الجديد برس – أخبار محلية
تنشط دول تحالف العدوان، منذ فترة، في استغلال سيطرتها على المحافظات الجنوبية، لوضع أيديها على مصادر النفط والغاز وغيرهما من الثروات اليمنية في تلك المحافظات. وبينما تتولى الإمارات عمليات النهب المنظم في محافظتَي حضرموت وشبوة، يوكَل أمر محافظة المهرة إلى السعودية، التي تفيد المعلومات ببدئها إنشاء أنبوب نفطي ممتد من شرورة حتى سواحل المهرة
انتقلت دول تحالف العدوان على اليمن من تقاسم النفوذ في المناطق الخارجة عن سيطرة «أنصار الله» إلى تقاسم الثروات، خصوصاً النفطية منها. تحوّلٌ يؤكد حقيقة المطامع السعودية ــ الإماراتية في مصادر قوة اليمنيين، الذين اعتبروا تسابق الرياض وأبو ظبي على الاستحواذ على تلك الثروات شكلاً من أشكال العدوان عليهم. من هنا، جاء إدراج المنشآت النفطية السعودية في مختلف مناطق المملكة ضمن بنك أهداف القوة الصاروخية اليمنية، كرد عسكري مشروع على استنزاف النفط اليمني من قِبل «التحالف»، واستهداف البنية التحتية للاقتصاد في اليمن، وتشديد الحصار المفروض على الموانئ والمطارات في هذا البلد.
وبالتزامن مع بدء السعودية والإمارات تنفيذ مشاريع نفطية خاصة في المحافظات الجنوبية، وتحديداً في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، صعّدت القوة الصاروخية في الجيش اليمني واللجان الشعبية، أخيراً، هجماتها الباليستية على منشآت شركة «أرامكو» في جيزان ونجران جنوبي السعودية. وأشار الناطق الرسمي باسم القوات الجوية والدفاع الجوي في صنعاء، العميد عبد الله الجفري، إلى أن ذلك التصعيد جاء تنفيذاً لوعد قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، الذي توعّد، في خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة للعدوان في 26 آذار/ مارس الماضي، بالمزيد من الضربات المؤلمة للسعودية. وشدّد الجفري، في حديث إلى «الأخبار»، على أن جميع الشركات العاملة في مجال النفط السعودي، وعلى رأسها «أرامكو»، أهداف مشروعة للقوات اليمنية، مؤكداً أن «قدراتنا الصاروخية اليوم أكبر من أي وقت مضى، وستتجاوز الرياض إلى ما بعد الرياض».
استنزاف نفط حضرموت
الإمارات التي سيطرت على مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، في نيسان/ أبريل من عام 2016، بذريعة «مكافحة الإرهاب»، سرعان ما وضعت يدها على منابع النفط في تلك المحافظة الشرقية. وبحسب مصدر متابع في العاصمة صنعاء، فإن «الإمارات استأنفت إنتاج النفط في منشآت المسيلة منذ تسعة أشهر، في ظل صمت حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي». وأوضح المصدر أن «شركة بترومسيلة تنتج 36 ألف برميل يومياً من خام المسيلة الثقيل يومياً، أي ما يعادل مليون برميل شهرياً، بإشراف إماراتي»، مضيفاً أن «تلك الكميات تُرحّل يومياً إلى ميناء الضبة النفطي الواقع تحت سيطرة قوات موالية لأبو ظبي في المكلا، وتُباع من قبل شركات إماراتية من دون أي تدخل من حكومة هادي». ووَصَف المصدر تسابق الإمارات والسعودية على استغلال حقول النفط في شبوة وحضرموت والمهرة بأنه «جريمة تُضاف إلى جرائم دول العدوان المرتكبة بحق الشعب اليمني». ورأى أن «هناك اتفاقاً غير معلن بين الإمارات والسعودية على تقاسم القطاعات النفطية في الجنوب، واستغلال تلك الثروة بطريقة مخالفة للقوانين اليمنية التي تنظم عملية الإنتاج والبيع».
… وغاز شبوة
تحت الدعاوى نفسها، سيطرت الإمارات، بواسطة قوات محلية ــ تُسمّى «النخبة الشبوانية» ــ تابعة لها، على خمسة قطاعات إنتاجية و11 قطاعاً استكشافياً و7 قطاعات أخرى في محافظة شبوة أواخر العام الماضي. وحوّلت أبو ظبي أكبر ميناء خاص للغاز المسال في اليمن، وهو ميناء بلحاف، إلى قاعدة عسكرية مغلقة، حتى تتمكن من السيطرة على مصادر الغاز الأساسية الواقعة في «قطاع 18 جنة»، التابع لمحافظة مأرب، شرقي البلاد، وذلك في إطار مساعيها في البحث عن بديل للغاز المسال المستورد من قطر، والذي يلبّي 25% من احتياجاتها من هذه المادة.
عزّزت الرياض قواتها في المهرة بالمئات من الجنود والمدرعات الحديثة
بالتوازي مع ذلك، استعجلت الإمارات استئناف إنتاج النفط الخام من حقول شبوة الإنتاجية، إذ إنها، وبعد أربعة أشهر فقط من سيطرتها على منابع النفط في شبوة، بدأت، منتصف آذار/ مارس الماضي، إنتاج 17 ألف برميل من خام شبوة الخفيف، من قطاع العقلة النفطي الذي يُعدّ ثاني أكبر القطاعات النفطية في المحافظة، بواسطة شركة «OMV» النمساوية. وتزامن إنتاج النفط في قطاع العقلة مع انتهاء شركة «أوريون غاز» الأميركية من إنشاء أنبوب نفط يربط حقول العقلة بميناء النشيمة (بطول 13 كيلومتراً)، الذي أنشئ هو الآخر مطلع العام الجاري، من قبل الشركة نفسها، بحماية إماراتية. وتشير مصادر محلية إلى أن الإمارات بدأت، أيضاً، إنشاء ميناء آخر شرقي ميناء بئر علي، الذي يُعدّ أحد الموانئ النفطية الطبيعية في شبوة الجنوبية.
الرياض تتجه شرقاً
التحركات الإماراتية في شبوة وحضرموت توازيها تحركات سعودية متصاعدة في محافظة المهرة، التي باتت تحت السيطرة السعودية عسكرياً. فالرياض التي وضعت يدها على المهرة تحت مبرّر «مكافحة الإرهاب والتهريب»، عزّزت، منتصف الأسبوع الجاري، قواتها هناك بالمئات من الجنود والمدرعات الحديثة، بالتزامن مع بدئها بإنشاء أنبوب نفط يمتد من العمق السعودي في شرورة حتى سواحل المهرة.
مصادر محلية في المحافظة الواقعة شرقي البلاد، أكدت لـ«الأخبار» وجود مساعٍ سعودية «محمومة» في أوساط قبائل منطقة الخراخير، الواقعة على التماس مع شرورة السعودية. وبيّنت المصادر أن الرياض تقوم بشراء ولاءات في تلك المنطقة، في حين تضطر أحياناً إلى توزيع «تابعيات تجنيس من الدرجة الرابعة» لمواطنين في القرى القريبة من منفذ الخراخير البري.
وأفاد مصدر محلي في مدينة الغيضة، مركز المحافظة، «الأخبار»، بقيام السعودية باستحداث منطقة مغلقة طَوَّقتها بنقاط من الحرس السعودي في منطقة الخراخير، واستجلبت إليها شركات شقّ وبناء مع معدّاتها من الشاحنات والجرافات ومئات من العمال، ليعملوا في هذه المنطقة التي مُنع أبناؤها من الاقتراب من الأعمال الإنشائية فيها. وبالتزامن مع ذلك، عزّزت الرياض وجودها العسكري بالقرب من ميناء نشطون النفطي التابع لمحافظة المهرة، واستحدثت ثكنات عسكرية بالقرب من الساحل، وأعلنتها منطقة عسكرية، وهو ما يُتوقّع أن يعقبه إنشاء ميناء لتصدير النفط على ساحل البحر العربي. ولفت المصدر إلى أن أنبوب النفط الذي تستحدثه السعودية في أراضي المهرة تنفّذه شركة «أرامكو» التي أدخلت أخيراً عدداً من الحفارات إلى شمالي حضرموت.
– الأخبار – رشيد الحداد