الجديد برس – متابعات – خالد الجيوسي :
انتهى زمن “المعروف والمُنكر” في العربيّة السعوديّة، وسَيُلعن فيما يبدو قريباً توقّف إغلاق المحال التجاريّة وقت أداء الصلوات الخمس، ثَمّة من يُكابِر بعد ويتحايل على المُسمّيات تحت عناوين المَشقّة، والتَّسهيل على العِباد.
صحيفة “الرياض” المحليّة، تُشير في عددها الورقيّ إلى عزم مجلس الشورى مُناقَشة مُقترح “توصية” 25 من الأعضاء، يُطالب بتمديد وقت رفع آذان العشاء، وإقامة الصلاة بعد ساعتين من أداء صلاة المغرب، طِوال العام في المُدن الكُبرى، الثلاثاء المُقبل هو يوم الحسم بالقُبول أو الرفض، مراقبون لا يستبعدون المُوافقة على تلك التوصية، فالتوصيات في ذلك المجلس تكون غالِباً توجّهات الدَّولة العُليا أو بالأحرى تعليمات.
تحظى “الصلاة” في العربيّة السعوديّة، أو كانت حتى العُهود الماضِية بِقداسة وهي الرُّكن الأهم في الدين الإسلامي عُموماً، وتستنفر البِلاد على وَقِعها، فتُغلق المحال تماماً، وكأن قانون الطَّوارِئ وحظر التجوّل قد أُعلن، يتوجّه الجميع سريعاً على صوت الآذان المُختلط بعضه بنكهات اللهجات الهِنديّة والبنغاليّة وما شابه الآتي من كُل الأرجاء إلى أقرب جامعٍ في منطقته أو مدينته، تنطلق سيارات هيئة “الأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر” ورجالها أصحاب اللحى والأثواب القصيرة مُباشرةً باحِثةً عن كُل من فَكّر بالتخلّي عن أداءِ صَلاتِه في الشَّوارِع العامَّة، في الدَّقائِق الخَمْس الأولى ستستمع منهم إلى عبارة: “صلاة صلاة يا ولد.. أو صلاة صلاة ما تسمع صوت المُنادي.. أصلحك الله”، ولتتساءل في نفسك مُسْتَفهِماً: “ألا يُصلّي هؤلاء الصلاة في مَوْعِدِها”؟
في الأيّام الأكثر تطرّفاً والحديث هُنا عن قبل أكثر من 15 عاماً كان يتعرّض المُتخلّف عن الصلاة شخصيّاً أو ترك أبواب محاله مُشرعة للزبائِن لعُقوبات قاسِية، كحلق الشعر، والتغريم، وحتى التحذير والسجن، خُفّفت العُقوبات، ليتعرّض “تارك الصلاة” للضرب الخفيف بالعُصي، ومع الانفتاح بات الحديث حتى عن فتح المحال في وقت الصلاة الأكثر قداسة، اعتياديّاً، تحت المُبرّرات، ذاتها التي كانت يومَاً مُوبِقات.
أصحاب التوصية الذين يرغبون في تمديد وقت صلاة العشاء، يقولون أن توصيتهم تلك مبنيّةٌ على أسباب ضيق الوقت بين الصلاتين أي المغرب والعشاء، مما يُسبّب مشقّة لقضاء الناس حوائجها بين الصلاتين، اتساع المُدن الكُبرى ساهم في تلك المشقّة، كما أنهم يحرصون على تمكين أصحاب المحال التجاريّة، إنهاء عملهم مع صلاة العشاء لمن رغب في ذلك.
لا يرى صحافيون سعوديون تحدّثت معهم “رأي اليوم” أي خلل في التبريرات التي ساقها أصحاب التوصية، بل على العكس بجدون فيها تمهيداً للقنبلة كما وصفوها الأكبر، وهي إعلان فتح المحال التجاريّة خلال مواعيد الخمس صلوات، وبذات التبريرات التي ذكرت في سياق تأخير صلاة العشاء ساعتين، وأبرزها الحرص على الناس، وتجنيبهم المشقّة.
الصحافي السعودي عبدالله المسعود، رئيس قسم المحليّات في صحيفة محليّة سابق، لا يتّفق كما قال لمُعِد هذا التقرير، مع ما يقوله زملاؤه، فالمَشقّة برأيه كانت واقِعة على الناس، وأصحاب المحال التجارية منذ سنوات، سواء جرّاء تقارب مواعيد صلاتيّ المغرب والعشاء، أم الإغلاق في موعد الصلوات كلها، خاصّةً المرضى، ومُراجعي الصيدليّات، هذا عدا أن مُبرّر التوسّع العُمراني، والمُدن الكُبرى، ليس وليد اللحظة، ويتزامن للمُصادفة يقول المسعود مع الانفتاح، والرؤية وصاحبها.
الرأي العام السعودي أيضاً، وعلى وقع مُناقشة التوصية المُنتظرة (الثلاثاء)، كان مُنقسِماً، وعبّر عن ذلك من خلال مِنصّة موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، حيث تصدّر وسم هاشتاق “تأخير صلاة العشاء ساعتين” قائمة الترند السعودي، وكان فيه الكثير من الجدل التغريدي.
حساب نسمات الخير علّق بالقول (مع الإشارة إلى أن “رأي اليوم” تنقل حرفيّاً عن حسابات المُغرّدين): سئل حُذيفة بن اليمان متى يعلم المرء أنه فُتن؟ فقال: إن كان مايراه بالأمس “حراماً أصبح اليوم” حلالاً ” فيعلم أنه فتن قالﷺ:( يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على الجمر ) اللهم ثبتنا على دينك حتى نلقاك، العنزي علّق: اهملوا ( البطاله )
اهملوا ( الاسكان ) اهملوا ( الصحه ) اهملوا ( شح الاراضي ) اهملوا ( تعيين الخريجين) اهملوا ( رواتب المتقاعدين )
اهملوا واهملوا واهملوا واخرتها يرجعون على اربع ركعات بتكسر ظهورهم.. جعلكم تصلوون على كرسي.
بدر بن محمد الراجحي رجل الأعمال قال مطلب قديم أتمنى أن يتحقّق، سعاد الشمري المُعارضة الليبراليّة قالت: أنصاف حلول، وليس حل، أيضاً الفارق بين صلاتي العصر والمغرب في الشتاء أقل من ساعتين.
ورصدت “رأي اليوم” حالةَ جَدلٍ عميقة في الوسم المذكور، لكن لا يظهر أن هُناك رأي ثابت ذو توجّه صارم، يدفع بالسلطات السعوديّة التراجع عن قراراتها “الانفتاحيّة”، والتي كانت من المفروض أن تصطدم بالمُجتمع الديني المُحافظ، فالشعب السعودي فيما يبدو “ظاهرة تويتريّة” حتى أكثر منه ظاهرة “صوتيّة”، وهذا الانطباع السائد يُؤكّد أن التغيير والإصلاح الشعبي في ركود تام، لأسباب عديدة أنه مُتلقي لا صانع للرسالة بغض النظر عن نوعيّة تلك الرسالة سياسيّة كانت أم اجتماعيّة في نظرية المُتلقّي والمُستقبل والمُتحكِّم والمُتعارف عليها في علم الاتصال والمُجتمع.