الجديد برس
يتفاقم الوضع الأمني المتدهور الذي تشهده مدينة عدن وغيرها من مدن ومناطق الجنوب، وهو ما دفع بالمنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى رفع تقارير حملت مؤشرات مفزعة وأرقام لم تكن متوقعة. خصوصا مع التضليل الاعلامي طيلة أعوام الحرب على اليمن، لطول أمدها.
منظمة سام للحقوق والحريات، وفي تقرير لها صدر خلال شهر يناير، قالت إنها رصدت 103 وقائع اغتيال، في مدينة عدن خلال الفترة بين 2015 إلى 2018، بدأت أولى عملياتها بعد 43 يوما من استعادة مدينة عدن من يد الحوثيين وسيطرة القوات الإماراتية عليها.
تحت عنوان “القاتل الخفي” أصدرت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، تقريرها عن الاغتيالات في مدينة عدن، وذكرت أن تلك الوقائع ظلت لغزا فترة من الزمن، حتى بدأت تظهر أطراف خيوط قد تقود إلى كشف الحقيقة، مشيرة إلى أن التقرير اعتمد على منهجية الإحصاء القائمة على الرصد والتوثيق لعملية الاغتيالات خلال الفترة المحددة، حيث تم رصد (103) وقائع اغتيال، في محافظة عدن، وعملت المنظمة على متابعتها من خلال وسائل الإعلام، والتواصل مع أهالي الضحايا، والمعنيين، والجهات الحقوقية والأمنية، سعيا منها لفك لغز هذه الجريمة المقلقة، التي دفعت الكثير من القيادات السياسية والدينية إلى الهجرة من مدينة عدن والبحث عن مكان آمن لا تطاله يد الاغتيالات.
أوضحت “سام” أن الضحايا توزعوا على ثلاث شرائح، هي: “رجال أمن، وخطباء مساجد، وسياسيون” مضيفة أن العدد الأكبر من الضحايا هم رجال الأمن، حيث وصل عددهم إلى (42) قتيلا، يتوزعون على كل من البحث الجنائي، جهاز الأمن السياسي، وأمن مطار عدن، تليهم شريحة الخطباء والأئمة، وبلغ الضحايا (23) قتيلا، منهم (12) إماما وخطيبا ينتمون للتيار السلفي، و (4) ينتمون إلى حزب الإصلاح، وخطيب واحد ينتمي إلى حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي.
وجاء العسكريون في المرتبة الرابعة بعدد ثمانية أشخاص، يليهم قيادات وأفراد في ما أسموها المقاومة بواقع سبعة أشخاص، إضافة إلى فئات متنوعة بعدد 14 شخصا بينهم نشطاء ورياضيون وأساتذة وقضاة وأعضاء نيابة.
بدأت موجة الاغتيالات عقب الحرب مباشرة، بحسب “سام” ثم استمرت بعد ذلك، حيث تشير البيانات إلى أن (18) حادثة اغتيال جرت في يناير 2016، عقب شهر واحد فقط من تعيين كلٍ من عيدروس الزبيدي محافظا لعدن واللواء شلال شائع مديرا لأمن المحافظة.
وكان عام 2016، الأكثر دموية حسب ما أظهره التحليل الشامل لعملية الاغتيالات من عام 2015 حتى 2018، حيث رصدت ووثقت خلال هذا العام (45) واقعة اغتيال وبنسبة تصل إلى (48%)، من إجمالي الضحايا، غالبيتهم من رجال الأمن والقيادات العسكرية.
عام 2018، جاء في المرتبة الثانية بنسبة (26%) وبعدد وصل إلى (24) عملية اغتيال، وكانت غالبية الفئات المستهدفة بالاغتيال في هذا العام من العسكريين والخطباء، فيما سجل عام 2015، عدد (13) واقعة اغتيال، بنسبة تصل (14%). وأخيرا عام 2017، بعدد (11) عملية وبنسبة تصل إلى (12%).
وكشف تقرير سام، أنّ الاغتيالات تمت في فترات متقاربة وبالأساليب نفسها، بدون وجود أي احتياطات أمنية، ما يؤكد أنّ الجهات المنفذة للاغتيال تتحرك بطمأنينة أكثر، وتمتلك معلومات كاملة عن الضحية، كما رصد التقرير استهداف ضباط في أمن المنافذ خاصة مطار عدن وميناءها، اللذين يعدان بوابة الارتباط بين اليمن والعالم الخارجي، ويعملان على التدقيق في حركة المسافرين من وإلى اليمن، وقد سجلت المنظمة 8 وقائع اغتيال.
سام أكدت في تقريرها أنه من خلال تحليل وقائع الاغتيالات، تبيّن أنّ إطلاق الرصاص على الضحية هي الوسيلة الأكثر استخداما من قبل الجهة التي تنفّذ الاغتيالات في عدن، فأول عملية تمت بالرصاص كانت في 30 أغسطس 2015، فيما أول عملية بعبوة ناسفة كانت في 30 يوليو من العام التالي، أي بعد 11 شهرا.
وعزا التقرير تفضيل الرصاص على العبوات الناسفة لدى هذه الجماعات، إلى عامل النجاح في الرصاص، حيث نجحت (79) عملية اغتيال بالرصاص مقابل فشل (15) فقط، فيما لم تفلح العبوات الناسفة سوى في (5) عمليات اغتيال مقابل (14) محاولة فاشلة.
ولا يزال مسلسل الاغتيالات في عدن مستمرا منذ سيطرة القوات الإماراتية عليها أواخر عام 2015، في ظل وضع متردٍ على كافة المستويات تعيشه المدينة للعام الثالث توالياً.
هذا ما ذكره التقرير حسب القتل المعلن عنه بوسائل الاعلام، رغم كثافة الجثث والمقابر الجماعية التي تم العثور عليها، واكتنفها التعتيم، وهي بأرقام تزيد عما ورد في التقرير بكثير.