الجديد برس : رأي
د. هدى جنات
هنالك قاسم مشترك بين ما يحدث في العراق ولبنان، وله علاقة بالانسحاب الأمريكي من الشمال السوري؛ هل لاحظتم أن المظاهرات انفجرت مع بدء الانسحاب الأمريكي؟!
شغل سفارات، وكي لا تظهر روسيا على أنها المنتصر في الشرق الأوسط. والهدف طبعا خلط أوراق المنطقة من جديد، لنتفاجأ قريبا بظهور تنظيم جديد يهدد المنطقة على شاكلة «داعش»، بعد أن أعلن مؤخرا خبر مقتل البغدادي الذي قيل إن جثته رميت في البحر شأنها شأن جثة بن لادن وطبعا هذه خرافة لا يصدقها طفل صغير.
والمضحك أن الشعوب العربية تملك ذاكرة السمكة التي تبتلع الطعم كل مرة.
أيتها الشعوب، في أي مظاهرة وفي أي بلد مستهدف، تقوم سفارات تابعة لدول معينة لها مصلحة في خلط الأوراق. تقوم بتجنيد قناصة محترفين تابعين عادة لشركة «بلاك ووتر» الأمريكية يعتلون البنايات الشاهقة ويبدؤون بقنص المتظاهرين. وهذا ما يحدث في العراق هذه الأيام.
الناس تقتل وتسقط أمام الكاميرات، فتغرق البلاد في بحر من الاتهامات والتخوين.
إن الثورة ليست بقطع الطرق، والإصلاح ليس بقطع مصالح الناس.
لينين زعيم الثورة البلشفية لم يقطع طريقاً واحداً، ولا غاندي زعيم أكبر ثورة سلمية في العالم. ولا جون جاك روسو أحد مفكري الثورة الفرنسية.
الثورة يجب أن تقودها أفكار، وليس شباب طائش يرى في الفوضى وقطع الطرق طريق ثورة.
واعتمادا على التطورات، أرى أنه سيتم اغتيال شخصية لبنانية سياسية على غرار اغتيال رفيق الحريري.
وكذلك تفجيرات وسيارات مفخخة في العراق تذكرنا بالأيام السوداء لهذا البلد…
من يقفون وراء هذه المخططات ينفذونها على أمل أن تكون مقدمة لحرب أهلية طاحنة وأرضية جاهزة لظهور تنظيم وزعيم أو خليفة آخر. وهذه المرة على ما أعتقد سيظهر من الشمال السوري وستبدأ خلافته من المنطقة الآمنة التي يطلبها أردوغان. هنالك أكثر من 100 ألف مقاتل داعشي سيظهر لهم زعيم قريبا، بعد أن ينسحب الجيش التركي.
اليوم، الشعوب تملك مصيرها؛ فإما أن تكون مظاهراتكم حضارية مثل المظاهرات التي تحدث في أوروبا كل يوم وتتحملوا مسؤولية حماية الوطن وتتوقفوا عن العنف وتضغطوا بطرق أخرى لتحقيق مطالبكم والقضاء على الفساد، أو تستمروا في الفوضى التي تمارسونها اليوم تحت غطاء ثورة والتي تزعزع أمن البلاد وتسمح بتغلغل مندسين وسيارات مفخخة من الحدود، فتجدون أنفسكم غدا أو بعده تحت رحمة سيف داعشي أو ضحية تفجير هنا أو هناك.
وبعد أن كنتم تطالبون بحقكم في الثورة، ستتدحرج الأمور إلى أن يأتي اليوم الذي ستطلبون فيه حقكم في الحياة.
(*) إعلامية سابقة في صحيفة الغارديان البريطانية