الجديد برس : رأي
عبدالرحمن يحيى حميد الموشكي
ببساطة الثورة هي تحرك رافض لسلطلة سيئة تتدثر بغطاء الشرعية قد يختلف البعض مع عناوينها ونتائجها الا ان ذلك لا يلغي ان واقعا قد تغير من خلالها.
اولى الثورات في تاريخ الامة كانت على الخليفة عثمان رضي الله عنه ناتجة عن اعتقاد الثوار بانحراف الخليفة عن الحكم الرشيد ومحاباته لاقاربه نختلف مع هذا التوصيف او نتفق معه الا ان النتائج افرزت واقعا جديدا بقتل الخليفة وانهيار المخطط الاموي في الاستئثار بالسلطة ولو مؤقتا.
عادت صورة الحكم الرشيد مجددا بالمبايعة المجمع عليها من كل الفرقاء للامام علي عليه السلام وشهد عهده ارقى فترة للعدالة الاجتماعية وعاد المال دولة بين كافة الامة بمعايير عادلة لم يستثنى منها الخصم.
الا ان هذا الامر لم يرق للقوى المتضررة منه فحاكت المؤامرات وادخلت الامة في اتون الصراع في محاولة لحرف دولة العدل عن غايتها الا ان العدالة اخذت مسارها حتى في الحرب وهذا مالم يتحقق على يد اي من رواد العدالة عبر التاريخ.
وحين ادرك الامام الحسن عليه السلام ان غايات دولة العدل سوف تنحرف عن مسارها لم يسغ له ان يكون متربعا على دولة تفقد جوهر القضية.
وبطواعية تنازل ليتيح للامة التقاط انفاسها لعلها تتبين في لحظة هدوءها المسار الصحيح.
لكن قوى التسلط الاموي كان لها مشروعها القاضي بالاستئثار بكل مقدرات الامة وافرزت واقعا حالكا .
مما استدعى تحرك الامام الحسين عليه السلام لتصحيح مسار الحكم في الاسلام وغاياته العادلة محاول ايقاظ ا الامة من سباتها الذي قادها اليه أئمة الضلال وااظلام.
ثورة انتهت بفاجعة اصابت الامة الا انها اسست لكل مبدأ تحرر من قيود الطغاة وقدحت جذوة التحرر والانعتاق من الطغيان في كل ضمير الانسانية .
واسست لمنهج الثورة واصلت له وفارقت كل قوى الخنوع المتدثرة بالدين.
في عصرنا الحديث استلهم الشعب اليمني تلك الروحية من ذلك المنهج وتحرك دون ان ينظر لجنس او نوع من يثور عليه حتى لو كان له وصلا بال البيت.
الا ان المنهج فوق الانتماء وكانت ثورة 1948م والتي قامت على يد من يتشاركون الانتماء على من يثورون عليهم فكانوا وقودها وقادتها وانحازوا الى المنهج لا الى النسب.
وتوالت رغبة الانعتاق من اغلال واقع يجثم على صدر اليمن ليتنفس الصعداء حتى كان 26 سبتمبر 1962م نقطة فاصلة تغيرت ملامح الواقع وافرز مظهرا اخر جديدا له قواه المتفاعلة التي اختطفت الاسم وتركت الاهداف الى ان جاءت ثورة 23 يونيو التصحيحية وكانت مثالا ونقطة مضيئة تجلت فيها روعة مضامين الثورة.
الا ان تلك اللحظة المضيئة ما لبث ان اختفى وهجها وعادت قوى التسلط والاستئثار تهيمن مجددا على الوطن على وطن بأكمله وترهنه تحت وصاية ال سعود مصادرة بذلك القرار اليمني ومخيبة امال الشعب في حريته واستقلاله والنهوض به نحو غاياته التي ينشدها.
هذا الوضع اوجد حالة احتقان تراكمت خلال 33 سنة من حكم الفرد والاسرة ما لبثت ثورة ثورة 11 من فبراير 2011م ان فجرته في وجه الطغاة والمستبدين والمستأثرين بمقدرات الشعب من خلال الشباب الحر الذي كان يحمل بوعي مستقبله الواعد.
الا ان القوى التقليدية باطرافها المتعددة الخاضعة لوصاية الاجنبي استطاعت ان تلتف على المسار السياسي الذي كان يجب ان تصل اليه الثورة عبر تلك المبادرة الخليجية التي شرعنت للوصاية الاقليمية والدولية المتعددة اطرافها.
وقد توهمت تلك القوى انها قد نجحت في ذلك ولم تتنبه ان الثورة قد كسرت نفوذها واوهنت قوتها على الارض مما مهد لقوى الثورة ان تتحرك وتستعيد القرار اليمني من وصاية الخارج و تكللت حركتها بالنجاح في يوم 21 سبتمبر 2014م.
هذا التغير في الخارطة السياسية في اليمن لم يرق لتلك الدول التى كانت تفرض وصايتها على اليمن وقامت بشن عدوان مباشر وبتأييد من القوى المرتبطة بها في الداخل لاجهاض مشروع الثورة الذي يمثل الامتداد الحقيقي لكل الثورات اليمنية السابقة.
ان الفرصة اليوم سانحة لكل ابناء هذا الوطن لينتصروا لامالهم واهدافهم عبر الالتفاف حول الثورة وقيادتها.
وان يستشعروا المخاض الذي تعيشه الثورة في مواجهتها لكل تلك الالة العدوانية المتنوعة الاساليب والاهداف