الجديد برس : رأي
سلطان أبوطالب
لمحات وكلمات حانية لمن اخترقهم هذا الداء ..
قبل أن نعالج هذه الآفة التي دهمت البيوت وهتكت الحجب وأورثت تمردا على الله ثم الأخلاق .. لطالما توارينا عن فيح نار من تحتنا تواطأنا على سترها حتى أحرقت أنفسنا قبل بيوتنا وحطمت شبابنا وأخيارنا قبل فساقنا ..
في فضاء العالم الشبكي بضغطة رز ترى سيلا من الفحش والإباحية لا تقاومه إلا النفوس الممتلئة بالتقوى والمشحونة بالإيمان والفائضة ببهاء الخشية والتعقل وقبل أن نبدأ بالعلاج يجب أن نشيد الأسوار ..
هذه الأسوار إن كانت ضعيفة أو قصيرة سيأكلها طوفان الشهوات فأنت في عالم الشبكة التواصلية في حرب يجتمع فيها أعداؤك الشيطان وهوى النفس وزخرف الدنيا .. يجب أن تكون الأسوار مشيدة ومحصنة .. فما هي هذه الأسوار ..؟!
أولها صلاتك .. وتأمل قول الله الذي ليس قول يدانيه أو يساويه في كشف حقائق النفوس والمعرفة حين قال ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ) دقق على تلك المعادلة ( أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات )
هناك علاقة تلازمية بين الإخفاق في الصلاة والانهماك في الشهوات ، إذا أحسنت صلاتك جرى النور في عروقك ودمك لأن الصلاة نور وإذا أخفقت فيها جرت النار فيها لأن الشيطان من نار يجري من ابن آدم مجرى الدم ..
فإحسانك في الصلاة في محافظتك على وقتها وشروطها وخشوعها يمنحك مضادّا قاهرا لنشاط الشيطان فيك الذي يوقد فيك كل شهوة حتى يقطع عنك كل لذة في حلال .. ألا ترى كيف من تمكن الشيطان منهم حين يزين له الحرام على الحلال حتى يفقدهم حاسة لذة الحلال ..!
فإقامة الصلاة يعني أن الله يقيم حياتك إذا أقمت صلاتك أما حين إهمالها فأنت عبد للشهوات مع كثرتها تفقد لذتها ولا تستطيع الخلاص منها كعقوبة منه لك عليها .
السور الثاني :
المحافظة على الدعاء .. وإني لأعجب كيف لا يعرف المرء الدعاء إلا في البلاء ؟
أما الرخاء فلا يعرف ربه .. كيف يأمن على حاله وكيف يشكو سوء الحال وهو عن دعاء الله بعيد ..
يا أحبابي ..
دخل أصحاب الأعراف الذين لم يتحدد مصيرهم بقولهم ( وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )
فاستجاب الله لهم وصرفها عنهم فما بالك بصرف شهوة عنك ..!
وهدي غلام الأخدود بدعوة صادقة حين احتار في أمره بين الساحر والعابد ونجى من الملك حين أراد قتله بدعوة صالحة .. أفلا ينجيك الله بدعوة صادقة خالصة صالحة .
وإن أمثل الدعاء في هذا الموطن هذه الأدعية إكثارا ولزوما في مواطن الإجابة ( اللهم آت نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكاها ) ( اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي) ( اللهم أغنني بحلالك عن حرامك واكفني بفضلك عن من سواك )
الزمها عشرات المرات يوميا حتى وإن غاصت رجلك في وحل الذنوب .
هذان السوران السابق ذكرهما يجب العناية بهما لأنهما صماما الأمان من أز الشيطان وهوى النفس .. ثم بعد ذلك نأتي لأمر وهو .. لماذا وقعت في هذه الخانقة وعطن الشيطان ؟
لماذا تجرأت على اقتحامها ؟
وهاك الجواب ..
لما ضعف حسن ظنك بربك سارعت نفسك لهذه المخالفة وإلا لو أحسنت الظن بالله وقلت سأتركها له لعوضك الله الخير العميم والمتعة المنهمرة ولكن هناك ظن خفي في نفسك قال لك إن فاتتني هذه اللذة فلن ألقاها مرة أخرى ..
وهذا هو ضعف اليقين بالله .. أن تناوش المعصية وتسلك سبيلها خوفا من فواتها ولو كمل علمك بالله وصبرك له لتركتها لأنه هو الذي صنع هذه اللذة التي تخاف فوتها وهو الكريم الغني الذي سيبدلك خيرا منها .
واعلم أن الله عليم بكل شيء ومحيط بكل شيء وكريم على كل ذرة تعب قدمتها له فهو الذي يعطي الجنة على عمل يسير وهذا هو معنى اسمه الشكور .
ومن الأمور المهمة أن بإدمانك هذه المواقع تسلب منك لذة ( الجماع ) شيئا فشيئا من ناحيتين :
الأولى من ناحية الضعف الجنسي وهذا مشهود لمن أدمن هذه المواقع .
والثانية من ناحية الاستغناء بها عن اللذة الحقيقية الواقعية .
وهذا مثل من أدمن ( الفلفل ) في طعامه فبعد مدة لا يستطيع أكل أي شيء إلا بوجود الفلفل فلا يذوق الطعم الطبيعي للأكل لأنّ ذائقته اعتادت هذا الطعم الحار فانتكست الذائقة وهكذا من اعتاد على الأفلام الإباحية ..
فأنت تشاهد كل يوم مشهد وصورة في أحسن حالها إخراجا وتصويرا وانتقاء وهكذا ملايين الصور والأفلام .. فإذا جئت للواقع الطبيعي كانت الصورة مغايرة جدا للواقع لأن الأفلام أصلا عبارة عن تصوير تجاري هدفه الأرباح لا متعة الفاعل ..
وما دمت تأكل وتشرب فستجري فيك ثورة الشهوة .. فقل ما هو الحد الذي ستكتفي به ؟
ليس هناك حد ما دامت الشهوة فيك تجري فنفسك تتطلع إلى الجديد وتترك الواقع لأنك في حالة استعار علوي لا يخمد إلا بموت الشهوة نفسها وتلفها .
وبمتابعة هذه الأفلام وإفراغ الشهوة تضعف آلة الإنسان الذكورية والأنثوية بخلاف الجماع الذي يبقي على الإنسان قوته وشهوته وتوقه للجماع مرة بعد مرة لأنّ الإفراغ فيه ليس كالإفراغ من غيره .
واعلم ثم اعلم ثم اعلم أن لذة المواقعة في الحلال تفوق لذة المشاهدة لهذه الصور والأفلام أضعافا مضاعفة فإن لم يمنعك جلالة راء لك من فوق العرش فليمنعك عقل تنتفع به .
واسأل الله أن ينجينا وكل مبتلى من هذا الداء ومن نحب .