الجديد برس
في قناتي على اليوتيوب و الجديدة نسبيا ظل الذباب الإلكتروني السعودي يهاجمني بقسوة و فضلا عن تركيزه على صلعتي و لوني فلقد دأب الذباب السعودي على مهاجمتي بسبب تدخلي في الشأن السعودي ، و كنت أجد ذلك مثيرا للعجب حيث إنه إتهام تطلقه الدولة الأكثر تدخلا في شئون الغير. تدخلت السعودية في شئون اليمن و سوريا و العراق و لبنان كما تدخلت في شئون العشرات من الدول العربية و الإسلامية.
أما قصة تدخلها في الشأن اليمني فلها بعض الخصوصية فاليمن على مرمى حجر من السعودية و لديه تاريخ طويل مع جارته الجاحدة. هذه الجارة التي وظفت ثروتها من أجل إغراق اليمن في التخلف ، و بينما كانت أموال السعودية تبني الطرقات في أميريكا و تخدم بنوك ومستثمري الغرب المدللين كان اليمن يفتقر إلى أبسط مقومات التنمية في كل مفاصل الحياة و لقد كانت بضعة مليارات تستثمرها السعودية في اليمن كفيلة بدعم اقتصاده و تنمية قطاعات التعليم و تثبيت دعائم الإستقرار به ، و لكانت تلك سياسة ذكية واستراتيجية و لكن عوضا عن ذلك كانت السعودية تراهن على تخلف اليمن و على انقسامه و كانت أموالها تتسلل خفية إلى اليمن باحثة عن مكامن الفتن و مواطن الإنقسام به. و عندما بدأ العدوان السعودي على اليمن لم يكن لدي السعودية أي رصيد للثقة و الإحترام لدي اليمنيين الذين كانت المرارة قد استقرت عميقا في نفوسهم.
أنفقت السعودية المهووسة بإيران المليارات هذه المرة ليس من أجل إعمار اليمن بل من أجل هدمه و إغراقه في دوامة التخلف و لقد أسفر القصف السعودي عن مقتل الآلاف من المدنيين و الأطفال الأبرياء و دمر اليمن و تسبب في إنتشار الفاقة و الأمراض و نقص التغذية و العناية الطبية، و إن لم توحد السياسة اليمن فلقد وحدت الحرب والمعاناة أو كادت اليمن بشماله و جنوبه و أطيافه و قبائله بعد أن شهد اليمنيون خراب الحرب التي طالت ويلاتها الجميع.
لم يعد بمقدور السعودية أن تبرر جرائمها باليمن و لم تعد الذرائع الطائفية تلقى آذانا صاغية. و الحقيقة العارية إن ما تقوم به السعودية هو عدوان سافر على دولة أخرى كان من سوء طالعها موقعها الجغرافي المجاور لدولة لا تقيم وزنا لحياة الإنسان ، دولة لا ترحم إن أمنت العقاب ، دولة لا يحركها الوازع الأخلاقي بل تخاف القوي و تستسلم له كما هو شأنها مع الأمريكان و تبطش بالضعيف و تسحله كما هو الحال مع اليمن المغلوب على أمره.
و لكن هل سيدوم الحال هكذا إلى الأبد؟ فاليمن كما تقول المقولة الشائعة هو مقبرة الغزاة و الإنسان اليمني قديم قدم التاريخ و في تضاريس اليمن و جباله الوعرة تعلم فنون الصراع من أجل البقاء و من تراثه المعبق بنكهة التاريخ و الأصالة استمد فنون الحرب و المقاومة الأزلية. لا تستطيع أن تمحو الإنسان اليمني من خارطة التاريخ لأنه أقدم من التاريخ نفسه و لا تستطيع هزيمته بألعاب “البلي ستيشن” لأنه ملتحم بالأرض على عكس خصومه الذين تأسست دويلاتهم على عجل و بفعل فاعل أو كما سماها الروائي السعودي الراحل عبدالرحمن منيف بمدن الملح!
عبدالوهاب حفكوف