الجديد برس
ستيفن راب
لا يفترض على الولايات المتحدة الاقتران بقوى لم تظهر أي احترام لقوانين النزاع المسلح، كما يجري في الحرب ذات الثلاث السنوات في اليمن, والتي تسببت بالفعل بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، فقد تم تهجير ما يقدر بنحو 3 ملايين مدني، و8.4 مليون رجل وامرأة وطفل يواجهون خطر المجاعة.
تم مؤخراً تكثيف غارات الطيران السعودي على ميناء الحديدة اليمني، وتتحرك قوات مدعومة إماراتياً صوب المدينة. إن حياة 250,000 مدني يعيشون هناك في خطر، ومع تعرض الميناء للهجوم فإن خط شريان الحياة الذي يوصل الغذاء والدواء لجميع السكان اليمنيين في خطر.
إن الأمريكيين هم أيضاً في خطر، بسبب تواطئهم في الجرائم التي ارتكبتها قوات التحالف في هذه الحرب.
وطالب مجلس الأمن الدولي بوقف الهجوم على الحديدة، وإبقاء الميناء مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية. وإلى حد الآن, لم تتم الاستجابة لهذه الدعوة. من الضروري أن يتخذ الكونجرس الأمريكي وإدارة ترامب خطوات لمنع هذه الأزمة من أن تتحول إلى كارثة.
وهناك ثلاثة إجراءات ضرورية لذلك:
قطع إمدادات الأسلحة التي تستخدم لارتكاب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.
مطالبة جميع الأطراف, بما في ذلك التحالف السعودي, بوقف اعتداءاتها على المدنيين.
إعطاء الأولوية للتحقيق في جرائم الحرب حتى يمكن محاسبة المسؤولين, ولا سيما القادة.
ومن المشجع أن مجموعة من أعضاء مجلس النواب الأمريكي من كلا الحزبين, الجمهوري والديمقراطي, يقومون بالدفع نحو اتخاذ الإجراءين الأولين. وقد طلبوا من وزير الدفاع جيمس ماتيس أن يقدم للكونجرس توضيحات فورية حول جميع مجالات التدخل العسكري الأمريكي في الصراع في اليمن.
وحثوا ماتيس بشكل خاص على استخدام جميع الأدوات التي تحت يده لثني التحالف السعودي عن المضي قدماً في هجوم الحديدة, وأن يرفض توفير الدعم اللوجستي والعسكري والدبلوماسي الأمريكي لأية عملية كهذه.
تقوم الولايات المتحدة ببيع الأسلحة للسعودية والإمارات دون أدنى اعتبار للطريقة التي يتم بها استخدامها. إنها معادلة بسيطة لا يمكن الجدال فيها: فعندما لا يمتلك الجناة أسلحة أو ذخائر، لن يتمكنوا من قتل المدنيين وتشويههم، وبهذا يمكن وقف هذه الأزمة الإنسانية المتصاعدة.
ومن تجربتي الخاصة بصفتي مدعياً دولياً, فقد رأيت كيف يمكن أن يؤدي تموين القوات بالأسلحة والذخائر التي يتم بها ارتكاب الفظائع, إلى توجيه الإدانة إلى أولئك الذين يقدمون هذه المساعدة ويتحملون نتائجها.
بدلاً من ذلك, نحتاج من الولايات المتحدة أن تلعب دوراً قيادياً في ضمان التحقيق في جرائم الحرب المزعومة ومقاضاة الجناة المباشرين ومعاقبتهم.
وقد اقترحت الحكومة الهولندية, في سبتمبر 2017, قراراً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لإنشاء لجنة للتحقيق في سلسلة الانتهاكات والتعديات الخطيرة. إلا أن الولايات المتحدة دفعت باتجاه التوصل الى حل وسط نتج عنه إنشاء لجنة من الخبراء في قضية اليمن, والتي لم تكن مخولة إلا للكشف عن (الحقائق والظروف).
وفي حين أن إدارة ترامب قامت بسحب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, إلا أن الولايات المتحدة تعهدت بأنها لن تتراجع عن التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان.
ويمكن إثبات هذا الالتزام من خلال دعم حلفائنا في تعزيز تفويض لجنة الأمم المتحدة في اليمن حتى تتمكن من إجراء تحقيق كامل. وتماماً كلجنة جنوب السودان، ينبغي تفويضها بجمع الأدلة والحفاظ عليها وجعلها متاحة للملاحقات القضائية في المستقبل. هذا من شأنه أن يعطي إشارة لأولئك الذين قد يستهدفون المدنيين الأبرياء اليوم، أنهم قد يواجهون الحساب في المحكمة غداً.
ولا تقتصر الجرائم التي ترتكب في اليمن على الهجمات العسكرية. فقد ثبت أن العديد من الصحفيين ومناصري حقوق الإنسان قد تم إختفاؤهم أو اعتقالهم بطريقة تعسفية على خلفية تصريحاتهم ضد أفعال أطراف الصراع, ويقبعون غالباً في سجون سرية تقودها الإمارات وغيرها.
يجب كشف هذه الانتهاكات والتحقيق فيها بطريقة من شأنها أن تضع الأساس للمحاكمات المستقبلية. وقد تم تسليط الضوء على هذه الانتهاكات ومناقشتها في مؤتمر عقد مؤخراً لخبراء رفيعي المستوى استضافته الجمعية الأمريكية للقانون الدولي وجمعية القانون الأجنبي في مركز ستيمسون في العاصمة واشنطن.
كانت وجهة النظر السائدة هي أنه من الممكن ارتكاب انتهاكات خطيرة وإساءات ضد المدنيين في اليمن دون مواجهة عقاب، في ظل توفير الأسلحة وتقديم المساعدة إلى الجهات الفاعلة الرئيسية من قبل الولايات المتحدة والحكومات الأخرى، ما أدى إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
لأن الملايين من البشر معرضون للخطر, من الضروري اتخاذ إجراء حاسم. ارفضوا تسليح الأطراف المتحاربة، وضعوا حداً للإفلات من العقاب والانتهاكات والتجاوزات من أجل مستقبل اليمن، ومن أجل حياة جموع المدنيين الغفيرة.
*صحيفة: جست سكيوريتي – 5 يوليو 2018
ترجمة خاصة لـ موقع (لا): محمد إبراهيم زبيبة