الجديد برس – متابعات اخبارية
ردّاً على العقوبات الأمريكية وقعت روسيا وإيران مؤخراً عقداً بقيمة 2.5 مليار دولار لبدء عملية إنتاج مقطورات السكك الحديدية التي تشتد الحاجة إليها لدى الجانبين.
وتم الاتفاق بين منظمة التنمية الصناعية والتجديد في إيران (إيدرو/(IDRO وشركة ترانسماش هولدينغ (Transmashholding) التي تعد أكبر مورد في روسيا لمعدات السكك الحديدية. وسيقوم الجانبان بإنشاء مشروع مشترك جديد، والذي سيكون مملوكاً بنسبة 80٪ للجانب الروسي بالرغم من أنه الممول الكامل للمشروع، حسبما ذكرت مجلة “فوربس” الأمريكية المتخصصة بالشؤون الاقتصادية.
وتمكنت روسيا وإيران من مواجهة الحظر الأمريكي من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، والاتفاق الآنف الذكر هو الأحدث في سلسلة الصفقات التي تظهر الشراكة المتنامية بين البلدين.
وأشارت “فوربس” في عددها الأخير إلى أن حجم التجارة بين إيران وروسيا قد تضاعف خلال عام 2016، وكان بيع المعدات العسكرية مثل طائرات الهليكوبتر من طراز (مي-17) وأنظمة الصواريخ المختلفة، من أهم الصفقات التي أبرمها الجانبان. ووفقاً لما ذكره رئيس البرلمان الإيراني “علي لاريجاني” فإن طهران منحت أولوية أيضاً لروسيا في أي صناعة ترغب في الاستثمار فيها داخل إيران.
وعلى الرغم من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران في تموز/يوليو 2015 مع مجموعة (5+1) التي تضم أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يتواصل الحظر الأمريكي على إيران بذريعة استمرارها بإجراء تجارب لإطلاق صواريخ باليستية، فيما يتواصل الحظر الأمريكي على روسيا أيضاً على خلفية الأزمة الأوكرانية والوضع في شبه جزيرة القرم.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران كانت قد عقدت على هامش معرض “ماكس 2017” الدولي قرب موسكو، صفقة مع روسيا لشراء 12 طائرة مدنية حديثة من طراز “سوخوي سوبرجيت 100” وقد تصل إلى 30 طائرة على المدى البعيد، فيما أكد وزير الطاقة الروسي “ألكسندر نوفاك” إن الشركات الروسية باتت حاضرة للدخول إلى السوق الإيرانية لتنفيذ مشاريع في قطاع الغاز والنفط”.
وتزامناً مع تعزيز مشاريع الطيران المشتركة، تتطلع طهران لتعاون أوسع مع موسكو في مختلف المجالات، خاصة في التكنولوجيات الحيوية. وكانت إيران قد بحثت مع روسيا قبل عدّة أشهر، صفقة بقيمة مليار دولار لشراء معدات أقمار صناعية.
وتعتبر العقوبات الاقتصادية من أهم الأدوات والوسائل التي تستخدمها أمريكا لتحقيق مآرب وغايات خاصة في مقدمتها الضغط على الدول الأخرى التي لا تتماشى مع سياساتها أو تتبنى سياسات لا تتوافق مع الرغبات والمصالح الغربية على المستوى العالمي.
ويعتقد الكثير من المراقبين بأن هذه العقوبات جاءت بنتائج عكسية للهدف الذي اعتمدت لتحقيقه ، مستدلين على ذلك بالتجربة الإيرانية حيث يؤكدون بأن العقوبات التي فرضت عليها قد زادتها قوة.
وظنّت أمريكا أن إيران ستتراجع أمام ثقل الإجراءات المكثفة والمتتالية التي فرضت عليها، لكن ظنّها لم يتحقق، ليس هذا فحسب؛ بل كانت العقوبات حافزاً حقيقياً وقوياً لطهران للاعتماد على نفسها والسير قدماً في طريق الاكتشاف والاختراع والتقدم في كافة المجالات. كما يعتقد الكثير من المحللين بأن العقوبات التي فرضت على طهران ألحقت أضراراً كبيرة بالدول والشركات الغربية ومن بينها الشركات الأمريكية.
وتجلى المنحى الأمريكي غير العقلاني في فرض عقوبات على روسيا التي تمكنت هي الأخرى من تحويل هذه العقوبات إلى مكاسب ملموسة في الواقع بفضل قدراتها الاقتصادية الهائلة التي تمكنها من أن تكون وحدها سوقاً عالمية دون حاجة ماسّة لمنتوجات الدول الغربية. فروسيا ليست معزولة عن العالم، ولديها إمكانات كبيرة لإلحاق أضرار بالاقتصادات الغربية، وخير مثال على ذلك عندما أوقفت استيراد المواد الغذائية خاصة الخضار من الغرب وحققت هدفين هما: ضرب اقتصادات زراعية غربية ودفع المزارعين الروس إلى مزيد من الإنتاج الزراعي.
خلاصة يمكن القول وحسبما يؤكد الخبراء والمتخصصون الاقتصاديون بأن العقوبات التي فرضتها أمريكا والغرب بشكل عام على إيران وروسيا جاءت بنتائج عكسية بفضل اعتماد طهران وموسكو على قدراتهما الذاتية رغم الصعوبات التي نجمت عن هذه العقوبات.