الجديد برس – تقارير – العربي
بعد 4 أعوام من خسارة آل الأحمر معركتهم مع «أنصار الله» وفقدان نفوذهم في قبلية حاشد ومحافظة عمران، تدفع السعودية مجدداً بالجنرال الشاب هاشم عبدالله الأحمر، إلى محافظة الجوف قائداً للمنطقة العسكرية السادسة، لخوض معركة استعادة نفوذ العائلة التي رعت مصالح النظام السعودي في اليمن لأكثر من خمسة عقود من الزمن.
لا يتعدى عمر الجنرال الصغير 40 عاماً، لكنه يحمل اليوم رتبة لواء، وهو الملازم في العام 2000م، لتستقبله الأربعاء الماضي جنرالات المنطقة السادسة في معسكر الصبرين بالجوف وبرفقته محافظا عمران وصعدة، وجميعهم قدموا من فنادق الرياض. عزفت الموسيقى العسكرية وألقى القائم بأعمال وزير الدفاع الفريق محمد علي المقدشي، كلمة بالمناسبة دعا فيها إلى «إعادة ترتيب الصفوف وتجاوز الأخطاء السابقة وتسخير الإمكانات المتاحة بما يخدم المعركة المصيرية وقطع شريان التواصل والإمداد للميليشيات بين صنعاء وصعدة».
صوب عمران
قطع شريان الإمداد الذي قصده المقدشي كشف عن المهمة المكلف بها هاشم الأحمر، وهي خوض المعركة من سوق الاثنين في مديرية المتون بالجوف والتقدم إلى الطريق الرابط بين صعدة وصنعاء في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان في محافظة عمران.
المسافة بين السوق والجبل 40 كلم جبال ومرتفعات حام السفلى والعليا، عجزت قوات المنطقة السادسة وعلى مدى عامين عن الاقتراب من أقدامها وخسرت المئات من القتلى والجرحى بنيران «أنصار الله»، فما الجديد الذي يحمله الجنرال هاشم؟
مصدر عسكري في المنطقة السادسة قال لـ«العربي» إن «اللواء هاشم الأحمر وعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالوصول إلى حرف سفيان وإحكام الحصار على صعدة، فيما الأخير سلمه شيكاً بمبلغ كبير من المال لتنفيذ المهمة». المصدر ذاته كشف عن قيام هاشم الأحمر بنقل كتائب اللواء 141 الذي يقوده من نهم ومأرب إلى معسكر الصبرين في الجوف، واستدعاء الضباط والجنود المنتمين لمحافظة عمران والملتحقين بألوية المنطقة الثالثة في مأرب لضمهم إلى المنطقة السادسة في الجوف بالتنسيق مع رئاسة الأركان.
وأضاف أن خطة التقدم صوب محافظة عمران ستتم من محورين، الأول: من سوق الاثنين في مديرية المتون نحو حرف سفيان، فيما المحور الثاني من مديرية المصلوب باتجاه منطقة شوابه وهران الرابطة بين محافظتي صنعاء وعمران وملتقى مديريات خارف وأرحب وحرف سفيان.
إستباقاً لمعارك ضارية بدأت قوات هاشم الأحمر، وكذا «أنصار الله»، باستقدام جرافات لشق طرق ترابية في الوديان والمرتفعات لضمان وصول الإمدادات إلى هذه المناطق من الجهتين. في وقت يقوم اللواء الأحمر بتكثيف اتصالاته مع أتباعه في داخل قبيلة حاشد ومحافظة عمران وتحويل مبالغ مالية لهم عبر وسطاء، فيما تنظم «أنصار الله» لقاءات قبلية في كافة مديريات عمران لحشد المقاتلين إلى صفها واستكمال الإفراج عن المحتجزين لديها من أبناء المحافظة على ذمة أحداث سبتمبر الماضي التي أدت إلى مقتل رئيس «حزب المؤتمر» علي عبدالله صالح.
من الأسر إلى الزحف
في العام 2014 م، أقدم شقيق هاشم الشيخ حسين الأحمر، على الاعتداء على عدد من الأسر الهاشمية في مدينة حوث وقتل عدد من أفرادها وتهجير آخرين، لتتقدم «أنصار الله» من مديرية حرف سفيان صوب معاقل آل الأحمر في حوث والعصيمات وحبور ظليمة. إستعانت الأسرة بالعقيد هاشم للدفاع عن نفوذها المشيخي، ليخرج من صنعاء إلى منزل الأسرة في منطقة الخمري بالقرب من حوث ليلحق به الأتباع والأنصار، وأغلبهم من «حزب الإصلاح» وجماعات سلفية. فتح هاشم مخازن الأسرة المكدسة بالأسلحة ووزعها على من احتشدوا للقتال خلفه، لتبدأ المواجهات مع «أنصار الله» في مناطق دنان وريشان، والتي سقطت سريعاً بيد مقاتلي الحركة، ويسقط هاشم الأحمر أسيراً في أيديهم في كمين نصبوه له بإحكام. حينها، وبحسب مصادر قبلية، خضع العقيد هاشم للعلاج لدى «أنصار الله» من جراح أصابته في الكمين جراء انقلاب طقم كان يقوده، ليظل بعدها محتجزاً لديها، ولم تفرج عنه إلا بعد أسبوعين من وقوعه في الأسر بوساطات قبلية وتعهده بمغادرة محافظة عمران وعدم القتال ضد الحركة مستقبلاً.
واصلت «أنصار الله» زحفها صوب صنعاء وسيطرت في طريقها على مدينة حوث ومديريات الصنعانية وخمر وريدة وعمران وصولاً إلى صنعاء وإسقاط معسكرات الفرقة الأولى مدرع ومنح الأمان من زعيم «أنصار الله» لأبناء الشيخ عبدالله الأحمر الذين غادروا اليمن، وتبقى منهم الشيخ صادق وشقيقه حمير، ليلزما الإقامة بمنزل الأسرة في حي الحصبة بصنعاء.
لم تمض سوى بضعة شهور من سيطرة الحركة على صنعاء حتى ظهر هاشم الأحمر قائداً للواء 141، قائداً لمعركة الزحف من مأرب على نهم. تمكن العميد هاشم من الوصول إلى رأس فرضة نهم والسيطرة على المعسكر في يونيو من العام 2015 م، تحت غطاء جوي مكثف من قبل طيران «التحالف» الذي تقوده السعودية والذي قصف مواقع «أنصار الله» هناك بأكثر من 250 غارة في أقل من 12 ساعة، لتتواصل المواجهات في نهم وتتكرر بشكل ممل ومكلف معارك الكر والفر وهجمات التباب والانسحاب منها إلى اليوم. ويتخلى «التحالف» عن خيار الزحف على صنعاء ليبحث عن ثغرة جديدة في جدار المناطق الخاضعة لـ«أنصار الله»، فكان الإختيار لهاشم الأحمر لخوض معركة الزحف على عمران فالتكرار يعلم الشطار.
القبيلة والمال
تراهن السعودية على شراء القبائل بالمال، لكن حرب السنوات الثلاث أثبتت أن هذا الخيار غير مجد، فلا تزال الجغرافيا القبلية والزيدية تحديداً على ولاء كبير لـ«أنصار الله»، ولم يتمكن «التحالف» من اختراقها إلى اليوم. وبجانب المال، تراهن الرياض على «اللجنة الخاصة» التي مثلها في اليمن طوال العقود الخمسة الماضية الشيخ عبدالله الأحمر، لكن القبائل ومنذ العام 2011 م خذلت زعماءها. وتبدد نفوذ المشائخ الذين ساندوا نظام آل الأحمر وبرز نفوذ مشيخي جديد في حاشد التي غيرتها الحرب وبدلت اللاعبين في ميدان القبيلة.