الخوض في الأمر بطريقةٍ أكثر قوة”.
وتابعت: “سأقول ببساطة هذا الأمر: بالنسبة لي، لا تبدو أيديهم نظيفة، وأعتقد أنَّ دورهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر أوصلتهم بخاطفي الطائرة بحاجةٍ لمزيد من التحقيق”.
هل دعمت الإمارات القاعدة؟
في سلسلةٍ من المقابلات، أشار أقرباء ضحايا 11 سبتمبر، بما في ذلك بريتويزر، ومحامون من نيويورك إلى نتائج تقرير اللجنة المعنية بالتحقيق في الهجمات كمبرِّر لإضافة الإمارات إلى قائمة المتهمين في سلسلة من القضايا المعروضة على المحاكم في الوقت الراهن ضد السعودية، بموجب قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، الذي صدر في سبتمبر 2016.
وينحدر اثنان من الخاطفين الذين قادوا الطائرات لتتحطم في البنتاغون وأبراج مركز التجارة العالمي من الإمارات، بينما كان 15 آخرون من السعودية.
وذكر تقرير لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر، الذي نُشِر في يوليو 2004، ووثائق أخرى مصاحبه له، الإمارات أكثر من 70 مرة، ووجدوا أنَّ معظم المهاجمين سافروا عبر دبي في طريقهم للمشاركة في الهجمات.
واكتُشِف وفق ميدل إيست آي، أنَّ 120 ألف دولار قد حُوِّلت من قائد الهجوم خالد شيخ محمد، الذي يواجه الآن محاكمة عسكرية في معتقل غوانتانامو، إلى وسيط المؤامرة في دبي، عبد العزيز علي. ثم جرى تحويل الأموال لتمويل الخاطفين في الولايات المتحدة.
وينصبُّ التركيز القضائي حالياً على الدور الأكبر لحكومة السعودية، التي اتخذت إجراءات لحظر تنظيم القاعدة فقط في عام 2013، لكنَّ أكثر من 700 متهم قد جرى تسميتهم في بادئ الأمر في سبع محاكم على الأقل، ومن بينهم هؤلاء المُدَّعى عليهم عددٌ من البنوك في الشرق الأوسط، بما في ذلك بنك دبي الإسلامي، وجمعيات خيرية وأفراد من مختلف أنحاء الخليج.
وزعمت وثائق المحكمة بشأن دعوى جرى رفعها في نيويورك، في ديسمبر، أنَّ بنك دبي الإسلامي الإماراتي قد “قدم عن علمٍ وقصد خدمات مالية وغيرها من أشكال الدعم المادي للقاعدة… بما في ذلك نقل الموارد المالية إلى عميلٍ للقاعدة شارك في تخطيط وتنفيذ هجمات 11 سبتمبر”.
ولم يرد كل من بنك دبي الإسلامي وسفارة الإمارات في لندن على طلب ميدل إيست آيللتعليق على الصلات المزعومة بمنفذي هجمات 11 سبتمبر، وتمويل تلك الحادثة المُفجِعة.
وقالت مصادر قانونية في نيويورك، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنَّها تعمل على دعوى محتملة تتضمَّن الإمارات، إنَّه من المعروف على نحوٍ شائع أنَّ الإمارات شاركت في ممارسة “ضغوط واسعة ضد قانون جاستا إلى جانب السعودية”.
وأضافوا: “من المثير للاهتمام أنَّ بنكاً في الإمارات، بنك دبي الإسلامي، متهمٌ على الأقل في ثلاث قضايا تتنقل بين المحاكم”.
قاعدة العمليات
وقال غوردون هابرمان، الذي قُتلت ابنته أندريا لين هابرمان بعدما ارتطمت رحلة الخطوط الأميركية رقم 11 في البرج الأول لمركز التجارة العالمي، لميدل إيست آي، إنَّه “من المحبط” أنَّه لم يجر استكشاف الروابط بين الإمارات والإرهاب بشكلٍ دقيق منذ صدور تقرير لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر.
وأضاف: “كانت الإمارات بالتحديد دولةً تُستخدَم كقاعدة عملياتٍ لإعداد وتأهيل الخاطفين الذين أصبحوا في نهاية المطاف الرجال “الأقوياء” الذين سيطروا على الطائرات في 11 سبتمبر. لقد مُنحوا ملاذاً آمناً في دبي من قِبل اثنين من المُدَّعى عليهم في هجمات سبتمبر، واللذين يحاكمان الآن في غوانتانامو، وهما مصطفى الهوساوي وعلي عبد العزيز علي”.
وتابع: “استخدم الهوساوي النظام المصرفي في الإمارات لحشد الأموال والدعم المادي لمحمد عطا (أحد قادة هجمات 11 سبتمبر) في الولايات المتحدة. وسافر غالبية الخاطفين من دبي… في طريقهم إلى الولايات المتحدة للمشاركة في هجمات 11 سبتمبر”.
وأضاف هابرمان أنَّ كثيراً من المعلومات بشأن صلات الإمارات بالهجمات كان يجري تداولها في “المجال العام لسنوات”، لكنَّه كان يأمل في أن “يوقف تمرير قانون جاستا في الولايات المتحدة الدول قبل أن تمنح التمويل والتسهيلات للجماعات الإرهابية وأعضائها”.
ويقول محامون إنَّ هناك أدلة مستفيضة لربط السعودية بالهجمات، بينما قدَّم تقرير لجنة التحقيق أدلة على دعم السعودية والإمارات وإيران للمهاجمين.
وذكر التقرير بالتفصيل كيف فوَّت المخطِّطون العسكريون الأميركيون فرصة استهداف أسامة بن لادن في معسكر أفغاني، في فبراير/شباط 1999. وأخفق المسؤولون الأميركيون في شن ضربة جوية أو هجوم صاروخي إثر مخاوف من أنَّ زعيم تنظيم القاعدة كان يجتمع بـ”زائرين من دول خليجية”.
وعرَّف تقرير 11/9 هؤلاء الزائرين بأنَّهم كانوا مسؤولين رفيعي المستوى من الإمارات. ويبدو أنَّ المسؤولين الإماراتيين ذهبوا لتحذير بن لادن من أجل إحباط الجهود المستقبلية لقتله.
وقالت تقارير أكثر حداثة لوزارة الخارجية الأميركية، إنَّ السعودية والإمارات لديهما مشاكل تتعلق بغسيل الأموال والتمويل الخاص للإرهاب، بدرجاتٍ متفاوتة.
وقالت تيري سترادا، التي فقدت زوجها توم في الهجمات على نيويورك، لميدل إيست آي: “بالنسبة لي، ربما أستشير محاميّ، وسنرى إلى أين تقودنا الأدلة. لقد ظلَّ المحامون الممثلون لنا، ولا يزالون، يولون اهتماماً وثيقاً للأدلة المتعلقة بمصادر دعم تنظيم القاعدة التي أدت إلى هجمات 11/9”.
وأضافت: “لقد كانوا حريصين على تقديم دعاوانا، على سبيل المثال الدعاوى ضد السعودية قُدِّمت فقط بعد تجميع مجموعة من الأدلة المقنعة. وأتوقع نهجاً مماثلاً بشأن أي مصدر آخر للدعم يمكن تحديده”.
وتوجد حالياً سبع دعاوى قضائية على الأقل تسعى للاستفادة من قانون جاستا، الذي منح إعفاءً قانونياً من المبدأ القانوني الخاص بالحصانة السيادية، بحيث يمكن للأسر أن تقاضي الحكومة السعودية والحكومات الأخرى أمام القضاء.
وقال المحامي جيم كريندلر، الذي يمثل 850 من الضحايا في دعوى ضد الحكومة السعودية، إنَّ السعودية هي “وبفارقٍ كبير، هي المتهم الجدير بتحمُّل الذنب”، لكنَّه رفض استبعاد إمكانية توسيع الدعوى لتشمل الإمارات في مرحلةٍ ما خلال الـ18 شهراً المقبلة.
وقال لميدل إيست آي: “غالبية العائلات النشطة على علم بالدور الذي لعبته الإمارات في 11/9. إذا أردنا أن نسلك نهجاً واسعاً، فيمكننا أن نُحدِّد الكيانات الأخرى التي قدمت بعض الدعم للمهاجمين، لكن حتى نصل بهذه الدعوى إلى خط النهاية، من المهم التركيز على الكيان الأكثر مشاركة والأكثر أهمية في دعم تنظيم القاعدة”.
وأضاف أنَّ السعودية كانت “واضحة وضوح الشمس”، لكن “ربما تكون هناك أسباب” لإضافة مُدَّعى عليهم آخرين.
“حالة النفاق مزعجة”
وقد تكثَّفت المناقشات حول توسيع دائرة الحملة القانونية لإدراج الإمارات بعدما حذَّرت أبوظبي من أنَّها قد تنسحب من التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة، في محاولةٍ لمنع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا).
وتوضِّح رسائل البريد الإلكتروني المُسرَّبة، التي نشرت صحيفة ذا ديلي تليغراف تقريراً عنها، في شهر يونيو، كيف حذَّر يوسف العُتيبة، سفير الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة، السياسيين من أنَّ الدول التي قد تتعرض للمقاضاة في محاكم الولايات المتحدة ستكون “أقل ميلاً لمشاركة المعلومات الهامة والاستخباراتية”.
ويأتي ذلك بعدما نشر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش تغريدة، في سبتمبر، يقول فيها إنَّ قانون جاستا قد تكون له عواقب “خطيرة ودائمة”.
ووصفت عائلات ضحايا 11 سبتمبر الدور الذي لعبته الإمارات في الضغط سياسياً ضد قانون جاستا بأنَّه “مُثير للقلق وكاشف بشدة”.
وقالت كريستين بريتويزر، التي فقدت زوجها في الهجمات: “من الواضح أنَّك إذا لم تقم بشيء خطأ، فإنَّه لن يقلقك شيء فيما يخص قانون جاستا… لذلك، وبالنسبة لي، يُطلِق علمي بتلك المعلومات إنذارات ضخمة، من النوع الذي يُطلِق ومضاتٍ حمراء”.
ويأتي هذا الكشف عن الضغط سياسياً ضد قانون جاستا وسط نزاع دائر ما بين ممالك دول الخليج، بعدما قطعت السعودية والإمارات العلاقات الدبلوماسية وأغلقت طرق النقل مع قطر، بعد اتهامها بدعم الإرهاب.
وأضافت كريستين: “بصراحة تامة، حالة النفاق في السعودية بتهديدها قطر بمعاقبة القطريين وحصارهم لتمويلهم للإرهاب مزعجة. فلم لا ينظرون لأنفسهم في المرآة، ويُطبِّقون نفس قائمة التدابير والطلبات (التي طلبوها من قطر) على أنفسهم، ويفتحوا أوراقهم أمام الجميع ليروها؟”
وشهدت الأزمة توجيه سفير قطر لدى الولايات المتحدة، الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني، اتهامات للإمارات بدعمها أحداث 11 سبتمبر، في شهر يونيو، بينما استمرت الحرب الدبلوماسية الكلامية ما بين الدولتين.
وقالت آليس هوغلاند، والدة مارك بينغهام الذي لقي حتفه على متن طائرة الرحلة رقم 93 التابعة لشركة يونايتد إيرلاينز بعد تحطمها في أحد حقول بنسلفانيا، إنَّها تتخوف من استخدام أحداث 11 سبتمبر، كـ”مباراة كرة قدمٍ سياسية” في الأزمة.
وقالت لموقع ميدل إيست آي: “أعتقد أنَّ السفير القطري يؤذي أحاسيس العديد من عائلات ضحايا 11 سبتمبر، بإعلانه أنَّ الإماراتيين وليس القطريين كانوا من ضمن مختطفي الطائرات التي ارتطمت ببرجي التجارة العالمي”.
وأضافت: “أسعى لمواصلة دراسة الأسباب التي قدَّمها القطريون لتأكيد تورُّط الإمارات في أحداث 11 سبتمبر”.