الجديد برس : رأي
عيسى محمد المساوى
أعلنت دولة الامارات الخميس الماضي عن تطبيعها الكامل مع الكيان الإسرائيلي، ضاربة عرض الحائط بالرأي العام العربي والإسلامي الذي تظن -واهمةً- أنه لم يعد يخيف الصهاينة العرب أفراداً وأنظمة..
هذا الموقف الاماراتي الخطير له دلالات عدة كلها تدفع باتجاه مرحلة قادمة تتداعى فيها باقي الأنظمة العربية المتصهينة للحاق بركب النظام الإماراتي الذي عكس الصورة الأكثر وقاحةً وتجرداً عن الهوية العربية والإسلامية ليعرف الجميع أننا مقبلون على معركة فاصلة لابد لها أن تحدث، وبدون هذه المعركة الفاصلة لن ينتبه المرء إلا وهو نسخة مصغرة من النظام الإماراتي المتصهين.
في هذه التناولة لدلالات التطبيع الاماراتي مع العدو الإسرائيلي سنقتصر على ما يتعلق بالشأن المحلي من زاويتين فقط:
الأولى، أن العدوان على اليمن مؤامرة دولية تلعب فيها الإمارات دور الأداة المنفذة لأجندات الصهيونية العالمية، وأن تركيزها على السواحل والجزر اليمنية يتعدى قضية المصالح الاقتصادية الإماراتية ليجسد بشكل واضح المصالح الاستراتيجية للكيان الإسرائيلي، فأينما تتموضع القوات التي تعمل لحساب الإمارات فهناك العدو الإسرائيلي، من جزيرة سقطرى في البحر العربي إلى جزيرة ميون على البوابة الجنوبية للبحر الأحمر ذي الأهمية الاستراتيجية القصوى للعدو الإسرائيلي، ومن الموانئ اليمنية في المكلا وعدن والمخاء وصولاً إلى الحديدة إن استطاعوا.
الزاوية الثانية: موقع الأطراف اليمنية الحليفة للنظام الإماراتي من الإعراب، وفي أي خندق ستتموضع، هل في الخندق الفلسطيني أم الإسرائيلي؟
من خلال نظرة سريعة على أدوارها في العدوان على اليمن، سنجدها بطبيعة الحال تتخذ موقع المفعول به جرياً على دين ملوكها الإماراتيين، فمن يفرط بكل القيم والمبادئ ويثبت غير مرة أنه أداة طيعة للعدوان على وطنه، لن يتردد للحظة واحدة في التفريط بالقضية الفلسطينية، وسيقول بكل صفاقة أن موقفه الخياني هذا هو من أجل السلام وخدمةً للقضية الفلسطينية كما برر أسياده.
الحقيقة أننا أمام منعطف خطير لا مجال فيه للمراوغة، ولا يصح أن يكون فيه مناطق رمادية، ولا يليق معه التزام الصمت، إذ لا قبول إلا للمواقف الصريحة التي لا لبس فيها ولا غموض، كما هو حال المجلس الانتقالي الذي بدا نائبه هاني بن بريك أكثر هرولة وانسلاخاً عن هويته من النظام الإماراتي، وما كان ينقصه سوى دولة ولو بحجم دار سعد وسنجده في الحضن الإسرائيلي دونما ثمن، فمثل هذه المسوخ التي صنعها العدوان مستعدة أن تبيع ما لا يُباع مقابل أن تشاهد اسمها في شريط الأخبار العاجلة.
ولأن الشيء بالشيء يذكر يبرز تساؤل محوري مفاده: متى سيطل علينا المؤتمر الشعبي العام جناح أبو ظبي بقيادة القيل الحميري السفير أحمد علي ليبارك الخيانة الإماراتية ويرتمي هو الآخر في الحضن الإسرائيلي؟! أم أن هذه المباركة ستكون هي الأخرى من مهام طارق صالح الجندي المطيع للزعيم ونجله أحمد المقاتل الحقيقي في الساحل الغربي نيابة عن الإمارات وعن إسرائيل، والمستعد لقتال الفلسطينيين أيضاً إن وجد من ينقل مرتزقته إلى صحراء سيناء، فاللقاءت السرية خصوصاً التي تمت في قبرص كفيلة بكشف الوجه الأكثر قبحاً على الإطلاق.
هذا القاتل لحساب الصهيونية العالمية سقطت عنه كل الأقنعة ولم تعد السفارة قادرة على إخفاء حقيقة أدواره الخيانية كما حصل طوال سنوات العدوان على اليمن، أما الموقع الحزبي بصفته نائباً لرئيس المؤتمر الشعبي العام فقد أصبح استمراره يمثل للقوى الوطنية في صنعاء وخصوصاً قيادة المؤتمر الشعبي العام اعترافاً ضمنياً بالتطبيع الإماراتي الإسرائيلي، فهل هذا ما يريده المجلس السياسي الأعلى وقيادة المؤتمر ؟!
نحن نعيش في المرحلة الراهنة لحظات فرز دقيقة قادرة على كشف الملامح الحقيقية المتوارية خلف الأقنعة المتعددة، وهذا ما يجب أن تعيه قيادة المؤتمر الشعبي العام وفي مقدمتهم رئيس المؤتمر الشيخ صادق أمين أبو راس لأن تبني المواقف الرافضة للعدوان وللتطبيع الإماراتي الإسرائيلي يناقضها خروج السفير أحمد نائب رئيس المؤتمر عن الإجماع الوطني وبقائه في الحضن الإماراتي مقاتلاً عنها وعن إسرائيل في الساحل الغربي، وكما يقول المثل الشعبي “من ركب على جملين أشترخ”، فيا تُرى هل تتنازل قيادة المؤتمر في صنعاء عن البعير الإماراتي وحاديه السفير؟؟ أم أنها تصرّ على الحفاظ على الوضع الراهن والاستمرار في موقف “الدعممة” من هذه التناقضات؟؟ وهو ما سيقودها لا محالة إلى الاصطدام بحراس الجمهورية الحقيقيين، واللبيب من اتعظ بغيره.