المقالات

قيادة المؤتمر وممارسة السياسية بعقلية التاجر

الجديد برس : رأي 

م. حسن الحاج

يقال ان التاجر بعكس الصنائعي يركز على الكسب السريع اكثر من الابداع والتأسيس لمكاسب مستدامة ومبدعة ,وهذه الحقيقة هي جوهر المشكلة مع بعض قيادات المؤتمر (الخطاب موجه للقيادة أما جمهور المؤتمر فحالهم كحال بقية الشعب ومع احترمنا أيضا للقيادات الوطنية والمخلصة وغير المتذبذبة) الذين بسبب تعودهم على ممارسة السياسة بعقلية التاجر والتركيز على الكسب السريع ,لا ينظرون الى ابعد من مصالحهم الانية ,و لا يستطيعوا الفصل بين الدولة والغنيمة , ولا بين الشراكة والفيد ,ولا بين المصلحة الوطنية , والمصالح الشخصية والحزبية , ولا بين العدوان و الانتخابات ,ولا بين الاتفاقات والصفقات ولا بين الاخلاق والارقام ,ولا بين الوطن والمزرعة ولا بين المواطن والزبون .
وبسبب غلبة الذهنية الربحية على سلوك وعقول كثيرين من قيادات المؤتمر ينظرون للشراكة باعتبارها مزرعة ابقار كل تفكيرهم ومجهودهم ينصب على حلبها ومن يحلبها لا على رعايتها واطعامها (وهم كما يعرف القاصي والداني خير الحالبين وأسوأ الرعاة وأبخل المطعمين) . كما لا يرون في اي اتفاقات او تفاهمات الا انها صفقات مربحة يعفون انفسهم من دفع اي استحقاقات وكلفة وتضحية توجبها , اوانها مجرد تكتيكات للرقص المؤقت وكروت يظنون ان بإمكانهم حرقها عندما يستغنون عنها , كما اصبحت الثوابت الوطنية كالجمهورية والثورة والوحدة والوطن والوطنية على السنتهم مجرد اعلانات تجارية في بازارات واسواق الدعاية السياسية للتلاعب بقضايا ومستقبل الشعب اليمني , وكلما شعروا بعجرهم او ضالتهم وضالة دورهم امام القضايا والاستحقاقات الوطنية الحقيقية والملحة رفعوها كقميص عثمان لتكون غطاء لأهداف شيطانية تضمرها عقول وقلوب المتاجرين بها.
 
في 14 سبتمبر الفائت وقع انصار الله والمؤتمر اتفاق تهدئة اعلامية بموجبه يتم وقف الحملات والتراشقات الإعلامية بين الطرفين وقبل ان يجف حبر الاتفاق وبعد خروجهم من القصر الجمهورية شن إعلاميو المؤتمر حملة شرسة وقاسية هاجموا فيه الاتفاق ووزير الاعلام ولم يسلم من هجومهم رئيس المجلس الاعلى صالح الصماد بل لم يسلم من اذيتهم قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي .وعندما شرعت الاجهزة الامنية باعتقال بعض الاعلاميين المحسوبين على المؤتمر بموجب القانون وبحسب الاتفاق تحول اعلاميو وناشطي المؤتمر الى دعاة ومنظرين للحريات والحقوق الاعلامية حتى ليظن المتابع ان هؤلاء تتلمذوا على يد فولتير او روسو او كانوا في صفوف ويلسون ماندلا او مارتن لوثر وغيرهم من فلاسفة التنوير والمناضلين المنادين بالحقوق الانسانية ,وليسوا هم ذاتهم مناضلي التوريث العائلي للجمهورية والدولة وقطيع ينتمى لمدرسة عفاش القمعية و الاستبدادية ,التي حولت اليمن لمعتقل كبير للشعب والجمهورية والوحدة .
 
قبلها وقع انصار الله وحلفائهم مع المؤتمر اتفاق الشراكة واعلان المجلس السياسي الاعلى وكان الهدف من هذه الخطوة هو توفير كل الطاقات وتسخير كل الجهود الوطنية وتوسيع دائرة المشاركة للتحمل كل القوى السياسية مسؤوليتها في مواجهة العدوان باعتباره مسؤولية وطنية ودينية على كل اليمنيين, وكذلك توفيت اي فرصة للاعتذار بعد اتاحة الفرصة للمشاركة في مواجهة العدوان غير ان ما حصل كان في الاتجاه المغاير تماماً .
 
منذ توقيع اتفاق الشراكة مع المؤتمر كانت مواجهة العدوان ان على مستوى الميدان او في ادارة مؤسسات الدولة في اخر سلم اولوياتهم حيث انصرف جهد قيادة المؤتمر للدعاية الانتخابية و العمل الحزبي على حساب اولوية مواجهة العدوان وطوال الفترة الماضية ظهر اداء المؤتمر كمن يقيم عرس في مأتم على حد تعبير الصحفي الكبير عبدالباري عطوان او كما لو كنا نخوض معركة انتخابية وليس معركة ضد جبهة عدوانية طويلة عريضة تلف اليمن من شماله وجنوبه شرقه وغربه وتحاول بكل ما اوتيت من قوة ان تبتلعه.
 
وإذا حدث وشاركوا في حشد عدد محدود من المقاتلين لا يغادرون صنعاء حتى تنهال الاتصالات على قيادات الاركان والدفاع و المناطق والمحاور والجبهات لمتابعة اوضاعهم اين ذهبوا؟ وكيف ناموا ؟وهل يتغطون جيدا ؟وهل يحصلون على وجبات كاملة في اوقاتها ؟ كيف يأكلوا وكيف يشربوا؟ وماذا عن صنف القات ارحبي ولا غيلي روس ولا بزغة …الخلاصة حالة استنفار تضطر القيادات الميدانية في الجبهات لسحب مقاتلين من الجبهات لاستقبال مقالتي طارق عفاش والقيام على راحتهم بمعنى اخر البعض يريد جبهة قتال خمسة نجوم (بطبيعة الحال لا يعني ما سبق ان المقاتلين في الجبهات هم انصار الله فحسب بل من كل فئات الشعب اليمني من نقصدهم هنا هم المقاتلين الذي تحشدهم قيادات بعينها في المؤتمر ) .
 
وبدلا من الجدية في تحمل المسؤولية في هذا الظرف البالغ الصعوبة كان يحاول ان يلعب في كل الملاعب ويقفز على الحبال (يرعى مع الراعي ويأكل مع الذيب ) ,سلطة ومعارضة مع السعودية وضدها مع الامارات وضدها مع انصار الله وضدهم وكان مشاركته في مواجهة العدوان مجرد فزعة مع انصار الله وليس مسؤولية وطنية ودينية ، والتنصل من تحمل المسؤولية ومحاولة رميها على انصار الله كما حصل في ازمة المرتبات و اضراب المعلمين وبدل المساهمة في تقديم الحلول ذهب نحو الاستغلال الانتهازي والكيدي لقضية المرتبات الامر الذي يبعث على التساؤل عن اهداف المؤتمر من الاصرار على ان تكون وزارتي النفط والاتصالات من حصته والابتعاد عن المؤسسات والوزارات الخدمية قدر الإمكان .
 
من خلال الاحداث فان هذا الاصرار يمكن فهمه في سيقا الترتيب لإنهاك انصار الله شعبيا وذلك من خلال التحكم بالمال والمؤسسات الايرادية وإعاقة عمل المؤسسات الخدمية والوصول باجهزة الدولة الى حالة شلل في أجهز وعجز كامل عن القيام بابسط خدماتها وخلق حالة تذمر شعبية واسعة واثارة الموظفين والدفع بالنقابات والاتحادات التي يسيطرون عليها لعمل إضرابات والدعوة للاعتصامات والتظاهر. وشد الأنظار للمالية التي تتولى صرفها مع انها ليست اكثر من صندوق مالي والمواطن العادي اول جهة بحملها مسؤولية هي المالية .
 
مشكلة انصار الله وحلفائهم من القوى الثورية هي اضطرارهم لتجريب المجرب ومن نكد الدهر عليهم انهم وجدوا انفسهم مطالبين بالاصلاح ومحاربة الفساد وفي الان ذاته مضطرين للتحالف معه .لم يكن العدوان وحده هو العقبة الوحيدة امام اصلاح مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد فحسب ..فاليمن الذي خلفه النظام السابق كان عبارة عن خرابة كبير كان يمنا محطما على جميع المستويات و التدمير والافساد طال كل شيء فيه من الجمهورية الى الثورة الى الدولة الى الوحدة الى الديمقراطية والتعددية الى الاحزاب الى القبيلة الى القيم الاجتماعية الى التنوع الاجتماعي والمذهبي لم يترك شيء الا وطالته يد الخراب وانتشاله من وضعه يحتاج لمعجزة .