الجديد برس
إلى أين يقود معياد الوضع الاقتصادي؟
بعيداً عن الممكن يقود محافظ البنك المركزي في عدن حافظ معياد الوضع الاقتصادي برمته نحو الكارثة، فالرجل الذي كانت رافعته في صنعاء أثناء قيادته بنك التسليف التعاوني الزراعي السلطة والإعلام، يستند منذ قياداته لبنك عدن على سلطة الأمر الواقع فهو صديق مقرب للسفير السعودي محمد ال جابر الحاكم السياسي للمحافظات الجنوبية والشرقية، يضاف إلى أن معياد مقرب من الإمارات التي تعد الحاكم العسكري في الجنوب.
ولكن بين ماضي معياد وحاضرة الكثير من التحديات فرصيد حاكم البنك المركزي في عدن الذي حققه في البنك الزراعي بدأ يتبدد منذ أن عاد إلى رئاسة اللجنة الاقتصادية المعينة من قبل هادي بطلب إماراتي، فالرجل الذي عول الكثير من المراقبين على خبرته في العمل المصرفي ينكشف يوماً بعد يوم بسياسته التي يتخذها منذ تعيينه محافظاً للبنك، ليذهب بعيداً عن الممكن وكرس كل جهدة حول سحب الأموال عن صنعاء، وأقتصر دوره في تضييق الخناق على القطاع الخاص الذي استطاع ان يغطي دور الدولة في تأمين احتياجات اليمن الذي يعتمد اليوم على 97% من احتياجاته الأساسية على الأسواق الدولية.
وتحت شعار محاربة الحوثيين تسبب بأزمات بالمشتقات النفطية ويحاول ضرب القطاع البنكي والمصرفي، والغريب أن معياد الذي قدم نفسة كرجل مهمات صعبة لم يحل المشكلة من حيث مايجب، ولكنه شخص مشكلة اليمن الاقتصادية كلها بوجود بعض الإيرادات لدى الحوثيين واتجه نحو استعادة مملكته السابقة مستغلاً سلطاته في تدمير كاك بنك تارة بتعيين رئيس مجلس إدارة للبنك في عدن دون قرار جمهوري وبالمخالفة لقانون البنك وأخرى بسحب السويفت الخاص بالبنك بهدف تعطيل الحوالات الخارجية للبنك، متجاهل أن الملف الاقتصادي اليوم أكبر من الاستحواذ على بنك تعود أمواله للألاف من المودعين من تجار ومستثمرين ومواطنين، أو السيطرة على بضع مليارات يتم تحصيلها في المحافظات الشمالية، ويحاول تجاهل أن ما يقوم به لا يخرج عن نطاق مهمة كلف بها من قبل الإمارات والسعودية لتدمير الاقتصاد اليمني وليس لإصلاحه.
فالمشكلة الاقتصادية اليوم لا تكمن في الانقسام المالي بين حكومتين كلاً منها يمثل طرفاً، بل بقدرة كل طرف على تحصيل الإيرادات العامة للدولة وتنميتها وتوظيفها التوظيف السليم للصالح العام، فالانقسام المالي يعد جزئية بسيطة من تلك المشكلة، فاذا كانت حكومة صنعاء لديها قدراتها الكاملة على تحصيل ما تبقى من إيرادات عامة للدولة، فأين هي إيرادات الجنوب وكم تلك الإيرادات، ومامدى القدرات الاستجوابية والاستخراجية للدولة التي يتكئ عليها معياد، فهل حكومة الشرعية تستطيع أن تستعيد الإيرادات العامة للدولة في المحافظات الجنوبية والشرقية وإيرادات محافظة مأرب، وهل بمقدورها فرض سيطرتها على حقول النفط والغاز وإعادة تشغيل مصافي عدن لتستعيد الإيرادات العامة الثابتة للدولة من إيرادات النفط والغاز التي تمثل المصدر الأول من إجمالي إيرادات البلد.
ولكن المشكلة كما تبدو أكبر من معياد فشرعية هادي لاوجود لها على الأرض والمشكلة الاقتصادية ليس أساسها الانقسام المالي وحسب وانما قدرة الحكومة التي يتقلد فيها معياد محافظ البنك المركزي على استعادة الإيرادات العامة للدولة في المحافظات الجنوبية والشرقية.
فمعياد الذي كرسس كل جهوده على محاربة ما تبقى من إيرادات يتم تحصيلها في المحافظات الشمالية وتغطي نفقات الأجهزة والمؤسسات الحكومية الفاعلة في صنعاء، فشل هو والشرعية المزعومة في استعادة أكثر من 75% من إيرادات الدولة الثابتة التي كان البنك في صنعاء يتحصلها حتى مطلع العام 2016م، والغريب أن معياد منذ تعينه محافظاً للبنك اتخذ الكثير من الإجراءات العقابية ضد القطاع الخاص ومارس دور رئيس الحكومة ووزير التخطيط ووزير التجارة والصناعة وأصبح صاحب القرار الأول في الملف الاقتصادي، ورغم ذلك لم يتخذ أي خطوة إجرائية في الطريق الصحيح لاستعادة إيرادات الدولة الخارجة عن سيطرت البنك في المحافظات الجنوبية والشرقية.
فمثلاً يتم إنتاج النفط في ثلاثة قطاعات نفطية خارجة عن سيطرة الحوثيين “قطاع العقلة النفطي وقطاع صافر النفطي وقطاع المسيلة النفطي” ويتم الإعلان عن تصدير شحنات من النفط الخام وتشير الإحصائيات إلى أن انتاج تلك القطاعات الثلاثة الواقعة قطاعين منها تحت السيطرة الإماراتية وقطاع صافر تحت سيطرة السلطات المحلية في مأرب الموالية للإصلاح بلغ العام الماضي 18 مليون و80 ألف برميل نفط.
وتفيد المعلومات عن ارتفاع انتاج النفط في تلك القطاعات الثلاثة إلى خلال العام 2019م إلى 65 الف برميل يوميا، وباعتبار محافظ البنك هو رئيس اللجنة العليا لتسويق النفط الخام في الجمهورية اليمنية حسب القانون، لماذا لم يتدخل معياد باعتباره رئيس اللجنة ويفعل صلاحيات لجنة تسويق النفط في المناطق التي يدعون إنها محررة، باعتبار اللجنة هي المسئولة عن مبيعات النفط بحسب أفضل العروض التي تتقدم بها الشركات المتنافسة على الشراء، وعن متابعة الإنتاج وعن برنامج شحن النفط وتصديره، ويستعيد تلك الإيرادات العامة للدولة من النقد الأجنبي التي بلغت العام الماضي 1,3 مليار دولار.
ونحن اليوم نقترب من النصف الأول للعام 2019م، وهناك إنتاج شهري في المحافظات الواقعة تحت نطاق حكومة الشرعية من النفط يصل أكثر من مليون برميل شهرياً، يتجاهل معياد دوره الأساسي كمحافظ للبنك ورئس للجنة العليا لتسويق النفط في القيام بمهمته بالتحكم بإيرادات النفط وإعادتها إلى البنك، ويتعمد عوضاً عن ذلك تشديد الخناق على تجار المشتقات النفطية ويوجه باحتجاز السفن المستوردة التي يتم شرائها عبر البورصة العالمية وبشفافية ويتم شحنها من موانئ عالمية، وفي المقابل يتجاهل تجريف النفط اليمني ويبارك ذلك النهب المعلن لثروات الشعب اليمني من قبل الإمارات ويحاول تجنب الصراع مع حزب الإصلاح في مأرب متجاهلاً مصادرة 500 مليون ريال يومياً من مبيعات الغاز المنزلي والنفط الذي ينتج من شركة صافر، فتلك الإيرادات فقط المحددة بالنفط والغاز دون إيرادات الجمارك والضرائب والمنافذ البرية والثروة السمكية وميناء عدن وغيرها، والتي لو أعيدت ستغذي البنك المركزي الذي يقوده معياد منذ أشهر بالعملات الصعبة بشكل مستمر وثابت، وستمكن البنك من القيام بدوره في حماية العملة المحلية من التراجع أمام العملات الأجنبية وتغطية واردات اليمن من السلع والمنتجات.
فما يقوم به معياد منذ تعينه رئيساً للجنة الاقتصادية من قبل هادي، لا يقلل الفجوة الكبيرة ببن الموارد والالتزامات وبين العرض والطلب من النقد الأجنبي، حتى وإن استطاع إقناع “ال جابر” بتحويل النفقات العسكرية للقوات المشتركة للتحالف في اليمن، وتمكن من تحويل جزء من المساعدات النقدية للمنظمات الدولية عبر البنك في عدن، تلك موارد غير مستقرة حتى وان استند على الوديعة السعودية التي تراجعت قرابة 50% ليحصل على أكثر من 400 مليار ريال يمني، فإن سياسات حافظ معياد تؤكد بأنه يمضي بالاقتصاد اليمني نحو نفق مظلم، فالرجل قدم نفسة كمنفذ لمؤامرات التحالف التدميرية بحق الاقتصاد اليمني، وحرص على تجنب المساس بمصالح الإمارات والسعودية التي تأتي على حساب الاقتصاد اليمني وعلى حساب الاستقرار المعيشي للشعب اليمني وعلى حساب الاستقرار النقدي في البلد.
* رشيد الحداد – صحفي متخصص في الاقتصاد اليمني