الجديد برس : رأي
عبدالله سلام الحكيمي
للعام الرابع على التوالي ومنذ بدء العدوان والاحتلال السعودي لاراضي في بلادنا والحديث لايكاد ينقطع عن اهمية الحل السياسي وضرورته والكل تقريبا يجمع على ان الحل العسكري غير ممكن، ومع ذلك لانرى ولانلمس اية خطوات عملية على طريق اخراج ذلك الحل السياسي الذي يتحدث الجميع عن ضرورته! بل على العكس نشهد تصاعدا واتساعا للاعمال العسكرية من قبل تحالف العدوان السعودي الاماراتي المدعوم عسكريا وسياسيا واعلاميا من قبل المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه وتتحكم بخياراته الدول الامبريالية الخمس الكبرى في مجلس الامن الدولي وتصاعدا بالتوازي مع التصعيد العسكري للحصار البري والبحري والجوي وحرب تجويع شاملة شملت الغذاء والدواء واختطاف البنك المركزي اليمني والسيطرة على حسابات اليمن البنكية الخارجية وايقاف مرتبات الجهاز الاداري للدولة بشقيه المدني والعسكري ومتقاعديه والاستيلاء على ثرواتها الوطنية كالبترول والغاز والثروة السمكية اضافة الى تدمير كل البنى التحتية والخدماتية وتدمير بنية الدولة الوطنية ومؤسساتها وانشاء وتدريب وتمويل العشرات من الجماعات المسلحة والقوى الارهابية المتطرفة على امتداد اليمن وفق خطة تدميرية يتبعها تحالف العدوان وداعميه الدوليين لزج اليمن في اتون اقتتال وحروب داخلية مستدامة لاتبقي ولاتذر! في حين بات اليمن يرزح تحت وطأة اخطر واسوأ كارثة مأساوية في التاريخ الحديث على المستوى العالمي!.
والواقع ان عرقلة الوصول الى حل سياسي في اليمن، وهو متاح ومتيسر، يعود، في الاساس، الى تزاحم وتضارب الاجندات والمصالح الخاصة بالقوى الدولية الكبرى وكذا القوى الاقليمية، ليس على المستوى المحلي اليمني فحسب، بل وعلى المستوى الاقليمي العربي والشرق الاوسطي.
فما هو الحل السياسي، الذي استطال عنه الحديث وتشعب، دون التقدم نحوه ولو بخطوة ملموسة وجادة؟
وفي واقع الامر فان الحل السياسي المنشود في اليمن، لايمكن ان يكون الا حلين وليس حلا واحدا …
الحل الاول: وطني يمني:
——————-
وهو حل متيسر ومتاح ويتمثل بدعوة جميع الاطراف والقوى السياسية التي شاركت في الحوارات الوطنية السابقة، وآخرها التي جرت في فندق (موڤمبيك) بصنعاء برعاية المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة، والذي اوقفت اعماله وقد اوشكت على الاكتمال، بسبب شن الحرب من قبل تحالف العدوان السعودي الاماراتي والقوى الدولية والاقليمية المشاركة او الداعمة له، ويمكن ان يتم هذا اللقاء الوطني الجامع والدعوة له اما بمبادرة وطنية من قبل مجلس النواب، باعتباره لايزال المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تتمتع بشرعية برلمانية انتقالية توافقية بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، او بمبادرة سياسية من قبل الاطراف والقوى السياسية الرئيسة والوازنة كالتجمع اليمني للاصلاح والمؤتمر الشعبي العام وحركة انصارالله، والحراك الجنوبي، ان امكن.
وسواء اتم هذا اللقاء برعاية وادارة هذه الاطراف، ام تم برعاية مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى اليمن، بحيث يقتصر جدول اعماله بثلاثة محاور كبرى هي:
١)التفاهم والتوافق على انشاء سلطة حكم وطنية انتقالية توافقية تشرك فيها كل الاطراف والقوى السياسية اليمنية، وتتكون من: مجلس رئاسة من خمسة اعضاء، وحكومة اعادة بناء وطني، وجمعية وطنية من عدد من الشخصيات لاتقل عن٥١عضو ولاتزيد عن ٧١عضو.
٢)وتمارس سلطة الحكم الوطنية هذه اعمالها ومهامها استنادا الى اعلان دستوري ينظم مدة ومهام المرحلة الانتقالية التي يتفق عليها والعلاقات بين مكوناتها الثلاثة وسلطات وصلاحيات كل منها.
٣)وتتولى سلطة الحكم الوطنية ذات الطابع الانتقالي التوافقي ،على وجه الخصوص، مهمة اعادة بناء وتوحيد كيان الدولة الوطنية، الممزقة، ومؤسساتها كافة، وتنفيذ كل مايتم التوافق عليه من متطلبات القرارات الدولية ذات العلاقة باليمن، ومخرجات الحوار الوطني المجمع عليها وطنيا، والاعداد والتهيئة، بعد ذلك، لاجراء انتخابات عامة؛ رئاسية وبرلمانية ومحلية،وضمان توافر معايير النزاهة والحيدة والشفافية. وتولي مهام وادارة التفاوض مع تحالف العدوان والاحتلال الاجنبي لبلادنا لاجلاء قواتهم من ارضنا، واعادة بناء مادمرته حربهم العدوانية علينا، ودفع التعويضات اللازمة.
اما الحل الثاني: التفاوض مع قوى العدوان الخارجي:
—————————————–
ان هذا الحل يعتبر، الناحية المنطقية والواقعية، اكثر اهمية واكبر ضرورة، وذلك لعدة اعتبارات اهمها:
١)ان الحرب التي شنها تحالف العدوان السعودي الاماراتي، وداعميه الدوليين والاقليميين، والمستمر للعام الرابع على التوالي، هو الذي الحق ببلادنا دمارا شاملا رهيبا لكل بنانا التحتية وكافة مقومات حياتنا، على تواضعها، وقتل الالف من مواطنينا المدنيين، وحاصرنا حصارا مطبقا، وجوعنا وسيطر على ثرواتنا، ولايزال، وسلب حرية القرار والارادة من يد القوى والاطراف السياسية اليمنية التي التحقت بصفوفه وقاتلت مع والى جانبه، فاصبح هو وحده المتحكم بمسار الحرب والسلم وقراره، ولولا تدخله العسكري المباشر بشن الحرب لكانت الاطراف السياسية اليمنية قادرة على حل صراعها الداخلي فيما بينهافي غضون ايام قلائل، ولما حدث هذا التدمير المريع لكل شئ يتحرك على الارض، ولما حدثت هذه الكارثة الانسانية المروعة وغير المسبوقة عالميا.
٢)لقد اصبح واضحا، بما لايدع مجالا للشك، ان لتحالف العدوان السعودي الاماراتي وداعميه، مطامع احتلالية استعمارية توسعية، تقوم على تدمير الدولة والكيان الوطني اليمني وتقسيمه وتمزيقه الى كيانات ودويلات قزمية ليسهل ابتلاعه ونهب ثرواته ومايحدث في جنوب اليمن وشرقه وتعز والجوف والساحل التهامي وصعده دليل ساطع وجلي على ذلك.
٣)ان مواجهة مخططات واهداف تحالف العدوان والاحتلال يستوجب وحدة صفوف كافة القوى الوطنية وتعبئة كل طاقاتها للوقوف في وجهة، تفاوضا او قتالا فهو لن يتخلى عن مشروعه الهادف لتدمير وإنهاء كياننا ودولتنا الوطنية مالم يرغم على ذلك، وبديهي القول انه بدون اجباره على وقف عدوانه وسحب قواته من ارضنا، سلما او حربا، فلن يتحقق على ارضنا ولشعبنا لاسلام ولا استقرار ولاسيادة ولا تقدم ابدا.
ولهذا كان ماطرحناه، آنفا، ان الحل السياسي الوطني الاول الهادف الى قيام سلطة حكم وطنية انتقالية توافقية، تعيد بناء وتوحيد الدولة الوطنية، وتوحد الصف والموقف الوطني يعد مدخلا وشرطا لازما لتحقيق السلام والحل السياسي الشامل.
وانطلاقاً من سلطة التوافق والاجماع الوطني، تبدأ ادارة التفاوض مع تحالف العدوان والاحتلال الاجنبي، على النحو الذي بيناه آنفا، لانها ستكون مستندة الى شرعية وقوة الاجماع الوطني، وحينئذ وحتى لو لم تنجح في الوصول الى حل سياسي تفاوضي مرضٍ مع تحالف الغزو والاحتلال، فانها ستكون في موقف وطني قوي للغاية، وتفهم دولي افضل، يمكنها من خوض حرب تحررية عادلة ومشروعة ضد قوات غزو واحتلال عسكري اجنبي لارضها.
ويبقى السؤال: هل ستقدم قيادات القوى السياسية اليمنية، بعد ان ذاقت مرارة قرارتها الخاطئة وتعلمت منها، على اتخاذ موقف وطني تاريخي يحفظ لوطنها كيانه وحاضره ومستقبله؟
ذلك ما نأمله…. ولكن دعونا ننتظر لنرى!
من صفحة الكاتب على الفيس بوك