الجديد برس : رأي
صلاح الدكاك
واشنطن تنتزع جثمان هادي من يد الرياض مجدداً واليماني يقفز قبل الغرق
استراتيجية الرد والردع الجديدة تربك ترتيبات لندن – جريفيتث
لاتزال المواقع الإخبارية التابعة لأحزاب العمالة وصفحات ناشطيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تستعر بالترويج لشخصيات بديلة تخلف العميل الصهيوني المستقيل خالد اليماني في سدة ما يسمى وزارة خارجية “حكومة الشرعية”… غير أن أكثر من أسبوع منذ شغور موقع اليماني، الذي رأس وفد العمالة إلى مشاورات ستوكهولم، ووقع على الاتفاقية المنبثقة عنها في ديسمبر 2018، لم يكن زمناً كافياً ليتوافق فرقاء العمالة خلاله على بديل، ولا يبدو أنهم سيفعلون في غضون الأيام المقبلة، الأمر الذي يكشف -بحسب مراقبين- عن تفاقم النزاعات البينية بين أدوات تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.. نزاعات يعزوها المراقبون إلى تضارب مصالح الرياض وأبوظبي على خلفية العجز عن إدارة المكاسب الشحيحة والأعباء الباهظة للعدوان بصيغة تشاركية تمكن المملكة تحديداً من أوراق قوة تناور بها لجهة التخفيف من حدة رياح تهديدات مرتدة تهب عليها بقسوة في العام الخامس للعدوان، من تلقاء اليمن.
استقالة خالد اليماني تبدو –بالنظر لجملة معطيات- أشبه بقفزة خارج “سفينة الشرعية الموشكة على الغرق”، أكثر منها استقالة أو إقالة، فاليماني الذي آلت إليه خارجية العميل هادي على عتبة مشاورات ستوكهولم، وفي سياق الحاجة لجسر التناقضات الحادة بين عملاء الإمارات (الانتقالي المطالب بانفصال جنوب اليمن) من جهة، وعملاء الرياض (شرعية الأقلمة المقيمين في فنادق الشتات) من جهة مقابلة، لا تشير استقالته إلى شغور الموقع الأهم في حظيرة ما يسمى الشرعية -فحسب- بحيث يكون السؤال “من البديل؟!”، وإنما تتعداه وتشير إلى توجه أمريكي بريطاني يعتزم طي ورقة ما يسمى الشرعية النافقة لجهة المناورة بورقة سياسة أخرى تكيفاً مع متغيرات الأمر الواقع، في هذا الطور الحساس والمعقد من أطوار الاشتباك والصراع، واتكاءً على هذا الاستشراف، فإن السؤال يغدو “من البديل لشرعية هادي؟!” على ضفة الاحتلال.
الأسبوع الفائت ازدحمت صحافة “الإصلاح العميل – أكثر المكونات رهاناً على مظلة الشرعية” بمانشيتات وأخبار تحذر من “انقلاب وشيك بدعم إماراتي” يستهدف الاستيلاء على قصر “معاشيق الرئاسي” في عدن… تحذير ورد على أكثر من لسان، أبرزهم قائد ما يسمى الحماية الرئاسية بالقصر مهران القباطي، وصولاً إلى “هادي” نفسه، حيث نقلت “أخبار اليوم” (التابعة لمحسن الأحمر) مطالبة الأول للرياض بتمكينه من العودة إلى عدن ومزاولة عمله كرئيس فعلي، داعياً المملكة لـ”وقف العبث الإماراتي” حد مانشيت الصحيفة المنسوب لـ”هادي”، في عددها الأحد الفائت…
ثمة خطر جدِّي يحدق بعملاء هذه الحظيرة، ولا مزاح ولا مناورة في الأمر، واستخدام “هادي” للهجة محتدَّة إزاءه لا يصدر عن مخاوف شخصية تخصه هو كعميل، وإنما هي مخاوف المُشغِّل الإقليمي السعودي المضارب بـ”شرعيته” منذ البدء والمتلطي خلفها.. باختصار يمكن الجزم بأن التناقضات شرعت تتمظهر أكثر احتداماً من ذي قبل بين “الرياض وأبوظبي”.
قال “هادي”، مساء أمس الأول، بلسان سعودي: أطلب العودة إلى عدن ووقف “العبث الإماراتي”، ولم تمض بضع ساعات على طلبه، حتى أقلع على متن طائرة توجهت به -ليس إلى عدن- وإنما إلى “واشنطن” لـ”تلقي العلاج”، وفقاً لأنباء وردت ليلة أمس، وتناقلتها شاشات التلفزة…
على عتبة ديسمبر المشاورات الفائت في “ستوكهولم”، طار “هادي” إلى ذات الوجهة، ولنفس الغرض المعلن حينها، ورشحت أخبار على لسان دبلوماسيين عن مصادر في الولايات المتحدة وصفت بـ”الطبية” أن الرجل دخل في حالة وفاة سريرية، وأكد عضو الوفد الوطني عبدالملك العجري، أن “صفحة الشرعية طويت للأبد”. وأردف آخرون أن تغييب دمية هادي بهذه الطريقة الدراماتيكية يأتي في سياق “تنازل أمريكي لسلطة الأمر الواقع الحوثية مقابل تسليم الحديدة والانسحاب الكامل منها…”.
سليم المغلس، عضو الوفد الوطني، قال جازماً في حوار لـ”لا” عقب توقيع اتفاقية ستوكهولم: “طوينا صفحة شرعية الرياض، وهذا أحد أبرز مخرجات الاتفاق…”.
بقي أن نُشير إلى حملة شرسة ممنهجة شنها إخوان التحالف ولفيف من عملاء خانة “الشرعية” اتهموا خلالها المبعوث الأممي بـ”الانحياز للانقلابيين”، وهاجموا “اتفاقية ستوكهولم” بالقول إنها “ورطة لولا ضغط التحالف لما وقع هادي فيها”.
هل يمكن ترتيباً على ذلك -إذن- التعاطي مع تسريبات حول طاولة مشاورات مغايرة تُعد لها “لندن وغريفيتث”، وبدفع من المجتمع الدولي وهي ما دفع العميل اليماني للقفز من سفينة الشرعية الغارقة للالتحاق بطرف يجري تخليقه عليها.. طاولة طرفاها صنعاء الأنصار من جهة، وعدن الحراك من جهة مقابلة، كسلطتي أمر واقع بحسب توصيف التسريب، وكيف تؤثر متغيرات التقدم النوعي الميداني لأبطالنا في “الضالع جنوباً”، كما والضربات المتلاحقة المؤلمة والتصاعدية التي أسفر عنها تدشين استراتيجية الرد والردع الجديدة، على سيناريو فرز كالذي أورده التسريب الآنف؟!
لقد استلم رجال الرجال زمام الفعل بقوة أجلى، وعلى مساحة شاسعة نوعية تجعل من كل تداعيات سياسية مقبلة، رهناً لسواعدهم، لا لكواليس المناورات البريطانية اللئيمة الهادفة لتدوير عثرات وإخفاقات التحالف ومن ورائه “لندن – واشنطن” كمكاسب أمر واقع لجهة مشروع الشرذمة والاحتلال.