الجديد برس : تقرير
- يسعى الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه هادي، المنتقل حديثاً إلى مدينة عدن، لإيجاد وضع أمني مناسب يكفل له إدراة “الإمارة الجديدة” في جنوب اليمن. مهمّة هادي مستحيلة في ظل وجود العديد من التنظيمات التكفيرية إضافة إلى الحراك الجنوبي الغائب عن جنوبه، إلا أن الصفقات مع هذه الجماعات الإرهابية قد توجد ضالة هادي.
الصفقة الجديدة، وفق ما كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، خرجت إلى العلن مع هجمات تنظيم “داعش” الإرهابي على معسكرات الجيش اليمني، تقبع في بعضها قوات هادي وفي الأخرى تنظيم القاعدة، في حضرموت والسيطرة عليها، وذلك بعد عقد عبد ربه منصور هادي والقوات الإماراتية مع التنظيمات المتطرفة لتقسيم حضرموت بين “القاعدة” و”داعش”، مقابل إخراجهما من عدن التي تسود فيها فوضى أمنية كبيرة.
لم تقتصر صفقة هادي والقوّة الإماراتية على تأمين مصالحهم في عدن التي يريدون إستخدامها كورقة تفاوضية في مفاوضات جنيف وما بعدها، بل عمدت هذه الصفقة لوقف القتال والتصفيات الحالية بين داعش والقاعدة في حضرموت عبر تسليم وادي حضرموت إلى تنظيم داعش الإرهابي، مقابل ترك ساحل المحافظة لتنظيم القاعدة. ومن المقرر بموجب الصفقة التي كشفها مصدر أمني لـ”الأخبار”، ينسحب الجيش من مدن وقرى وادي حضرموت التي سيتم تسليمها لتنظيم “داعش” الإرهابي، أما مديريات ساحل حضرموت فستبقى بيد تنظيم “القاعدة” حلاً للخلاف بينهما، شرط أن ينسحب جميع عناصر تنظيم “القاعدة” وعناصر “داعش” من محافظة عدن. تداعيات صفقة “عدن مقابلة حضرموت”، ظهرت سريعاً حيث تبنى تنظيم “داعش” ولاية حضرموت عمليات الهجوم على المدينة في بيان نشره على صفحات تابعة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجاء في عنوان البيان أن “قرابة الخمسين قتيلاً سقطوا بهجوم لجنود الدولة الإسلامية على ثكن الجيش اليمني”، مؤكداً أن من سماهم “جنود الدولة الإسلامية في اليمن شنوا هجوماً واسعاً على ثكن الجيش اليمني المرتد في ولاية حضرموت”. وأوضح البيان أن العملية بدأت بالهجوم على ثلاث ثكن للجيش على طريق سيئون القطن، وقد تمت السيطرة على الثكن وقتل وإصابة من فيها.
أهداف وأبعاد
وأما عند الدخول في أبعاد وأهداف هذه الصفقة التي جاءت على حساب دماء وتراب الشعب اليمني في سبيل تحقيق أهداف هادي السلطوية، تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: إن الخاسر الأكبر من هذه الصفقة هو الشعب اليمني عموماً وأبناء الجنوب على وجه الخصوص، اذ تؤسس هذه الخطوة ليمن مشابه للعراق بعد الإحتلال الأمريكي حيث كبّدت الجماعات التكفيرية الشعب العراقي أكثر من ١٧٠ ألأف شهيد. وأما بالنسبة للجنوب، لا تقضي هذه الخطوة على طموحات الإنفصال فحسب، بل تعني غياب قوى الحرك الجنوب عن مشهد دم مقابل سطوع نجم الجماعات التكفيرية التي قد تعلنها عاصمة جديدة على غرار الرقّة والموصل.
ثانياً: ترتبط هذه الخطوة بشكل مباشر مع المفاوضات المرتقبة في جنيف بعد أيام، ففي ظل فشل قوى العدوان في السيطرة على مدينة تعز فضلاً عن خسارتها للعديد من المواقع العسكرية في مناطق آخرى، يسعى هادي بمؤازرة السعوديين والإماراتيين لتقديم مدينة عدن على شاكلة “جنيف”، أي مدينة فاضلة تنعم بالامن والإستقرار ويعيش سكانها حياتهم اليومية بشكل إعتيادي.
ثالثاً: مقابل الضغط الدولي الحاصل إزاء العدوان السعودي على اليمن، تفتح هذه الخطوة الطريق أمام مبادرة من هادي للمطالبة بمؤازرة قوى خارجية لمواجهة الجماعات الإرهابية، مما يعني إضفاء نوعاً من “الشرعية” على التواجد الأجنبي في مدينة عدن. بعبارة آخرى، تمثّل هذه الخطوة ذريعة مستقبلية لمواجهة جملة من القرارات التي قد تصدر عن مفاوضات جنيف، فحتى لو تم الإتفاق على وقف العدوان السعودي، فإن بقاء مرتزقة السعودية والقوة الإماراتية سيكون تحت عنوان مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية في حضرموت، الأمر الذي سيلقى ترحيباً من العديد من الدول الغربية.
أخطأ هادي وحلفاءه في تقديراتهم عندما غابت عنهم أهداف وطموحات هذه الجماعات الإرهابية التي لا تعير أي إهتمام للعهد والحدود، فاليوم حضرموت وغداً ستعود إلى عدن، وصنعاء لو إستطاعت ذلك. في الخلاصة، إن تورّط هادي في صفقات مشبوهة مع مشروع تدمير، يعني إنخراطه في هذا المشروع الذي سيجعله أول الضحايا. إنتظروا قريباً هجمات من هذه الجماعات الإرهابية على مراكز هادي وحلفائه في عدن.
موقع الوقت اﻟﺘﺤﻟﻴﻟﻲ