الجديد برس / تقارير
يعد سجن الحائر (الحاير) أكثر السجون السعوديّة تحصينا على الإطلاق حيث يخضع لرقابة أمنية مشددة. وفي حين هناك تحفّظ سعودي تام على أكبر سجن سياسي في البلاد، أكّد موقع ويكليكس في إطار وثائقه السرية التي نشرها على أنّ “المملكة تمتلك أضخم السجون حجمًا في العالم، ومن أشهرها معتقل الحائر”.
السجن الذي غاب عن الواجهة لسنوات، عاد إليها مع بدء حملة اعتقالات الأمير محمد بن سلمان في إطار “مكافحة الفساد” حيث نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مصدر سعودي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 “أن الأمراء والمسؤولين المعتقلين في السعودية قد ينقلون فندق الريتز كارلتون في الرياض إلى سجن الحائر، وقد يواجهون المحاكمة، إذا لم يتنازلوا عن أصول مالية ” بسبب توجيه تهم فساد متعدّدة إليهم، من أبرزها: الفساد وغسيل الأموال والتلاعب بأوراق مشاريع مدن اقتصادية والاختلاس وعقد الصفقات الوهمية وترسية عقود مقابل رشوة وتوقيع صفقات غير نظامية.
استطاع فندق الريتز كارلتون في الرياض أن يخطف الأضواء من سجن الحائر في خطوة مدروسة من الأمير محمد بن سلمان، إلا أن وسائل إعلام سعوديّة تحدّثت عن سجن 11 أمير سعودي من الأسرة الحاكمة وإيداعهم سجن الحائر بعد اعتراضهم على عدد من القرارات الملكية والتجمهر عند القصر الملكي، ليعود السجن ذائع الصيت في المملكة إلى الضوء من جديد، فما هو سجن الحائر ذائع الصيت في المملكة؟ وما هو دوره في معادلة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للحكم؟
سجن الحائر
داخل جدرانه العالية وغرفه المظلمة الأكثر تحصيناً في البلاد قضى المئات من المتهمين والمدانين بالإرهاب إضافةً إلى عدد مماثل من النشطاء السياسيين، وهو ما جعله أشهر السجون السعودية؛ هو سجن “الحائر” أكثر السجون خضوعاً للرقابة الأمنية المشددة.
السجن الذي يقع على بعد 40 كلم جنوبي العاصمة السعودية، افتتح عام 1983، وتشرف عليه المباحث العامة التي فصلها بن سلمان مؤخراً عن وزارة الداخلية ووضعها تحت تصرّف رئاسة أمن الدولة الذي يديرها بشكل مباشر، ومعظم سجنائه مدانون في قضايا متعلقة بالإرهاب والسياسة. ورغم أن سجن الحائر يضم العديد من المدانين بقضايا الإرهاب، إلا أنّه يعدّ أبرز معتقل للسجناء السياسيين في السعوديّة الأمر الذي شكّل عقبة رئيسية امام اللجان الحقوقية الدولية التي بقيت أبواب السجن مغلقة أمامها لعشرات السنين، وفي حال تمّ فتحها تحت الضغط الدولي، تقتصر زيارتهم على أجنحة محدّدة ولأوقات قصيرة جدّاً.
انتهاكات في الغرف المظلمة
الكثير من الأحداث والانتهاكات جعلت من السجن ذائع الصيت أشهر السجون في العالم رغم محاولات الرياض إبعاده عن مسألة التداول الإعلامي. في سبتمبر/أيلول 2003 شب حريق في سجن الحائر، أسفر عن مقتل أكثر من 67 نزيلا بينهم العديد من اليمنيين حسب مصادر سعودية. السعوية اتهمت حينها أحد النزلاء بالتسبب في إشعال الحريق، وهو نفس الاتهام الذي وجّه لمتهم آخر إثر اندلاع حريق آخر في أبريل/نيسان 2004 .
إعلاميّاً، بدأ تناول سجن “الحائر” للمرة الأولى في العام 2007، بعد انتشار مقاطع فيديو مصورة تظهر ضرب أحد الحراس لسجين بعصا بلاستيكية. وهو ما دفع منظمة هيومن رايتس ووتش لزيارة السجن وجمع شهادات لبعض المعتقلين تشير إلى وقوع انتهاكات وتعذيب داخل السجن، وقد تضمّنت شهادات السجناء تأكيدات على موت أصدقاء لهم بسبب سوء الرعاية الطبية والتعذيب.
في العام 2012، برز اسم الحائر مجددا حين وقعت اضطرابات داخل السجن أدت إلى إصابات في صفوف السجناء ورجال الأمن.
بعد عامين، وتحديداً في العام 2014، نقلت وسائل إعلام عن ناشطين حقوقيين، تعرض نساء معتقلات في سجن “الحائر” للتعذيب، وقيام السجانات باستخدام السياط لضرب السجينات.
ونقلت وسائل الإعلام عن إحدى المعتقلات السابقات، واسمها مي الطلق، أنه تم تعذيبها هي وزميلاتها، على خلفية مطالبهن بنقلهن إلى سجن “القصيم” لسهولة زيارات أهاليهن. وتحدثت الطلق أن السجينات أضربن عن الطعام، فقامت السجانات بضربهن بالسياط حتى فقدن الوعي، ثم تم نقلهن إلى زنازين “انفرادية” كنوع من العقاب.
تقارير حقوقية
السجن الذي أخفى عشرات الناشطين الحقوقيين من ضمنهم وليد أبو الخير بتهمة “الخروج عن ولاية ولي الأمر”، ظهر في العديد من تقارير مراقبي حقوق الانسان، فقد أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي 2016-2017، أن السلطات السعودية تتبع أساليب وحشية للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لانتزاع اعترافات من المحتجزين لاستخدامها دليلا ضدهم في المحاكمة.
وفي حين قالت منظمة هيومن رايتس ووتش ” إن الحكومة السعودية استخدمت قوانينها الصارمة لمكافحة الإرهاب لوقف مئات الأشخاص إلى أجل غير مسمى، وغالبا لمجرد انتقاد الحكومة، وأدانت الآخرين في محاكمات سرية وغير عادلة”، كشف موقع ويكيليكس في وقت سابق عن أساليب وحشية تنتهجها السلطات السعودية لتعذيب المعارضين داخل سجن الحائر.
غوانتنامو بن سلمان
يرى مراقبون دور رئيسي للسجن الذي يشرف عليه بن سلمان، عبر كتيبة “السيف الأجرب” إحدى قوات الحرس الملكي التي يستخدمها ابن سلمان لتقليم أظافر المعارضين داخل الأسرة المالكة.
وترى مصادر سعودية أنّ الحديث عن سجن الحائر في الإعلام السعودي لم يكن عبثياً، بل “حمل رسالة واضحة من ولي العهد لكافّة المعارضين على أي قرار ملكي، صدر أو سيصدر في الوقت القريب”.
وتشير المصادر إلى تعمّد الأمير بن سلمان نقل المتهمين بالفساد إلى فندق الريتز كارلتون في الرياض بدلاً من (سجن) الحائر كونه ذائع الصيت، وقد يعرّض حملته إلى عرقلة حقوقية”.
ويتابع المصدر: “في الحقيقة، تمّ تهديد العديد من معتقلي الفندق، بالنقل إلى إلى السجن في حال عدم تسوية أمورهم المالية، وبالفعل شكّل هذا التهديد ورقة قوّية للجهات المشرفة على التحقيق مع المعتقلين، عدا الأمير الوليد بن طلال الذي رفض أيّ تسوية مالية حتى لو تمّ نقله إلى (سجن) الحائر”.
(الوقت التحليلي)