الجديد برس : شايف العين
12 نقطة رأى فيها الشعب انفراجاً لوضعه السيئ بفعل العدوان والحصار، فوافق عليها بإجماع واسع، وطالب الجهات الحكومية بسرعة تنفيذها لتفويت الفرصة على من يحاول المساومة على دماء أبنائه وتضحياتهم.. 9 أشهر مرت منذ أن طرح قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، تلك النقاط، في كلمة له بمناسبة مرور عامين من الصمود، وما زالت تنتظر تحركاً من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، يدخلها حيز التنفيذ، لتؤدي مهمتها في دعم مسار عمل أجهزة الدولة، ولا ينبغي لهذا الانتظار أن يطول بعد زوال عراقيل وأعذار وضعتها أجندة تخدم العدوان، وتدعي مواجهته، نناقشها في هذا التقرير.
12 نقطة تبنت معالجة كاملة لوضع البلد
قياماً بالدور الذي تفرضه عليه الشراكة الوطنية بالمساهمة في النهوض بعمل مؤسسات الدولة، طرح قائد الثورة 12 نقطة كانت بمثابة منظومة متكاملة لذلك، رمى بالكرة في ملعب حكومة الإنقاذ الوطني لأداء واجباتها تجاه الوطن والشعب.
نقاط هذا المشروع الذي حمل معالجات كاملة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعزز من الصمود في وجه العدوان، تمثلت في:
1- تفعيل مؤسسات الدولة ومراجعة أدائها وربطها بالواقع للقيام بمسؤولياتها وواجباتها.
2- تفعيل قانون الطوارئ لمواجهة الطابور الخامس.
3- تطهير مؤسسات الدولة من الخونة الموالين للعدوان.
4- تفعيل القضاء مع إصلاحه.
5- تشكيل وتفعيل اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء.
6- إصلاح وتفعيل الأجهزة الرقابية للقيام بمسؤوليتها في محاربة الفساد والحد منه.
7- ضبط الموارد المالية وإصلاحها وتوسيع دائرتها والاستفادة من كل الفرص المتاحة، وهي كثيرة.
8- العناية القصوى بالزكاة واختصاصها للضمان الاجتماعي لصالح الفقراء.
9- فتح أبواب التجنيد في الجيش والإحلال بدل الفرار.
10- الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وعلى رأسها القوة الصاروخية.
11- إصلاح وتوجيه العمل الإغاثي والإنساني بما يضمن وصول المساعدات للمحتاجين والمنكوبين والنازحين.
12- تفعيل العمل الحقوقي برعاية من وزارة حقوق الإنسان.
من يطلع على هذه النقاط يرى أنها لم تحمل توجهاً طائفياً أو مذهبياً أو تخدم طرفاً سياسياً معيناً، وبالتالي لا يوجد فيها ما يستفز أي شخص وطني, ولا يظهر فيها سوى الإسهام في بناء الدولة وتخفيف معاناة المواطنين، والأهم أنها كفيلة بإفشال مخططات تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته، وتحطم أحلامهم، وتبدد آمالهم في النيل من سيادة واستقلال اليمن وإرضاخ شعبه.
لهذا لاقت هذه النقاط دائرة متسعة من الإجماع الشعبي الذي يطالب بسرعة تنفيذها ويعتبر التأخير في ذلك يخدم العدوان, وهذا التأييد شمل قوى سياسية ووجاهات اجتماعية وصحفيين جمعت كلها في مجلس حكماء وعقلاء اليمن الذي أكد في أول اجتماعاته ضرورة تنفيذها.
أمين عام حزب الوفاق الوطني (أحد أعضاء تكتل الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان) الأستاذ عبدالوارث صلاح، يؤكد لـ(لا) أهمية تنفيذ النقاط الـ12 التي طرحها قائد الثورة، كونها برنامج إصلاح متكاملاً لعمل أجهزة الدولة، مشيراً إلى أن حزبه قدم للمجلس السياسي الأعلى آلية لكيفية تنفيذها.
إنه لمن الغريب جداً عدم وجود تحرك جاد من قبل المجلس السياسي الأعلى لإلزام حكومة الإنقاذ الوطني بمناقشة تلك النقاط ودراستها، ومن ثم تنفيذها، وهذا كان يشير دائماً إلى أن المجلس والحكومة اللذين كانا نتاج الاتفاق السياسي بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، مخترقان من قبل تحالف العدوان، وفيهما من يعمل لمصالحه.
ولو أنه تم تنفيذ النقاط في الوقت الذي طرحت فيه لتجاوز البلد الكثير من العثرات، في مقدمتها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، وكان من الواضح أن هناك من وضع العراقيل أمام الاستجابة لها سياسياً وتنفيذياً.
التقاعس والفساد في حكومة
الإنقاذ يعرقلان التنفيذ
تتقاعس حكومة الإنقاذ في وضع رؤية أو خطة وطنية ملائمة للوضع الذي يرزح تحته البلد منذ 3 أعوام في ظل العدوان والحصار, وعدم تحديدها للإشكاليات القائمة وطرق حلها، كلها ممارسات اتخذتها الحقائب الوزارية لمحاولة قتل تلك النقاط.
أمين سر المجلس السياسي الأعلى الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام المساعد لحزب الحق الدكتور ياسر الحوري، يتحدث عن أن تقاعس الحكومة ومؤسساتها في وضع خطة أو برنامج معلن للنقاط الـ12 للضغط بإدراجها ضمن جدول أعمالها لمناقشتها وإصدار القرارات بتنفيذها، كان من العراقيل التنفيذية التي ظهرت أمامها. مؤكداً أن الجهود التي بذلت في هذا السياق لم تكن بالشكل المطلوب.
أما وكيل وزارة المالية في الإنقاذ الوطني أحمد حجر، فيقول إن غياب تنسيق الأجهزة الرسمية في ما بينها وعدم شعورها بالمسؤولية عرقل تنفيذ النقاط التي اقترحها سيد الثورة.
ويشير الوكيل حجر إلى أن الفساد وتفشيه والتمسك به من ضمن الأسباب التي حالت دون دخول النقاط حيز التنفيذ, كونها ركزت على إصلاح الأجهزة الرقابية للقيام بمسؤوليتها في محاربته, وبالتالي أهمل الفاسدون مناقشة تنفيذها، ولم يأخذوها بمحمل الجد، لأنها تهدد مصالحهم، وبدلاً من ذلك اتجهت الوزارات إلى تبادل الاتهامات وإلقاء مسؤولية تنفيذها في ما بينها.
هذا التخاذل الحكومي في تنفيذ النقاط أو حتى مناقشتها كان على ارتباط وثيق بتحرك سياسي من أحد شركاء المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، فهي بحسب سياسيين ومراقبين لم تأخذ حقها داخل الأروقة السياسية بسبب انزعاج بعض قيادات المكونات الوطنية منها, ما يبعث على التعجب والغرابة كونها تزعج تحالف العدوان ومرتزقته فقط. وكان حرياً بها أن تحظى بضغط سياسي رسمي مهما كانت ردود الفعل، وحتى لو فشلت هذه الجهود فإن الحجة قد أقيمت في وقتها وفق آلية سليمة وعبر القنوات والأطر الرسمية.
عوائق سياسية
يؤكد الأمين العام المساعد لحزب الحق الدكتور ياسر الخوري، في حديثه لـ(لا)، أن هناك من وضع العراقيل أمام تنفيذ النقاط الـ12 عبر أدواته الإعلامية والإدارية التي كانت موجهة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من قبل قوى تحالف العدوان، وهدفها إفشال المرحلة والتجربة.
ويستطرد: مع الأيام اتضح بالفعل أن هناك من كان يخفي وجهه الحقيقي خلف قناع مواجهة العدوان، بينما يعمل لصالحه وضمن أجندته, غير أن حقيقته انكشفت مطلع ديسمبر من العام المنصرم، حينما حاول الانقلاب على دماء الشعب وتضحياته، وعلى الاتفاق السياسي والشريك الذي وقعه معه, لكنه فشل وانتهت الفتنة التي حاول إثارتها بمقتله وسقوط آخر الأوراق التي راهن عليها العدو للنيل من صمود اليمنيين وثباتهم. وبالتالي تغيرت الظروف المحيطة بالمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني.
بسقوط صالح سقطت عوائق وأعذار
تغيرت الظروف السياسية بمقتل زعيم مليشيا الفتنة علي صالح الذي كان على رأس حزب المؤتمر الشعبي العام، أحد أطراف الاتفاق السياسي، واستغل مكانته لعرقلة عمل مؤسسات الدولة بما فيها الجهازان الرقابي والقضائي، وصرح بذلك بكل وضوح في إحدى كلماته المتلفزة، حيث قال إن تفعيل القضاء سيحقق الانفصال، وهو ما يسعى إليه العدوان.
يرى الدكتور ياسر الحوري أن الأجواء والظروف اليوم مناسبة جداً لتنفيذ النقاط الـ12، وتحتم على صانع القرار أن يضع برنامجاً تنفيذياً عاجلاً تقوم به الحكومة لتجاوز الإشكالات القائمة, ومن شأن العمل عليها تأسيس مستقبل لاقتصاد مقاوم وفق أسس علمية ومنهجية نواجه من خلالها العدوان بنفس طويل، بالتوازي مع الحفاظ على وضع الجبهة الداخلية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
يوافقه في الرأي الأستاذ أحمد حجر الذي أوضح أنه كانت هناك كثير من الإشكالات في الفترة السابقة، وبدأت تزول بعد طي صفحة صالح (زعيم المليشيا)، وبالتالي انتفاء جزء كبير من الأعذار التي تتذرع بها الحكومة لعدم السير في تنفيذ هذه النقاط.
إذن، فوأد الفتنة التي كانت من أوراق تحالف قوى العدوان الأمريكي، جعل القيادة العليا بحسب مسؤولين في الدولة وقيادات حزبية، تتجاوز العديد من الظروف التي كانت تحول دون اتخاذ إجراءات عميقة تصحح مسار أداء المؤسسات الرسمية للدولة, ويجب عليها سواء في السياسي الأعلى أو حكومة الإنقاذ إقرار برنامج تنفيذي للنقاط الـ12، إلى جانب حزمة من الإصلاحات والتغييرات التي تؤسس لمرحلة جادة للدولة وسلطاتها تضع فيها مواجهة العدوان وتخفيف معاناة المواطنين نصب عينيها، فالأعذار سقطت والشمّاعات تكسرت، ولن يقبل ثوار 21 أيلول بأي قصور أو تهاون يفقد تضحياتهم قيمتها، ويبدد منجزات ثورتهم المجيدة.