المقالات

قبل جنيف بساعات مشاورات لا مفاوضات ولا حل إلا صنعاء

الجديد برس : رأي

إبراهيم سنجاب – كاتب صحفي مصري

غدا تبدأ مشاورات المبعوث الدولى لليمن (جريفت)مع وفدى صنعاء وعدن إن جازت الاختصارات ، وتصر الأمم المتحدة علي أن تعمل بالمثل المصرى الذى يقول ( ودنك منين يا جحا ) ومع ذلك تجد في اليمن من يستجيب لمبعوثيها منذ بداية الأزمة إذ لا سبيل آخر أمام نخبة اليمنيين الذين أسرعوا فى الدخول فى الفتنة ويتباطئون فى الخروج منها .

حسابات المكسب والخسارة

يذهب وفد الحوثي إلى جنيف وقد حصل زعيمه الشاب عبد الملك بن بدر الدين علي لقب زعيم ثورى فى تعريف الأمم المتحدة لسلطة الأمر الواقع فى العاصمة صنعاء ، واعتراف أممى برئيس بالمجلس السياسي الأعلى مهدى المشاط واعتراف آخر بزعيم اللجنة الثورية العليا محمد على الحوثي وكذلك ؤئيس برلمان صنعاء ، في المقابل يغادر رئيس شرعية عدن عبد ربه منصور هادى إلى أمريكا دون استقبال رسمى للعلاج وربما لا يعود وفقا لتقديرات يمنية .

يذهب وفد الحوثي إلى جنيف وقد استمسك بالعاصمة صنعاء وصد أكثر من هجوم على الحديدة بل ووصلت صواريخه وطائراته المسيرة إلى الرياض وأبو ظبى ، بينما يترك وفد عدن خلفه مظاهرات غاضبة في حضرموت وعمليات ارهابية تستهدف الكبير الصغير وتحالفات مع القاعدة فى الساحل الغربي وتقارير عن اغتصاب رجال ونساء فى سجون الشرعية .

وللحقيقة فعندما يلتقي الوفدان يكونا قد تركا وراءهما ملايين البشر بلا مرتبات بلا خدمات بلا عملة يمنيه في مواجهة جنون الدولار، يذهب الوفدان الى جنيف وخلفهما شعب مريض لا يُحد علاجا وجائع سنواته الثلاث الأخيرة كلها رمضان .
قد تعذر سلطة صنعاء المحاصرة ولكن ما عذر سلطة عدن ؟ لديها المليارات الجديدة وعوائد البترول والغاز والمساعدات الأجنبية ومقابل الارتزاق وأحيانا الخيانة !
عموما ؛ سيلتقي الوفدان لتتهرب الامم المتحدة وجامعة الدول العربية والمنظمات الاسلامية والإنسانية من واجبها نحو اليمن الذى اعلن من صنعاء انتماءه لمحور المقاومة الذي تتزعمه ايران ، بينما يعلن من عدن وفنادق الرياض انتماءه لمشروع مواجهة المد الفارسي .

وماذا بعد؟
يذهب الحوثيون إلى جنيف وتحت سلطتهم ما لا يقل عن ثلثي عدد سكان اليمن مهما كانت ظروفهم المعيشية الا انهم أمنون من الاغتيالات والاغتصابات وشرور القاعدة وداعش واعتداءات المحتلين بكافة صورها، يذهبون ومعهم الاف الصور والافلام لقتلى ومرضى وجوعى من الأطفال والنساء والمبانى المدمرة، ويذهب وفد الشرعية ممزقا بين مؤتمرين وسلف وإخوان ومرتزقة ووطنيين لم يجتمعوا على شئ الا الحقد على الحوثى .
وماذا بعد مرة أخرى ؟
يذهب الحوثيون إلى جنيف وهم صوت واحد هو صوت زعيمهم عبد الملك وبعقيدة واحدة هى القتال حتى الموت ، متهمين خصومهم بالعمالة حتى اخر دولار ، أما فريق الفنادق فيذهب ومعه اعتراف دولي بالشرعية ودعم اقليمى بالمال و السلاح ولكنه عاجز علي مدى اكثر من ٣سنوات ونصف عن إثبات كفاءته سواء فى القتال او في الادارة.

كل التقارير المنشورة تؤكد أن مشاورات جنيف لن تقدم أو تؤخر ، أو أنها مجرد وقفة سياسية يتبعها معارك طاحنة لإجلاء الحوثي عن الحديدة والاستيلاء على مينائها والتقدم نحو صنعاء كما يروج إعلاميو طارق عفاش وسلفيو الجنوب وغيرهم من قياداتالإصلاح الذين يلعبون أدوارا متعددة مع السعودية وقطر اقليميا ومع المؤتمر والحوثيي محليا ويضمون لهم وجودا مع الشرعية على كل حال ، أما منتسبي حزب المؤتمر الذى كان الأكثر شعبية فى أوساط اليمنيين فهم الآن إلى يهود التيه أقرب بعد أن شرذموا أنفسهم بين العواصم وشتتوا مواقفهم بين الشرعية والأنصار والإصلاح , وبددوا مكتسبهم من رفض الحرب على اليمن , ولله فى مواقفهم شئون !
ومع ذلك
ورغم التشاؤم الذى يستبق مشاورات جنيف إلا أن الصورة ليست قاتمة تماما كما يراها المراقبون , فالجميع قد يئس من تحقيق نصر عسكرى حاسم , ونفقات الحرب فاقت كل التصورات , وما يقلل من حماس واندفاع التحالف السعودى الاماراتى للاستمرار فيها أن الرأى العام العالمي بدأ ينتبه لحجم المجازر التى ارتكبت بحق مدنيين حتي أن دولة كأسبانيا مثلا تبعت دولا أخرى فى منع توريد أسلحة للسعودية كما نشر مؤخرا , أما آخر المواقف الأمريكية تجاه السعودية فقد خذلتها سواء بمنع توريد نوعيات معينة من السلاح أو المطالبة بالتحقيق فى استهداف مدنيين , وما يقلل من همة السعوديين والاماراتيين أنهم تأكدوا للمرة الألف أن رجالهم فى اليمن مرتزقة سينقلبون عليهم فى اليوم الذى يتوقف فيه الانفاق بالريال والدرهم والدولار .

كل هذه المواقف يحملها وفد الحوثي معه فى جنيف ويحمل معه الصبر الأسطورى لصنعاء وصعدة والحديدة وحجة وعمران وكل المحافظات التى تحت سيطرته , بينما يحمل وفد عبد ربه منصور قرارات دولية ودعم سياسى خارجى أقصى ما يمكن أن تحققه أن تعيد المفاوضات إلى صنعاء بدون شروط مسبقة للدخول في عملية سياسية تعترف بسلطة الأمر الواقع .

 

نقلا من صفحة الكاتب على “فيسبوك”