الجديد برس
ترجمة : زينب صلاح الدين
تعمل الولايات المتحدة على إنشاء وبناء قواتها بهدوء لضرب إيران.
وصلت قاذفات (بي-1بي) إلى صحراء المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى مقاتلين متخفيين وبطاريات صواريخ وقوات متخصصة.
ومعرفة سبب وجودهم هناك بالضبط تعتمد على من تستمع إليه.
لقد تغير كل شيء بعد موجة تلو موجة من صواريخ كروز وطائرات الدرون انفجرت في السعودية في الـ14 من سبتمبر.
وفقاً لوكالات الاستخبارات الدولية، جاءت تلك الضربات الجريئة من الأراضي الإيرانية. لكن القليل منهم قد خرج للعيان واتهم الحكومة في طهران بالوقوف وراءها.
وتصر إيران على أنها لم تكن بحاجة إلى شن غارات على منشآت النفط أو قصف السعودية. لكن المزاعم التي تقول بأن المتمردين الحوثيين هم المسؤولين قد تم رفضها باعتبارها غير مقنعة.
إنها مثال كلاسيكي لحرب رمادية حديثة، حيث يكون فيها حتى الإنكار غير المقنع يحمي البلدان غير المسالمة والمؤذية من العواقب الدولية.
لا أحد يريد حرباً مع إيران.
فسيكون صراعاً معقداً ومكلفاً.
لكن هل ترى طهران في عدم الرد إشارة للضعف يتم استغلالها؟
أم أن السعودية تطبق بالفعل تكتيكات رمادية مشابهة في الرد؟
إن الأخبار حول الانفجارات التي دمرت ناقلة نفط إيرانية في البحر الأحمر في بداية هذا الشهر ما هو إلا أحدث حادث في ما يبدو أنه مواجهة بطيئة ولكن متصاعدة بلا هوادة.
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “منذ اليوم الأول دخلت معترك السياسة، وأوضحت أنني لا أريد خوض هذه الحروب التي لا تنتهي والتي ليس لها معنى”.
حالياً تقوم الولايات المتحدة بتجهيز قوة ضاربة لا تقهر قادرة على تدمير أهداف في العمق الإيراني.
جناح التدخل السريع الجوي
هبط رأس حربة هذه القوة الأمريكية الجديدة للتو في السعودية، وهو عدد غير محدد من قاذفات (بي-1بي) الاستراتيجية. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر مثل هذه الطائرات الكبيرة والفريدة في السعودية. ومقارنة بأعدادها المحدودة، فإن مظهرها يبدو كبيراً.
أعلن بنتاغون الولايات المتحدة نيته إرسال ما يسميه جناح التدخل السريع الجوي إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية في بداية هذا الشهر.
وهذا أمر غير اعتيادي. فالولايات المتحدة تحتفظ فعلاً بقاذفة من النوع الثقيل وقوة مقاتلة في قاعدة العيديد الجوية بقطر.
لكن قاعدة الأمير سلطان تبلغ مساحتها 300 كم في داخل الخليج الفارسي. وهي أيضاً تقع في عمق السعودية، التي ربما تتطلب بعض الاهتمام السياسي بعد الفشل المحرج للتقنية الأمريكية في حماية منشآتها النفطية في الشهر الماضي.
وفقاً للقيادة المركزية الأمريكية، ترافق القاذفات سربان من المقاتلات وبطاريتي صاروخ دفاع جوي باتريوت وبطارية الدفاع الجوي في المناطق المرتفعة (ثاد).
وهذا يمثل زيادة هائلة في القوة النارية الأمريكية.
تقول إحدى تصريحات البنتاغون: “بأخذ هذا مع بقية الأسلحة المرسلة، فإن هذا يشكل 3000 قوات إضافية كان قد تم إرسالها أو التصريح لها في الشهر الماضي”.
لكن الأسلحة والجنود الإضافيين ليسوا القصة الكاملة.
يقوم الجناح الجوي للتدخل السريع ببناء هيكل القيادة وشبكات الاتصالات ومنشآت الدعم والخبرات القادرة على دعم التوسع السريع للقوة.
ستنضم القاذفات الأمريكية إلى طائرات المراقبة الأسترالية التي هي من طراز “بي-8 بوسيدون” والتي وصلت مؤخراً من أجل حماية الخليج الفارسي.
وهي هناك ليتم رؤيتها. وهي هناك من أجل تقييد تحركات الحرس الثوري الإيراني. وهي هناك من أجل الرد إذا لزم الأمر.
الإنشاء
كان السيد ترامب مصراً على كونه يريد سحب قواته من الشرق الأوسط.
لكن حتى إذا كان يقوم بسحب القوات خارج سوريا فهو يرسل المزيد منها إلى السعودية.
لماذا؟
أوضح ترامب أن “العلاقة كانت جيدة جداً… وهم يبتاعون منا بضائع تكلفتها مليارات الدولارات، ليس فقط العتاد العسكري. ففي العتاد العسكري تقريباً 110 مليارات دولار، وهذا يعني ملايين الوظائف. والآن -مع ما يقال- نقوم بإرسال القوات والأشياء الأخرى إلى الشرق الأوسط لمساعدة السعودية. لكن هل أنتم مستعدون؟ فالسعودية -بحسب طلبي- قد وافقت على الدفع لنا مقابل كل شيء نقوم به لأجل حمايتها”.
من المقرر وصول 3 آلاف جندي إضافي إلى السعودية في الأسابيع المقبلة. وبذلك يرتفع إجمالي عدد القوات الإضافية التي تم نشرها في المنطقة ليصل إلى 14 ألفاً منذ شهر مايو.
قال المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان إن القوات هي عبارة عن “استثمار في الأمن الإقليمي”.
وقال: “كما صرحنا، لا تسعى الولايات المتحدة إلى الصراع مع النظام الإيراني، لكننا سنحتفظ بقدرة عسكرية متينة في المنطقة تكون مستعدة للاستجابة لأي أزمة وستحمي القوات والمصالح الأمريكية في المنطقة”.
ومع ذلك ليس الولايات المتحدة وحلفاؤها هم الوحيدين الذين يدقون طبول الحرب في الخليج.
أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن الدولة ستقوم قريباً بإجراء مناورات بحرية في خليج عمان مع روسيا والصين.
وأكدت موسكو هذه المناورات البحرية، حيث قال سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا: “نحن وجمهورية الصين الشعبية وإيران نحضر لتدريبات بحرية لقتال الإرهابيين والقراصنة في هذا الجزء من المحيط الهندي”.
يفترض أن يكون الزمن قد أرهقهم
في أبريل من السنة الماضية، أطلقت قاذفتا (بي-1بي) وابلاً من صواريخ “جو أرض” على مستودع للذخائر في سوريا. وكان هذا يمثل رسالة واضحة رفيعة المستوى للرئيس بشار الأسد بشأن عواقب استخدام الأسلحة الكيميائية.
كانت هذه القاذفة مألوفة بالنسبة للعراق وسوريا منذ العقود الأخيرة. لكن ذلك الانتشار الواسع قد أرهق المقاتلة الجوية المسنة.
أخبر جنرال القوة الجوية تيموثي راي مؤخراً الإعلام: “لقد قمنا بتوسيع قاذفات بي-1 لانسر”. ولقد كان يشير إلى وقف كامل للقوة في العام الماضي من أجل إجراء عملية تفتيش شاملة بعد أن أُجبِرت قاذفة على الهبوط الاضطراري بسبب اشتعال المحرك والمقاعد المقذوفة بشكل خاطئ.
وقال: “إن التعب والدمار في طاقم الحراس وبالتأكيد الطائرة، الأمر الذي كان هو سبب طلبي الانسحاب من قتال القيادة المركزية”. كانت القوة الجوية الأمريكية تخطط للبدء بسحب القاذفة القديمة المنهكة مع تاريخ التخلص التدريجي من العام 2036.
والآن يبدو البنتاغون مدعوماً في زاوية ما. يجب عليه العثور على المال، وبمعنى ثمن إبقاء قدامى محاربي الحرب الباردة في الجو حتى يبدأ الجيل الثاني من قاذفة قنابل (بي-21) بالتوافد من خطوط الإنتاج بأعداد كبيرة.
خصص الكونغرس الأمريكي مبلغ 1.26 مليار دولار لهذا الغرض فقط في يوليو. لكن قد يعني الإرسال الجديد إلى السعودية أن القاذفة أمامها المزيد من العمل الشاق.
العصي الكبيرة
صممت قاذفات (بي-1) في حقبة الحرب الباردة للتحليق بسرعات تفوق سرعة الصوت وتخطي المنطقة الواقعة تحت رادارات السوفييت والصواريخ. ومنذ ذلك الوقت تطورت إلى طائرة عالية الدقة في ضرب الأهداف المرتفعة، معتمدة على الحرب الإلكترونية والطائرات الداعمة لتفجير ممر واضح عبر دفاعات العدو.
إنها كبيرة، سريعة، وإنها قديمة.
وثبت أن الحفاظ على تحليق القاذفة التي عمرها 40 عاماً يشكل تحدياً مكلفاً. من بين 62 مقاتلة جوية في الأسطول، فقط 6 منها كانت “مستعدة للنشر” بحسب مراجعة تمت في أغسطس.
ومنذ ذلك الحين، حققت 52 في المائة من معدل الاستعداد.
وعشرون من قاذفات “بي-2 سبيريت” التي هي في الخدمة هي نفسها يصل عمرها الآن إلى 30 عاماً وتواجه عدداً من مشكلات الصيانة الباهظة. وحوالي 61 في المائة من القوة فعال.
من المفارقات أن مقاتلة جوية قديمة من نوع قاذفات “ستراتوفورترس بي-52” التي تعود إلى الخمسينيات معدة للبقاء في الجو لمدة أطول منهما. هذا يرتكز على اقتصاديات خالصة: هيكل الطائرة القديم أبسط وبالتالي من الأسهل الحفاظ عليه. وهذا ما يفسر أيضاً سبب إبقائهم القاذفة الأفضل أداء في الأسطول بـ69 في المائة من أصل 75 مقاتلة في وضعية القتال ويتوقع الاحتفاظ بها في الخطوط الأمامية حتى 2050 وما بعد.
ومع ذلك، تبقى قاذفة (بي-1بي) هي العمود الفقري الأمريكي المرسل من قوة القاذفات الثقيلة.
“نيوز دوت كوم أو”، موقع إخباري أسترالي.
29 أكتوبر 2019