الجديد برس : متابعات
تقرير: يحيى محمد|
يبدو أن مدينة تعز ستشهد جولة جديدة من الصراع الدموي بين الأطراف التابعة للتحالف السعودي الإماراتي والمتصارعة فيما بينها، كما يبدو أن الصراع هذه المرة سيتطور ليصل إلى صراع بين مسؤولي الشرعية أنفسهم في تعز، وهو ما ظهر من خلال مذكرات محافظ التعز الشرعي نبيل شمسان لوكيل المحافظة عبدالقوي المخلافي المحسوب على الإصلاح.
| المحافظ شمسان يحذر وكيله الإصلاحي |
نبيل شمسان محافظ تعز التابع للشرعية والمقيم في عدن حذر وكيل محافظة تعز عبدالقوي المخلافي المحسوب على الإصلاح بسبب قيامه بعقد اجتماع وترأسه لـ”اللجنة الأمنية” التي يترأسها شمسان المقيم في عدن، وعلى الرغم من أن الشخصين يمثلان الشرعية إلا أن ما حدث بينهما مؤخراً يكشف عن مدى الوضع الذي باتت تعيشه الشرعية ومسؤوليها والتي تحولت حسب ناشطين إلى مجموعة عصابات يعمل كل شخص فيها لصالح الجهة التي تدعمه ونصبته في منصبه لدى التحالف.
ووجه شمسان توبيخاً شديد اللهجة الى الوكيل المخلافي، مؤكدا بان دعوته للاجتماع اليوم تم بدون علمه او اشعاره او مناقشة الأمر مع ما تمخض عنه الاجتماع، محملاً الوكيل “المسؤولية الكاملة عن ما تمخض من قرارات من الاجتماع”.
وكان شمسان قد سبق ووجه أمنية تعز بسحب قوتها الأمنية من مدينة تعز وعدم الاشتباك مع جماعة أبو العباس، وهو ما جدد التأكيد عليه اليوم في مذكرته الأخيرة بـ”الالتزام والتقييد بتنفيذ توجيهاته السابقة بوقف اطلاق النار وانسحاب اللجنة الأمنية”.
| قوات الإصلاح بقيادة اللجنة الأمنية تمهل أبو العباس |
وكان المخلافي قد ترأس اليوم اجتماعا باسم ” اللجنة الأمنية “مع قيادات عسكرية وعدد من وكلاء تعز الموالين للإصلاح لمناقشة الهجوم على المدينة القديمة، حيث جاء الاجتماع بعد ساعات من بدء ما يعرف بـ”مليشيات الحشد الشعبي” التي شكلها الإصلاح، هجوما واسعا على المدينة القديمة اسفر عن سقوط عدد من الضحايا بين المدنيين بينهم طلفين.
ووفقاً لوسائل إعلام موالية للتحالف فإن اجتماع أمنية تعز أسفر عن تكليف لجنة التهدئة التي سبق وأن تم تشكيلها في الاشتباكات السابقة التي شهدتها المدينة القديمة وتوقفت بعد توجيهات بسحب الحملة الأمنية التابعة للإصلاح، تم تكليفها بإعادة التواصل مع القيادات التابعة لأبو العباس الموالية للإمارات المسيطرة على المدينة القديمة ودعوتها إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاقات المبرمة بينها وبين القيادات الأمنية التابعة للإصلاح.
كما أقر اجتماع اللجنة الأمنية بقيادة المخلافي وضع مهلة 24 ساعة لجماعة أبو العباس في المدينة القديمة لوقف إطلاق النار وتسليم مطلوبين للقيادات الأمنية في تعز المحسوبة على الإصلاح والانسحاب من المدينة القديمة بالكامل.
| أمام صراع وتهديدات بين مسؤولي الشرعية مختلفي الولاءات |
يرى مراقبون أن أبناء محافظة تعز في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف باتوا أمام وضع مهدد ففي الوقت الذي يمكن للموقف أن ينفجر عسكرياً بين فصيل الإصلاح وفصيل أبو العباس في المدينة القديمة يمكن أن يؤدي ذلك إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين إن لم يكن المئات، هذا بالإضافة إلى تدمير المدينة القديمة وإفقاد اليمن واحدة من أبرز المعالم التاريخية والأثرية في البلاد “المدينة القديمة بتعز”، ومن ناحية ثانية يرى المراقبون إن المشهد في تعز بعد التطور الأخير للصراع بين مسؤولي الشرعية أنفسهم، أصبح عبارة عن مجموعة من العصابات والشللية التي تتخذ من موقعها السياسي أو العسكري في “الشرعية” موقعاً ومنطلقاً لتنفيذ أجندات تخدم أطرافاً سياسية تعمل لصالح طرف أو أكثر في التحالف السعودي الإماراتي.
ويقول ناشطون من أبناء تعز تعليقاً على ما يحدث في المدينة، إن الوضع الذي تعيشه المناطق الخاضة لسيطرة الشرعية والتحالف يدفع بالعشرات من أبناء تعز للانضمام والقتال في صفوف “الحوثيين” أو على الأقل فقدان الشرعية لتأييد الشارع في تعز لها بسبب الصراع الذي يحدث في المدينة بين من يصطفون إلى جانبها وجانب التحالف، كما أن تجدد المواجهات الدامية بين فصائل التحالف في تعز يدفع في كل مرة بالعشرات من التجار والأسر للنزوح والانتقال بممتلكاتهم للعيش في المناطق التي تديرها سلطات صنعاء في تعز، وهو ما تشير إليه الأرقام المهولة للنازحين والمقيمين في منطقة الحوبان المدخل الشمالي للمدينة والتي تحولت إلى مدينة لم يعد ينقصها شيء لإعلانها مركزاً لمحافظة تعز بسبب النشاط التجاري والكثافة السكانية والاستتباب الأمني الذي فرضته أجهزة الأمن التابعة لسلطة صنعاء.
| شرعية أم عصابات تتصارع على المربعات السكنية والأسواق |
وقال لـ”المساء برس” أحد القيادات في السلطة المحلية في تصريح مساء اليوم “هذه ليست شرعية هذه عبارة عن عصابات متعددة كلا منها لديها مسلحين وتسيطر على مربعات سكنية وأسواق داخل تعز وتستغل مناصبها الأمنية والعسكرية والمدنية في الشرعية لتوظيفها وتسهيل نفوذها هنا أو هناك”.
وأضاف القيادي بالسلطة المحلية إن مسؤولي الشرعية في تعز باتوا يهددون بعضهم البعض، متسائلاً بالقول: “إذا كان مسؤولي الشرعية يهددون بعضهم البعض ويتصرف كل منهم حسب ميول ورغبات الأطراف الخارجية التي تدعمه فكيف هو الحال إذاً بالجماعات المسلحة الداخلية التي تتصارع وتتقاتل فيما بينها بين الحين والآخر وتتسبب بتدمير المدينة وقتل المدنيين”، ويضيف المصدر “الاجتماع الذي عقده المخلافي مع اللجنة الأمنية كان فيه نبرة تهديد واضحة وكان من الواضح أن المقصود بهذا التهديد هو المحافظ نبيل شمسان حيث قال إن هذا الاجتماع حتى مع عدم وجود المحافظ فإنه يأتي لضرورة قصوى هي اتخاذ إجراءات وفق القانون التي تكفل إيقاف الإشكالات في تعز وهو ما يعني أن الرجل أراد إبلاغ الحاضرين أن الإجراءات التي سيتخذها ستكون برغبة أو بعدم رغبة المحافظ، وفي الوقت ذاته أيضاً يصدر المحافظ توجيهاً يهدد فيه المخلافي بشكل غير مباشر ويحمله مسؤولية ما قد يحدث من تبعات جراء الإجراءات التي ستتخذها اللجنة وهو تهديد واضح للمخلافي والقيادات الأمنية أو العسكرية المحسوبة على الإصلاح بأن الاستمرار في مواجهة جماعة أبو العباس المسلحة الموالية للإمارات هو تجاوز لتوجيهات وأوامر المحافظ”.
| المواجهات القادمة سيتبنى كل طرف فيها القتال باسم القوات الشرعية |
التهديدات بين مسؤولي الشرعية في تعز تجلت أيضاً من خلال ما ورد في حديث المخلافي أمام اللجنة الأمنية حيث قال إن “اتخاذ قرارات في إطار القانون لضبط الأمور وتمكين الدولة من التواجد في كل المناطق وفرض هيبة النظام والقانون دون تسويف أو مماطلة” الأمر الذي يعني أن المخلافي ينصب نفسه مدافعاً عن النظام والقانون ويصنف المحافظ بأنه يماطل في فرض القانون وهيبة الدولة، في حين تأتي ردود المحافظ بتلميحاتها ونبراتها التهديدية لجماعة الإصلاح في الشرعية، ما يشير إلا أننا بتنا أمام “صراع شرعي شرعي” يمكن أن يشرعن للصراع المسلح والمتوقع حدوثه بين فصائل الإصلاح سواء كانت فصائل مسلحة غير نظامية أو المسلحين المنضمين لقوات الشرعية من ناحية، وجماعة أبي العباس وقوات اللواء 35 مدرع المحسوبة والموالية للإمارات من ناحية ثانية، وسيستند كل طرف في معاركه إلى طرف في الشرعية فالأول سيستند إلى القيادات الأمنية والعسكرية التابعة للإصلاح والثاني سيستند إلى المحافظ شمسان وسيقاتل كل طرف داخل المدينة وبين المدنيين باسم القوات الشرعية.
نقلا عن المساء برس