الأخبار تقارير عربي ودولي

“إسرائيل” والشرق الأوسط في الذكرى السبعين المشؤومة

"اسرائيل" والشرق الأوسط في الذكرى السبعين المشؤومة

الجديد برس| الوقت:

تمرّ “إسرائيل” هذه السنة بالذكرى السبعين لتأسيسها، وسط شرق أوسط يعجّ بالفوضى والانقسامات والتحالفات الجديدة المخطط لها مسبقاً أو التي ظهرت نتيجة تغير المصالح وطبقاً للظروف الجديدة التي فرضتها طبيعة الأحداث المتسارعة في المنطقة.

الفوضى الجديدة التي يشهدها الشرق الأوسط والتي لا يمكن عزل “إسرائيل” عنها كونها أحد أهم مسبباتها، فرزت مجموعة من المتغيرات التي لم تكن لمصلحة الكيان الإسرائيلي بمجملها، حيث اتجهت الأمور نحو مسارات جديدة لم يكن باستطاعة إسرائيل” ولا حتى الولايات المتحدة الأمريكية ضبطها لمصلحتهما ووفق توجهاتهما، والأسباب كثيرة في هذا الملف ولكن لعلّ أبرز الأسباب يتمثل بظهور قوى دولية جديدة تمثلت بـ”روسيا والصين” اللتان سحبتا البساط من تحت الولايات المتحدة الأمريكية في الكثير من القضايا الدولية وتمكنتا من خلق حالة من التوازن العالمي التي دفعتنا لأن نقول “وداعاً لهيمنة القطب الواحد”، وإلى جانب هاتين الدولتين برزت إيران خلال العقد الأخير كـ”قوة” إقليمية فاعلة ومؤثرة وصاحبة رأي مستقل في قضايا المنطقة وتمكنت هذه الدولة الشرق أوسطية من أن تحجز لنفسها مكاناً بين الدول الفاعلة في المنطقة، وهذا ما جعل “الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى” تخشى هذا الصعود المتسارع للجمهورية الإسلامية في جميع الأماكن من دون القدرة على إيقافها.

واليوم يمكن القول بأن إيران تحولت إلى كابوس بالنسبة للدول آنفة الذكر لا يمكن ردعها بأي طريقة، والغريب أن هذه الدول كلما حاولت توجيه ضربة سياسية أو اقتصادية لإيران يزداد نفوذها، حتى أصبحت الشغل الشاغل لبعض الدول التي تريد تقويض دورها بأي ثمن وعلى رأس هذه الدول “إسرائيل والسعودية”.

ولمعرفة أين هي إيران من كل ما يجري في المنطقة يمكننا مطالعة بعض الفقرات التي تم ذكرها في التقرير الاستراتيجي السنوي الإسرائيلي الذي يصدره معهد دراسات الأمن القومي INSS، وفي هذا العام كان الحديث عن إيران موسعاً في التقرير، وطبعاً قبل ذلك قام التقرير بإعطاء جرعة تفاؤل للمجتمع الإسرائيلي حيث تحدث في البداية بأنه “في مطلع العام السبعين لنشأة إسرائيل يبدو أن ميزان الأمن القومي لديها إيجابي وقوي جداً، إلا أن البيئة المحيطة بها تظهر متغيرات تنطوي على تحديات وفرص على حد سواء”. ويُضيف التقرير: “إسرائيل قوية ومستقرة وحدودها هادئة. ففي عام 2017 حافظت إسرائيل على تفوقها العسكري في الشرق الأوسط وقوتها الرادعة في مواجهة العرب، بما في ذلك التنظيمات دون مستوى الدولة والشبيهة بالدولة، ومن بينها حزب الله وحماس وداعش، والتي تنتشر بالقرب من حدودها. هذا الردع الذي يعتمد على دروس المعارك السابقة بين تلك الجهات وإسرائيل، وتأكيد استعداد إسرائيل للتحرك وتكبيد أعدائها ثمناً باهظاً حتى لو كان الثمن هو التصعيد.. هذا الردع هو ما يُفسر الهدوء على الحدود؛ 11 سنة في الشمال و3 سنوات في الجنوب”.

طبعاً التقرير تمت ترجمته ونُشرت خلاصته في صحيفة “المصري اليوم” بقلم الكاتب “جمال أبو الحسن”، وكان لافتاً في التقرير كيف أن إيران استطاعت أن تضاعف نفوذها في المنطقة وتستفيد من جميع المتغيرات والحروب التي لم يكن لها يد في البعض منها، وذكر في الرؤية الإسرائيلية الجديدة للشرق الأوسط بأن إيران تُحرز تقدماً على كل الجبهات. فهي تعزز مكانتها بوجود طويل الأمد في سوريا والعراق، فضلاً عن لبنان التي أحكمت قبضتها عليها. واستفادت كذلك من نزاعين لم تؤججهما: الحرب اليمنية والأزمة مع قطر.

دحر داعش هو نصرٌ مؤزر لإيران، خاصة أن مليشياتها كان لها إسهام رئيسي في تحقيقه، على حد تعبير التقرير الإسرائيلي.

وذكر التقرير بأن أمريكا تنسحب من المنطقة بعد أن حددت مصالحها في القضاء على داعش.

والمعسكر السني المناهض لإيران “السعودية/مصر/ الإمارات/ الأردن” يعتريه ضعفٌ وإن كان يُقاوم، وأضاف التقرير: من بواعث ضعف هذا المعسكر “عدم وجود قاسم مشترك بين تصورات السعودية للتهديدات وتصور بعض شركائها في المُعسكر السني”.

ويقول التقرير إن المعسكر الشيعي الذي تقوده إيران ينتصر في أغلب ساحات النزال في الشرق الأوسط، وأهمها الحرب السورية.

وإن طهران تستفيد من الفوضى لتثبت مواطئ أقدام لها. هي تفعل ذلك تحت مظلة من الحماية الروسية واللامبالاة الأمريكية. والنتيجة هي توسعة رقعة المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل عبر الحدود السورية واللبنانية. حزب الله اكتسب قوة أكبر بعد خوضه الحرب السورية، وصار أكثر قدرة على حرب المدن. بإمكانه إمطار الداخل الإسرائيلي بآلاف الصواريخ في أول أيام المواجهة القادمة بينهما. سيكون على الجيش الإسرائيلي، بالتالي، الاستعداد لتدمير آلاف الأهداف في يوم واحد. وستحتاج القوات الإسرائيلية إلى التوغل البري في عمق الأراضي اللبنانية لاقتلاع البنية العملياتية لحزب الله.

في الخلاصة؛ الوضع في الشرق الأوسط لا يسير وفق ما تخطط له “إسرائيل” وأعوانها، لأنه وكما ذكرنا سابقاً بأن الزمن تغير وموازين القوى في المنطقة تأخذ حيّزاً جديداً نظراً لصعود “إيران” بعد قضائها على “داعش” في العراق ومساعدتها على دحر الإرهاب في سوريا وانتصار حلفاء طهران في دمشق، فضلاً عن تنامي قوة حزب الله، كل هذه الأمور وغيرها تبعد “إسرائيل” 70 سنة أخرى عن الاستقرار الذي تحلم فيه.