الجديد برس
صواريخ صنعاء تهدد قمة مجموعة العشرين
رشيد الحداد
تواصل السعودية مغامرتها الدموية في اليمن للعام الخامس على التوالي في ظل تواطؤ دولي مفضوح، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية ارتكبت ابشع الجرائم وسحقت القانون الدولي الإنساني في اليمن فقتلت المدنيين ودمرت البنية التحتية للاقتصاد وشدد الحصار وحولت حياة الملايين منهم إلى جحيم ، لكنها في العام الخامس لعدوانها لن تكون افضل حالاً في ظل تغير موازين القوى العسكرية لصالح صنعاء التي أصبحت اليوم قادرة على استهداف كافة المصالح السعودية على امتداد أراضي المملكة، فعملية توازنِ الردعِ الثالثة “التي نفذت في العمقِ السعوديِّ بعددٍ من الصواريخِ البالستيةِ والمجنحةِ والطائراتِ المسيرة اليمنية الصنع فجر الجمعة ، تعد الرسالة الأولى للرياض في العام الجديد 2020 ، وقد تتبعها رسائل أخرى أكثر قوة إلى الرياض وربما ما بعد الرياض ، وهو ما ينبغي ان تدركه المملكة جيداً هذا العام كونها تترأس لأول مرة في تاريخها مجموعة العشرين الاقتصادية ، ولذلك فان نجاح أو فشل تلك القمة العالمية والهامة يكمن في وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني لتهيئة أجواء إيجابية وأمنة لوفود العالم اللذين سيتوافدون إلى الرياض التي تسلمت في مطلع ديسمبر الماضي رئاسة المجموعة رسمياً من اليابان للبدء بالتحضير للقمة السنوية ، وخلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين سوف تستضيف أكثر من 100 اجتماع ومؤتمر على مستوى وزراء ومسؤولين رسميين وممثلي مجموعات دولية كمجموعات الأعمال والشباب، والعمال، والفكر، والمجتمع المدني، و المرأة، والعلوم، والمجتمع الحضري وصولاً إلى موعد انعقاد قمة العشرين التي سيحضرها 20 رئيس دولة اقتصادية تتحكم بما نسبة 90% من الاقتصاد العالمي والمحدد انعقادها خلال 21 و22 نوفمبر 2020م في العاصمة السعودية الرياض .
وأن كانت الرياض قد تجاوزت رصيدها الأسود في مجال حقوق الإنسان واقنعت دول مجموعة العشرين بالمشاركة والحضور في كافة الفعاليات والتحضيرات التي تجريها السعودية منذ يناير الماضي، فإنها لن تستطيع تهيئة بيئة أمنة ومواتية لحدث اقتصادي عالمي ينطلق من السلام وتعزيز التوافق العالمي كضرورة لحل كافة المشاكل الاقتصادية والمالية العالمية وتهيئة أجواء الاستثمار على المستوى الدولي في ظل استمرار تصعيدها العسكري الجوي والبري على اليمن، ووفق المؤشرات الأولية فإنه يستحيل على الرياض ان تقنع دول مجموعة العشرين بالتغلب على مخاوفها من الهجمات الجوية التي تتعرض لها المملكة بين فترة وأخرى وربما يرتفع معدل تلك الهجمات خلال الفترة المقبلة كرد فعل على التصعيد المباشر الذي تشهده جبهات الحدود أو غير المباشر الذي يتم بتوجيهات من غرف العمليات في الرياض عبر الأدوات في الداخل ، فعدد من دول مجموعة العشرين الممثلة بـ (الولايات المتحدة وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي ) ، سبق لها اوصت السعودية بالعمل على وقف العنف واللجوء إلى السلام الشامل في اليمن ، وبدأت تعبر عن مخاوفها من تداعيات استمرار الحرب على قمة 2020 ، ولكن أمراء النفط في السعودية اللذين ابدو رغبتهم بالتوصل إلى هدنة عسكرية مع صنعاء عقب تسلم الرياض رئاسة مجموعة العشرين أواخر العام المنصرم ، عادو إلى التصعيد غير مدركين أن خسارة اقتصاد المملكة في ظل إعلان صنعاء خلال النصف الثاني من العام الماضي توسيع نطاق بنك الأهداف العسكرية المشروعة التي تضم كافة المنشأة الاقتصادية وعلى رأسها شركة أرامكو عملاق النفط السعودي العالمي التي تمثل العمود الفقري لاقتصاد المملكة ستكون وخيمة .
صحيح أن السعودية قد سعت إلى الأخذ بالانفتاح غير المحدود في أراضيها وحولت أراضي المملكة ومنها المقدسة إلى مراقص ومسارح للغناء والرقص وافتتحت بارت الخمور وحللت السفور والفجور تحت مبرر الترفيه لإرضاء دول مجموعة العشرين، إلا أنها لن تستطيع استعادة مكانتها الاقتصادية في ظل استمرار عدوانه على الشعب اليمني، دون أن توقف ذلك العدوان وتتنازل عن غرورها وكبريائها وتعترف بفشلها الذريع العسكري في اليمن وتلجا نحو السلام، فبيدها قرار وقف الحرب إن ارادت ان تجنب نفسها ارتداد نيران تلك الحرب على مصالحها الاستراتيجية ، وإن كانت صنعاء لم تعلن رسمياً انتهاء العمل بمبادرة خفض التصعيد الجوي التي دخلت حيز التنفيذ أواخر سبتمبر الماضي ، إلا أن عملية ينبع المشتركة التي نفذتها القوة الصاروخية وسلاج الجو المسير المحلي الصنع تأتي في إطار لكل فعل رد فعل ، وتؤكد أن عمليات توازن الردع التي تراها صنعاء حق مشروع لن تتوقف إلا بتوقف العدوان ورفع الحصار ، وقد تتصاعد مع بدء التحضيرات لعقد قمة مجموعة العشرين بقصد او رد فعل حتى تجنح الرياض للسلم .
حاليا وان بدأت بعض التحضيرات التي تأتي ضمن البرنامج السنوي لمجموعة العشرين في الرياض، إلا أن تلك تمثيل الدول في معظم تلك اللقاءات والمؤتمرات منخفض لأسباب أمنية، وفي ظل استمرار العمليات الجوية اليمنية في العمق السعودي فإن أصداء تلك الانفجارات التي تحاول الرياض تعتيم العالم عنها كما حدث فجر الجمعة حينما لجأت السلطات السعودية إلى ترهيب المئات من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، واجبار العشرات منهم على حذف منشوراتهم التي كشفت عن قوة عملية الردع الثالثة وتداعياتها في محاولة يائسة للتعتيم وإيهام العالم بأن المملكة تعيش في حالة استقرار تام .
قد تمثل رئاسة السعودية لمجموعة دول العشرين هذا العام فرصة كبيرة للرياض لجذب الاستثمارات الأجنبية واستقطاب مئات المليارات من الدولارات ان ارادت ذلك، وقد تنهي ما تبقي لها من مكانه وسمعة على المستوى الدولي، فنجاح قمة العشرين في العاصمة السعودية الرياض هذا العام مرتبط بالسلام ووقف العدوان على الشعب اليمني، ودون ذلك ستخرج الرياض خاسرة ، وستفشل قمة مجموعة العشرين لأول مرة في تاريخها منذ تأسيس المجموعة عام 1999 .