الجديد برس : عربي
غير بعيد عن الرعاية الأمريكية المباشرة وفي سابقة أولى منذ تأسيس المملكة
سلمان يعين نجله وزيراً للطاقة … بيض الإخفاقات في سلة عائلية واحدة
ذو الفقار يوسف
بعد أسبوع على إصدار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أوامر بإقالة مسؤولين رفيعي المستوى، بينهم رئيس الديوان الملكي، تغييرات حكومية جديدة تطال وزير الطاقة خالد الفالح ومسؤولين آخرين.
هذه التغييرات، وإن باتت مألوفة في الآونة الأخيرة، إلا أن الحكومة السعودية لم تشهد مثيلاً لها من حيث الحجم والمدة الزمنية التي جرت خلالها والمحصورة في العامين الماضيين، وذلك نتيجة المغامرات الخارجية المتزايدة للرياض وفشل سياساتها الداخلية، وتحديداً الاقتصادية، فضلا عن الصراع الدائر والذي برز مؤخراً إلى العلن بين أجنحة العائلة الحاكمة.
فبعد تقلص سلطة الفالح، صدر قرار ملكي أمس بإعفائه من حقيبة الطاقة ليحل محله أحد أفراد الأسرة المالكة، هو الأمير عبد العزيز بن سلمان، نجل الملك الرابع. كما أعفي الفالح من مهام رئيس مجلس إدارة شركة “أرامكو” النفطية، ما يعني فشل السياسة السعودية في إدارة “أرامكو”، لاسيما تلك المتعلقة ببيع أسهم منها وفقا لرؤية ولي العهد محمد بن سلمان. القرار الملكي قضى أيضاً بإعفاء نائب وزير الطاقة، عبد العزيز بن عبد الله، من منصبه، وعين مكانه أسامة بن عبد العزيز الزامل.
محمد بن سلمان، وبحسب مصادر صحفية، حاول إلقاء اللوم على الفالح وحمله مسؤولية تراجع النهوض بالقطاع النفطي الأضخم في بلاده. لكن محللين اعتبروا أن هذا التغيير ليس لتعزيز قبضة سلمان كما لن يؤدي إلى تعديل في سياسة السعودية النفطية التي تحدد مصير أكثر من 80% من إيرادات الرياض.
غير بعيد عن استراتيجية الرد والردع اليمني العسكرية التي تضع أرامكو في مقدمة أهداف ضرباتها الصاروخية والمسيرة, تأتي هذه التغييرات التي لا تنم – بحسب مراقبين – عن عافية في بنية المملكة ولا تضيف قوة إلى رصيد الأمير الطامح في الملك بقدر ما تبدو أشبه بتكويم بيض إخفاقات سلمان في سلة عائلية واحدة تجعله وعائلته المسؤولين حصرياً عن مآل المملكة المتردي باضطراد بفعل تفاقم عجزها عن أن تكسب الحرب على اليمن وعجزها بعد خمسة أعوام عن تلافي تبعاتها المرتدة سلباً على كل مناحي العافية في بنية المملكة لاسيما قطاعها النفطي والحيوي.
مراراً أخفق الأمير الشاب ولي العهد في طرح أسهم أرامكو للاكتتاب في البورصات الدولية وفقاً لاستراتيجيته الموسومة بـ ” ٢٠/٣٠ ” وعزا خبراء هذا الإخفاق لتدني القيمة الائتمانية للشركة الأكبر في المملكة على خلفية جملة عوامل أبرزها التهديدات العسكرية التي تهب عليها من جهة اليمن كما وقضية خاشقجي علاوة على غياب الشفافية لدى المملكة حيث يعتقد الخبراء أن القيمة الفعلية لأكبر شركاتها هي أقل بثلث في الحد الأدنى مما تضعه لها الرياض كرقم نظري في إعلامها.
في سياق متصل فإن أياً من أفراد العائلة المالكة السعودية لم يسبق له أن شغل منصب وزير الطاقة منذ تأسيس المملكة عام 1932 حيث تعاقب عليها ٥ وزراء جميعهم من غير العائلة قبل أن يصدر سلمان أمس قراراً بتعيين نجله عبدالعزيز ” 59 عاماً ” والذي التحق بالوزارة نهاية الثمانينيات بصفة مستشار “متدرجاً ” إلى نائب وزير ليؤول إليه الكرسي الأولى في قيادة الوزارة الأهم على الإطلاق لجهة جوهرية النفط ومحوريته في نشأة المملكة وقوة اقتصادها.. تغيير نوعي لا ريب أنه لم يحدث بعيداً عن رعاية أمريكية مباشرة (زيارة شنكر مساعد وزير الخارجية تأتي في هذا السياق) ولحاجة في نفس واشنطن -ربما – لتحميل عائلة سلمان تحديداً وزر كل الإخفاقات التي منيت بها المملكة في غضون نصف العقد الأخير بغية حصر تداعيات الانهيار في جزء من سدة السعودية والإبقاء على أوراق سليمة لتدوير لعبة الحكم بما يطيل عمر الكيان الوظيفي المتداعي.. قد يبدو الأمر في ظاهره مؤشراً إلى مزيد قوة في رصيد العائلة السلمانية لكنه في كواليسه مدعاة لتنامي نقمة أجنحة العائلة السعودية الواسعة على هذا الاستحواذ المتنامي والإقصاء الذي تتعرض له هذه الأجنحة منذ تولي سلمان الحكم مروراً بانقلاب نجله محمد على تراتبية ولاية العهد متسنماً منصب ولي عهد أول على حساب محمد بن نائف ومقرن بن عبدالعزيز وإطاحته بمتعب بن عبدالله من سدة الحرس الوطني.
هي إذن العافية الفجائية التي ينعم بها المحتضر لحظياً قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
نقلا عن صحيفة لا