الجديد |بقرار ترامبي من العيار الثقيل، باتت جينا هاسبل مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أول امرأة تشغل هذا المركز المرموق والحساس في الولايات المتحدة، فمن هي هذه المرأة؟ ما تاريخها؟ وما حقيقة “رائدة التعذيب”؟
هاسبل ضابطة استخبارات أمريكية من مواليد الأول من تشرين الأول 1956، تلقى إعجاب وتقدير زملائها في العمل وتعتبر من المدافعات عن التنسيق والتكامل بين أجهزة الاستخبارات الأمريكية حيث قال عنها مديرها السابق مايك بومبيو: “جينا في غاية الذكاء إنها وطنية مخلصة ولها خبرة تمتد على مدى 30 عاماً في المخابرات المركزية وأثبتت أنها قائدة وقادرة على الإنجاز ومصدر إلهام للمحيطين بها“.
لها باع طويل في العمل الاستخباراتي؛ حيث انضمت لـ “سي آي إيه” عام 1985، وتدرّجت في المناصب خلال فترة خدمتها التي جاوزت الثلاثة عقود.وعينها رئيس الولايات المتحدة نائب مدير الوكالة في شباط من العام 2017.
رائدة التعذيب
ارتبط اسم هاسبل بالسجون السرية التابعة للوكالة في مختلف أنحاء العالم حيث تعرض فيها معتقلون بشبهة الإرهاب لعمليات تعذيب. وعرفت تلك السجون السرية باسم “الحفر السوداء”، كما وسبق أن أدارت هاسبل سجناً سرياً للوكالة في تايلاند يطلق عليه اسم “عين القط”، عام 2002، وكان يضم عدداً من عناصر تنظيم القاعدة. وتحدثت تقارير إعلامية أمريكية عديدة عن دورها في تلك السجون التي مورس فيها التعذيب ضد المعتقلين بعد أحداث الـ 11 من أيلول 2001.
وحسب صحيفة “نيويورك” الأمريكية، إن أحد المعتقلين هو المواطن السعودي “أبو زبيدة”، الذي “تم تعذيبه بشكل وحشي للغاية على نحو متكرر أثناء استجوابه، لدرجة أنه في مرحلة معينة ظن المستجوبون له أنه لفظ أنفاسه الأخيرة”.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها عام 2013، أن هاسبل “أدارت سجناً سرياً في تايلند أخضع فيه المعتقلون إلى محاولات إغراق وأشكال أخرى من سوء المعاملة“.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن مديرة “سي آي إيه” الجديدة تورطت عام 2015 في تدمير أشرطة فيديو حول تقنيات “استجواب مفرط” مع العديد من المعتقلين في تايلند، لإحباط عرضها على المحاكم، خوفاً من الاستجواب.
وفي 2013، عيّن مدير “سي آي إيه” في ذلك الوقت، هاسبل، في منصب القائمة بأعمال مدير “الخدمة السرية الوطنية”، التي تنفذ عمليات سرية حول العالم، لكن تم تجريدها من ذلك المنصب؛ بسبب ضلوعها في برنامج “الترحيل والاحتجاز والاستجواب” المثير للجدل.
تقرير لمجلس الشيوخ ملخصه بيد أوباما
وفي 8 شباط 2017، دعا العديد من أعضاء لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الرئيس ترامب إلى إعادة النظر في تعيين هاسبل نائب لمدير الوكالة؛ بسبب تاريخها في التعذيب، حسب صحيفة “ذا هيل” الأمريكية.
حيث أنجزت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريراً سرياً حول برنامج التعذيب الذي مارسته “سي إي إيه” لكن الرئيس الحالي للجنة، وهو جمهوري، يحاول منذ عدة أشهر جمع نسخ التقرير مؤكداً أنه يريد تفادي أي تسريب لمحتوياته.
وعبر الديمقراطيون عن خشيتهم من أن الرئيس الجمهوري للجنة يريد تدمير نسخ التقرير جميعها ما سيعني طمساً أبدياً للحقيقة عن برنامج “سي إي إيه” هذا.
وتضمن التقرير الذي يحوي 6700 صفحة وسائل الاستجواب وظروف الاعتقال المثيرة للجدل للمشتبه بهم مع استخدام تقنيات محظورة لانتزاع الاعترافات.
ونشر ملخص في528 صفحة من التقرير في كانون الأول2014 لكن النسخة الكاملة له، المصنفة سرية، تضم تفاصيل عن وسائل الاستجواب والمشاركين فيه والأماكن. ونظراً لخشيته من إخفاء التقرير بسبب التعتيم عليه، احتفظ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بنسخة منه في مكتبته الرئاسية في شيكاغو. لكن السرية لن ترفع عنه قبل 2029.
ختاماً.. على الرغم من سياسة ترامب المناهضة للنساء، نرى امرأة تتربع على عرش وكالة الاستخبارات المركزية، في دليل على صفات مهمة تتمتّع بها هاسبل، ولا شك أنها تخدم ترامب ومشروعه الخارجي، وتاريخ “أيقونة التعذيب” الأسود خير دليل على أنها ستفي بغرض ترامب الذي ينتقل من معمعة إلى أخرى، واضعاً علامات استفهام عديدة على سياسته الخارجية، لن تكون العلاقات مع كوريا الشمالية، أو إقالة تيلرسون ومن تبعه آخرها.
فإلى أين يمضي ترامب، ومن التالي بعد تيلرسون؟ سؤال تجيب عنه الأيام المقبلة...