الجديد برس : متابعة اخبارية
ناقشت مضاوي الرشيد وهي أستاذة علوم الإنثروبولوجيا الدينية في جامعة لندن، المخاسر التي ستتكبدها المملكة العربية السعودية جراء عن الصراع الإيراني الأمريكي، وتحت عنوان” لماذا يجب على السعودية ألا تتدخل في الصراع الأمريكي-الإيراني” طرحت الرشيد، التكلفة العالية للصراع الأمريكي الإيراني على المملكة التي لم تستطع منذ خمس سنوات حسم الحرب في اليمن.
ورجحت الرشيد، أنه في حال اندلعت الحرب مع إيران، فإن السعودية ستصبح ساحة حرب، وقد تستهدف الصواريخ الإيرانية الدقيقة بنيتها النفطية، وفي حال استطاع ترامب اسقاط النظام الإيراني، وهو أمر غير مرجح من وجهة نظر الرشيد، فإن وجهة الحرب الثانية لديه، ستكون تدمير المملكة بعد استنفاذ أموالها ونفطها.
وفيما يلي نص المقال الذي نقله النهضة نيوز عن صحيفة ميدل إيست وترجمته كاملاً:
تنقسم المملكة العربية السعودية و إيران في سيطرتهما على نقطتين ساخنتين، الأولى في اليمن والثانية في العراق. فلا يمكن لأيٍ منهما أن يخرج من دون أن يفقد سلطةً كبيرة تقوض أساس شرعيته؛ ففي الوقت نفسه، يواجه كلاهما موجة احتجاجٍ متزايدة على هيمنتهما في البلدين، اللذين لهما تاريخٌ طويل في مقاومة المحتلين.
و قد تورطت الولايات المتحدة في كلا الصراعين، إذ دعمت الهجوم السعودي في اليمن ومكنت النفوذ الإيراني في العراق، مما يورطها في نزاعاتٍ إقليمية خارجةً عن إرادتها. فلا يمكن للولايات المتحدة أن تحل هذه الصراعات الإقليمية الحرجة، فضلاً عن أنه لا يمكنها حتى إدارتها.
• عملٌ غير منتهي
في خضم التصعيد الأخير وتهديد اندلاع حربٍ بين الولايات المتحدة وإيران، لا تزال المملكة العربية السعودية مترددةً حتى الآن، ويرعبها على الأرجح احتمال الانجراف إلى حربٍ خليجية جديدة، تقف على عتبة بابها مع إيران التي تعتبرها خصماً تاريخياً قوياً.
ففي حين أن الرياض ربما تكون قد ابتهجت سراً بشأن اغتيال الولايات المتحدة للقائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، وانتشت بحدة النقاش وتصريحات المواجهة المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أنها يجب أن تقلق بشأن نشوب حربٍ جديدة قد تصل إلى حقولها النفطية وما بعدها، كل ذلك في الوقت الذي لم تكمل فيه المملكة بعد أعمالها العسكرية في اليمن.
كما أنه في الوقت الذي يبدو فيه أن نشوب حربٍ منخفضة الشدة بين الولايات المتحدة و إيران على الأراضي العراقية أمراً وشيكاً، فإن استمرار المملكة العربية السعودية في اليمن لم يؤدي غرضه لصالح المصالح السعودية بعد.
فالعودة إلى الحياة الطبيعية في اليمن، حيث تستعيد الرياض نظام الحكم الموالي في صنعاء، أمراً صعب الحدوث و غير وارد، حيث يسيطر أنصار الله على مساحاتٍ شاسعة من البلاد. ولا يزال انتصار المملكة العربية السعودية غير مؤكدٍ في هذه الحرب، التي بدأت قبل خمس سنوات كعرضٍ للقوة من قبل ولي العهد الشاب الطموح الأمير محمد بن سلمان.
ومن المشكوك فيه أيضاً، ما إذا كانت المملكة العربية السعودية تستطيع خوض حربينٍ في نفس الوقت، إذ تنقصها القدرات العسكرية عندما يتعلق الأمر بشن حربٍ كلاسيكية ضد إيران ، فإذا قامت الأخيرة بمهاجمة حقولها النفطية أو تخريب صادرات النفط أو إثارة الاضطرابات داخل البلاد، قد لا تستطيع السعودية فعل أي شيء حيال ذلك .
فقد أظهر سجل المملكة العربية السعودية في اليمن أن قدراتها، و خاصةً سلاحها الجوي، أنه يمكنها القضاء على الميليشيات العشوائية، ولكن كسب الحرب مع إيران أو وكلائها في المنطقة أمرٌ مختلفٌ تماماً .
كما سيتعين على القيادة السعودية إعلان دعمها الكامل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذا استمر بحماقةٍ في التصعيد مع إيران. ففي حالة نشوب الحرب، ستكون الرياض حتماً واحدةً من منصات إطلاق ترامب للصواريخ والممول الرئيسي لمغامرته، في الوقت الذي تظل فيه الثروة النفطية المتضائلة في المملكة عرضةً لتقلبات أسعار السوق النفطية العالمية.
• الموارد المستنفدة
إذا نجح ترامب في الإطاحة بالنظام الإيراني، على الرغم من أن هذا غير مرجح، فسوف يبرز كبطلٍ في أعين أنصاره ويسجل في التاريخ كزعيمٍ أمريكيٍ قام بتفكيك نظام الجمهورية الإسلامية. ولكن ماذا سيحدث للمملكة العربية السعودية في مثل هذا السيناريو غير المحتمل؟
بالتأكيد، لن تكون الرياض آمنة، فحتى لو سقط النظام الإيراني على يد ترامب، وبالنظر إلى السياسة الخارجية غير المنتظمة للإدارة الأمريكية، قد تكون المملكة العربية السعودية هي الهدف التالي لها. فبعد أن يأخذ ترامب كل دولار يستطيع أخذه منه، لن يبقى عنده أي حبٍ حقيقيٍ للنظام السعودي، الذي تتمثل قيمته الرئيسية بالنسبة له في ثروته النفطية. وحالياً بدأت ثروة النظام السعودي تتآكل بسرعة بسبب الخطط الاقتصادية الطموحة التي لم تسفر عن ربح كبير أو انتاجٍ ملموسٍ حتى الآن.
فلا شك في أنه سيتم التخلي عن النظام السعودي كما فعل ترامب مع حلفاء مقربين آخرين، مثل الأكراد، في حال نجح في الإطاحة بالحكومة الإيرانية. كما سيتعين على الرياض التعامل مع تأمين نفسها في ظل الظروف الجديدة، و لكن هذه المرة دون غطاءٍ من الولايات المتحدة، و الذي تمتعت به منذ الحرب العالمية الثانية.
إن مقاربة ترامب في التعامل مع السياسة الخارجية يجب أن تُقلق المملكة العربية السعودية ، و تخمد أي حماسٍ قد تكون استمتعت به بعد اغتيال سليماني . فالنتائج غير المقصودة لتغيير النظام في إيران يمكن أن تؤدي إلى كارثةٍ على النظام السعودي .
و بالإضافة إلى ذلك ، فإن النظام المحروم من العدو الأجنبي المُتخيل الذي يدعم الخطابة القومية المتطرفة في السعودية ، سيجد نفسه غير قادرٍ على مواصلة إسكات الأصوات الناقدة . فقد لا يستمر سكانها في دعم نظامٍ يفشل في السيطرة على السياسة الخارجية الإقليمية بشكلٍ معقول و لا يغمر الأشخاص بمكافآتٍ مادية من وقتٍ لآخر .
• خيارٌ صعب
إذا بدأت الصواريخ الإيرانية في ضرب أهدافٍ سعودية، فإن ولي العهد سيواجه خياراً صعباً. ففي حال التزم الصمت، فسيتم إذلاله في عيون دائرته الانتخابية و السياسية و الاجتماعية أيضاً. وقد حدث هذا بالفعل عندما ضربت الصواريخ الإيرانية حقلي النفط السعوديين العام الماضي ، مما عطل الصادرات لأسابيع طويلة. و مع ذلك، إذا انضم ولي العهد إلى الحرب، فسوف يحول أراضي بلاده إلى منطقة حربٍ واسعة، و قد لا يكون قادراً على إيقافها فيما بعد .
فلا يمكن حل هذه الخيارات الصعبة إلا إذا تم فصل الصراع الأمريكي مع إيران عن قضايا إقليمية أخرى ، و هي في أمس الحاجة إلى مناقشةٍ صريحة و صادقة بين المملكة العربية السعودية و إيران .