الجديد برس : متابعات صحفية
من جريدة (هآرتس) الإسرائيلية نقلاً عن (رويترز) 5 ديسمبر 2017
مثل اغتيال علي عبدالله صالح دفعة معنوية كبيرة جداً للحوثيين المدعومين من قبل إيران وضربة خطيرة للتحالف الذي تقوده السعودية.
يقول الخصوم والموالون: إن الرئيس السابق المحنك علي عبدالله صالح قد قتل في هجوم مباغت يوم الأحد بعد إقحامه لمناطق في الحرب الأهلية التي تجري في اليمن متخلياً عن حليفه الحوثي المصطف مع الإيراني ومعلناً تأييده للتحالف الذي تقوده السعودية.
ويقول محللون إن موت صالح سيشكل انتصاراً معنوياً كبيراً للحوثيين وصفعة قوية للتحالف الذي كان قد تدخل في الصراع في محاولة لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً.
لم يعد هناك أي أمل لدى دول التحالف التي كانت قد شرت ولاء صالح لمساعدتهم في قلب الطاولة ضد الحوثيين بعد المأزق الذي طال أمده؛ فتسبب إثره الحظر السعودي على اليمن والاقتتال الداخلي في دفع الملايين نحو المجاعة وفي انتشار مفاجئ للوباء.
إذن، سيكون على السعودية أن تستمر في شن حرب طاحنة علها تستطيع إحداث هجمات موجعة على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، مجازفة بأكبر عدد من الضحايا المدنيين، أو أن تقدم تسويات للدفع بالحوثيين إلى طاولة المفاوضات.
تقول مصادر تابعة للميليشية الحوثية إن مقاتيلها كانوا قد أوقفوا سيارة صالح المدرعة بقذيفة (آر بي جي) جنوب العاصمة المحاصرة صنعاء، ثم أطلقوا النار عليه وأردوه قتيلاً, وقد نعى حزب المؤتمر الشعبي العام -الذي يترأسه صالح -موته في بيان على موقعه في الإنترنت.
وفي خطاب تلفزيوني مباشر له يوم الأحد، اعتبر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي موت صالح انتصاراً على تكتل دول التحالف, مهنئاً اليمنيين (بهذا اليوم التاريخي الاستثنائي العظيم الذي أسقطت فيه مؤامرة الغدر والخيانة؛ هذا اليوم الأسود بالنسبة لقوى العدوان).
وقال الحوثي -الذي يتبع الفرع الزيدي للمذهب الإسلامي الشيعي- أنه سوف يحافظ على النظام الجمهوري ولن يقوم بأي أعمال انتقامية ضد حزب صالح.
ابتهاج وتهليل حوثي
طاف الموالون للحوثيين في شوارع صنعاء وهم يفتحون أغاني الحرب الاحتفالية.
كما اعتبر عبدالملك الحوثي الصاروخ الذي أطلقته جماعته نحو الإمارات العربية المتحدة الأسبوع (الماضي) رسالة لأعدائه؛ ناصحاً بعدم الاستثمار الأجنبي في الإمارات والسعودية ما دامت هاتان الدولتان تواصلان حملاتهما العسكرية على اليمن.
اتهم المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام -في تعليقاته لقناة (الجزيرة) التي تبث من قطر- الإمارات بمساندتها لصالح في التحريض على إشعال المناطق، وقال إن الأجهزة الأمنية سوف تقوم بنشر وثائق تكشف تواصله مع التحالف.
قال صالح -ذي 75 عاماً- يوم السبت إنه كان مستعداً لفتح (صفحة جديدة) في علاقاته مع التحالف، ووصف الحوثيين بـ(ميليشيا الانقلاب).
إن الاقتتال بين الحليفين القديمين قد هز صنعاء ذات الكثافة السكانية بقوة لأيام, فيما كان المقاتلون الحوثيون يحكمون السيطرة على كثير من مناطق العاصمة، وفي يوم الأحد كانوا يفجرون منزل صالح في حين كانت مقاتلات التحالف تقصف مواقعهم.
وقالت الأمم المتحدة إن الطرقات كانت مغلقة والدبابات انتشرت في العديد من الشوارع محاصرة المدنيين وموقفة إيصال المساعدات الضرورية منها الوقود اللازم لتزويد المواطنين بالماء النظيف.
وأوضح السكان أنه تم لأول مرة منذ بدء الحرب في 2015 شن ضربات جوية جديدة على المجمع الذي كانت الحكومة التي يقودها الحوثي قد استخدمته.
قالت منظمة الأمم المتحدة -التي دعت لهدنة إنسانية يوم الثلاثاء- إن طائرات المساعدات قد علقت داخل وخارج صنعاء، وأضافت أن اشتباكات جديدة اندلعت في محافظات أخري كمحافظة حجة.
بحسب مسؤول تابع لإدارة ترامب في واشنطن: دعت الولايات المتحدة كل الأطراف في اليمن إلى إعادة إحياء المفاوضات السياسية لإنهاء الحرب.
ودعا هادي -في خطاب مباشر بثته قناة (العربية) التابعة للسعودية- لفصل جديد من القتال ضد الحوثيين بعد موت صالح: (أدعو اليمنيين في كل المحافظات التي لا تزال تعاني في ظل سيطرة الميليشيا الإجرامية الإرهابية، أن ينتفضوا لمواجهتها وطردها).
يقول حافظ البكاري، محلل في المركز اليمني لقياس الرأي العام، إنه يتوقع الآن أن يتصاعد الصراع: (أجزم أن هذا سوف يعطي للتحالف وسلطة الشرعية (هادي) فرصة للضغط العسكري المباشر على الحوثيين في عدة جبهات، في محاولة للاستفادة من التطور الجديد؛ لكن ذلك سوف يحمل تهديداً أكبر للمدنيين، خاصة إذا ما حاول التحالف أن يغزو صنعاء؛ حيث سيقاتل الحوثيون هناك بشراسة).
وقد كانت الحرب نوعاً ما حرباً استنزافية على الأغلب على امتداد خطوط المواجهة الثابتة لمدة عامين.
إلى جانب الحصار الذي يفرضه التحالف والصراعات الداخلية، فقد تسببت هذه الأزمة في إحداث كارثة إنسانية؛ حيث 7 ملايين من الناس هم على حافة المجاعة، كما ومن المتوقع أن يصاب مليون شخص بالكوليرا.
حالياً سوف تتحول الأنظار إلى حلفاء صالح السياسيين والقادة العسكريين الذين ينسب محللوهم الفضل لهم في جعل الحركة الحوثية تتقدم جنوباً في 2014 للسيطرة على أجزاء من غرب اليمن.
ويقول آدم بارون -خبير في الشؤون اليمنية لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- إنه لم يتضح بعد ما قد تقوم به أسرة صالح والحلفاء السياسيون.
ويقول: (سوف يغضب محبوه, ومن المؤكد أنه سوف يخرج العديد للثأر؛ لكن هناك الكثير ممن هم في الوسط -لاسيما من القبائل- سوف يتفق مع الطرف الذي يبدو له الأقوى, لعل التحالف قد وضع الكثير من بيضه في سلة صالح؛ فقط لأن هذا الأخير كان على وشك السقوط, وقد بدا التحالف أنه يدعم بقوة محاولة صالح للتغلب على الحوثيين، وربما تكون قد سقطت هذه المحاولة الآن).
رؤوس الأفاعي
صالح -زعيم التحالفات المعقدة والذي يدعم مصالحه الشخصية والعائلية في مجتمع قبلي مجزأ بعمق ومدجج بالسلاح في اليمن- قد وحد بلده بالقوة، لكنه أيضاً أسهم في انهياره في الحرب الأخيرة.
شبه صالح يوماً حكمه اليمن فترة 33 عاماً بـ(الرقص على رؤوس الأفاعي), وهي فترة شهدت الوحدة بين شمال اليمن المحافظ وجنوبه الماركسي والحرب الأهلية والتمردات وهجمات المتطرفين الإسلاميين والثارات القبلية.
لكنه أزيح عن السلطة عام 2012 بعد ثورة الربيع العربي التي أصيب إثرها في محاولة لاغتياله، وانتقلت اليمن بذلك إلى مرحلة انتقالية ترعاها السعودية.
وقد سافر إلى السعودية لعلاج جروحه، وسمح له الأمراء في الرياض بالعودة إلى اليمن بعد شهور؛ لكنهم سرعان ما أصبحوا نادمين بعض الشيء عندما أوهن صالح المرحلة الانتقالية، وانضم إلى الحوثيين لاحقاً.
وهذا يمهد الطريق لدوره الأخير -ذلك التحالف مع الحركة الحوثية التي قد حاربها سابقاً 6 مرات أثناء فترة رئاسته- ولإيران الداعم السياسي للحوثيين.
لكن الحوثي وقوات صالح الخاصة احتكا ببعضهما ليستأثر كل منهما بالسيطرة على المنطقة التي حكماها معاً بما فيها صنعاء، وتفجر فجأة عداؤهما الشديد لبعضهما في صراع مفتوح في تاريخ 29 نوفمبر.
أفاد المواطنون أن الوضع في صنعاء قد استقر لاحقاً يوم الأحد؛ بعد أن بقي أكثر الناس في منازلهم، وكانت الشوارع خالية، حتى أعلن الحوثيون سيطرتهم الكاملة، واستمرت مقاتلات التحالف في التحليق.
أوضحت قناة (المسيرة) التابعة للحركة الحوثية وشهود عيان أن المقاتلين الحوثيين كانوا قد استولوا على منزل طارق ابن شقيق صالح، وهو جنرال في الجيش.
قال مواطنون إنه تم تبادل إطلاق النار بالآليات والأسلحة الثقيلة بين الأطراف المتحاربة، بينما تقدم الحوثيون نحو المقر السياسي المركزي، وهو مقر يعود لصالح وعائلته.
كذلك أوضحت وسائل إعلام حوثية ومصادر سياسية أن الحوثيون تقدموا نحو مسقط رأس صالح في قرية خارج صنعاء، حيث يملك هناك قصراً محصناً.
من جريدة (هآرتس) الإسرائيلية نقلاً عن (رويترز) 5 ديسمبر 2017