منذ فجر اليوم، خرج المتظاهرون في الضفة الغربية المحتلة، للدفاع عن غزة ومقاومتها وعن القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح. المشهد لم يكن حكراً على الضفة فقط، الداخل الفلسطيني والأراضي المحتلة منذ العام 1948 لا تزال مشتعلة منذ خمسة أيام. الفلسطينيون يهاجمون اليهود في المدن المختلطة، بسبب القمع الذي رأوه ضد سكان القدس والجرائم المرتكبة بحق أهل غزة، إضافة لإلى تواطىء الشرطة مع المستوطنين وحمايتهم في هجماتهم التي شنوها ضد الفلسطينيين في يافا وعكا وحيفا واللد والرملة.
دول الطوق
هذا المشهد امتد إلى خارج الفلسطين، ودول الطوق عادت إلى الواجهة، إذ توجّه عشرات الشبان من لبنان إلى الحدود الفلسطينية. قطعوا السياج الفاصل ودخلوا إلى الأراضي المحتلة قبل أن يطلق العدو عليهم النار ويصيب شاباً في بطنه. أمّا في الأردن فتوجّه المئات إلى الحدود. الجيش الأردني حاول صدّهم بإطلاق النار في الهواء. هكذا كان المشهد اليوم في فلسطين ومحيطها. ما يميّز ما يجري الآن كما قال الشاعر محمود درويش: «يحمل كل عربي قلباً فلسطينياً. الآن كلنا فلسطينيون من غير سوء». وما يميّز ما يجري حالياً، كذلك، هو عودة المعركة إلى مكانها الصحيح «فالشعب الفلسطيني يقاتل على أرضه دفاعاً عن مستقبله على أرضه… والطريق إلى فلسطين لا يمرّ إلا من فلسطين»، أيضاً كما قال درويش.
مشهد جديد
المعركة الحالية «سيف القدس»، أسّست لمشهد جديد في فلسطين وكسرت الصورة التي عملت إسرائيل على مدى سنوات للترويج لها، وهي أن ابن غزة يكره المقاومة ويريد العيش كإبن الضفة لكن فصائل المقاومة خطفته وحرمته من ذلك. هتافات الغزيين مع كل صلية صواريخ أطلقتها المقاومة أثبتت كذب العدو.
الصورة الأخرى التي دمّرتها هذه المعركة هي أن ابن الضفة «تطبّع» ولم تعد تهمّه القضايا الوطنية ويسعى فقط لتأمين قوت يومه. المواجهات منذ فجر اليوم على كل نقاط التماس مع العدو في نابلس وجنين ورام الله والخليل وسقوط 10 شهداء أثبتت كذب ذلك.
وما ساهمت هذه المعركة في كسره هي صورة التعايش بين العرب واليهود في المدن المختلطة في الأراضي المحتلة عام 1948، مكذّبة كل الوثائقيات والدعاية التي سعت إسرائيل لترويجها عبر «نتفليكس» وغيره. إذ أثبتت هذه المعركة أنه لا يمكن التعايش مع الاحتلال مهما طال الزمن، وهو ما أثبتته هبة أبناء عكا ويافا واللد والرملة وحيفا حيث أحرق العرب محلات وسيارات المستوطنين وذلك بعد الاعتداء عليهم من قبل شرطة العدو.
انعكاسات المعركة الحالية لن تنحصر في فلسطين فقط، بل ستنعكس على المنطقة، فهي أثبتت أن تحرير فلسطين أسهل مما كان متصوراً؛ عدّة فصائل صغيرة في قطاع غزة استطاعت أن تذلّ العدو، وأن تستهدف مصانعه ومطاراته وأن تقصف مدنه الكبيرة بشكل مكثّف وأن تعطّل حركة الطيارات لديه وأن تحاصره. فكيف حال المشهد في أي حرب مقبلة مع حزب الله أو مع محور المقاومة.
وجّهت هذه المعركة أيضاً رسالة للمطبعين العرب ولمن ينوي التطبيع مستقبلاً أن إسرائيل لا تستطيع حمايتهم فهي لا تستطيع حماية نفسها، وأن كل الحجج التي استخدموها لتبرير عملية تطبيعهم سقطت.
ما يجري حالياً يصب كلّه في مصلحة المقاومة والفلسطينيين ومحور المقاومة، على رغم من المجازر التي ارتكبها العدو. ومن المشاهد التي تؤكد أن العدو لن يحقق شيئاً، وأن اليد العليا هي للمقاومة، فقد قصف العدو فجر اليوم بطريقة وحشية منطقة الشجاعية شمال قطاع غزة. ولمعرفة حجم الوحشية، فقد كشف الناطق باسم العدو أن 150 طائرة مستخدمة 600 صاروخ ضربت 160 هدفاً على مدى 45 دقيقة. لكن وبرغم من كل هذا الجنون أطلقت المقاومة من نفس المنطقة المستهدفة صواريخها باتجاه عسقلان.
في المعركة الحالية، انتصرت المقاومة منذ يوم الإثنين الماضي، عندما أطلقت صواريخها في تمام الساعة السادسة باتجاه القدس، لكن على العدو الإسرائيلي الاقتناع بذلك!